الشاب حسني.. ما بعد حداثية الراي

خاص- ثقافات

*نبيل محمد صغير

       لقد استطاع المرحوم الشاب حسني أن يعيد لدلالة الحب حيويتها وعبقها الزكي، من خلال خطاب كوني، بكل تناقضات أحاسيس الإنسان المعاصر، كما أنه استطاع أن يحوي خطاب الأنثى وروحها داخل خطاباته، وأنغامه.

      حينما غنى حسني أغنية متبكيش قولي ذا مكتوبي، لا تبكي فهذا قدرك، حاول أن يرد الأمل الضائع إلى نساء الجزائر المحرومات من فضاء الحرية في ظل عشرية دموية، جعلتهن حبيسات المنازل والجدران. واستطاع أن يفكك نسقا راج في زمنه، وهو أن الفتاة ترضى بكل ما يقرره المجتمع من أحكام وتقاليد.

 داخل خطابه لا يكتفي فقط بطرح نسق حياتي واحد، بل  يسرد مجموعة من الشذرات والنتفات، إذ ينتقد فعل الخيانة، ولكن كثيرا ما يعترف به في أغنيات أخرى، وهو ذلك الجنتلمان الذي يسعى إلى طلب الاعتذار دائما، غير آبه بنسق الفحولة الذي يسكن الرجل الجزائري.

     حسني ليس ذلك الشخص الذي يعتبر الرجل مركزا، وأصلا، والأنثى هامش تابعة له، هو صريح في التعبير عن لهفته واشتياقاته للمحبوبة التي فارقته، ففعل البكاء محرم عرفيا عند الرجل الجزائري، لكنه يكرسه بكل شجاعة في أغنيته نهار الفراق بكيت، يوم الفراق بكيت أنا، لقد كان يترجم حياته بكل محمولاتها.

     الحب عند حسني هو تلك المرأة التي لا تفارقه في خيالاته، بكل مزاجيتها، وبكل مزاجية الرجل وخيباته الكثيرة، فهو ليس ذلك الحب السرمدي الحداثي السائر على نسق تسلسي سلس، يكون بطلاه متكاملان مثاليان، هو يؤسس في خطاباته الغنائية لذلك الانسان الواقعي المتناقض، ويبزر هذا كثيرا في اغنية البيضا مونامور، الحسناء عشقي، وهي أغنية مابعد حداثية في طابعها المضموني أكثر من الشكلي.

    وقد تمكن حسني في خطاباته أن يواجه نسق خطاب الموت السائد في العشرية السوداء بخطاب الحياة والإنسان، فأغانيه أسست لخطاب مضاد، أعطى الكثير من الأمل للشباب، وأبعدهم عن شبح الموت الذي ظل يتربص بهم.

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *