خاص- ثقافات
*سرحان النمري
المَيْتُ لا رَأسٌ لَهُ قَبْلَ الّذِي انْقَطَعَا
صِنْفَانِ لِلْمَوتِ الْمُكَرَّرِ
جَاحِدٌ عَنْ نَفْسِهِ
أوْ جَاهِلٌ لِلنَائِبَاتِ سَعَى
خسرَ الوجودَ بجهلهِ
لا مثلُ من يشقى ويبني المجدَ
في أوطانهِ
لولا جياعُ الناسِ ما أعلى وما زرعا
تتبخّرُ الأحلامُ في إقدامهِ وَهَنًا
والسيفُ لولا الذلُّ والحرمانُ ما ارتفعا
والقلبُ إنْ رقَّ الوتينُ بهِ
سُلِبتْ بَصيرَتُهُ وراحتْ تنشرُ البِدعا
والصّخرُ مدفونٌ كَميتٍ في مَقالعِهِ
يَحْيَا بخضرتِهِ إذا بالماء ما نبعا
قاطعْ رؤوسَ الميِّتينَ بجهلِهِ
عوراتُهُ فضحتْ كيانًا يدّعي الورعا
ذئبٌ يمارسُ قَتلَهُ لم يكتفِ ذبحًا وإنْ شَبِعا
هناكَ ما زالَ الفتى في قيدهِ
يقضي عُقوبتَهُ نزولًا أو إذا ارتفعا
والصخرةُ الصمّاءُ كابوسٌ على أكتافهِ
حِمْلٌ يُجددُ بؤسَهُ والذلَّ والهلعا
———–
هَجَّرْتَنِي بِالقَارِ يَا للْعَارِ أيْنَ عُروبَتِي؟
وَصَلَبْتَنِي فَوْقَ الْبِحَارِ وَفِي الْمَنَافِي
كَاسِرًا قَلْبِي الّْذِي قَدْ زَادَنِي وَجَعَا
نَشِفَتْ مَسَامُ مَحَاجِرِي كَمَدًا
وَفِي الْإقْصَاءِ جَفْنُ الْعَيْنِ مَا دَمَعَا
وَطَنِي الّذِي شَيَّدْتُهُ مِنْ الْفِ قَرْنٍ
فَاعْتَلى عَرْشَ الْحَضَارَةِ
صَارَ نَهْبًا للْرُعَاعِ ،
وَمَطْمَعَ الْغُرَبَاءِ
ثَوْبًا بَاتَ فِي دُوَلِ الْحَضِيضِ
وَعَهْدِهَا رُقَعَا
أنْزَلْتَنِي بِئْرًا لُجَاجَا لا قَرَار لَهُ
وَفِي الْسّمَاءِ فَرَاقِدٌ دَوّارَةٌ
تَرْخِي الْعَنانَ لِمَنْ هَوى فِي الْغَيِّ
وَاسْتَقْوَى إذا مَا نَجْمُهُ سَطَعَا
أجْراسُ إنْذَارٍ تَدُقُّ حَزِينَةً
وَلا بِهَذَا الشّعْبِ مَنْ فِي عَيْنِهِ نَظَرٌ
يَرَى الْكَوَارِثَ وَالْدِمِاءَ ،
فَضَيَّعَتْ فِي شُحِّهَا السّمَعَا
قولوا لعذراءِ الكنيسَةِ
هل تبيعُ جدائلا من مرمَرٍ
نَزفَتْ زيوتَ المجدِ حتّى تردعَ الجشعا؟
وهلْ دماءُ العينِ من عينيكِ
يا عذراءُ تحمي معبدا؟
وهلْ نشيدُ المجدِ عمّ الكونَ
حتّى يردعَ الباغي وما ارتدعا
عذرًا لقلبكِ يا بتولُ فإنّ ربَ المجدِ علّما
أن لا نساوم في الوداعةِ
أنقياءَ القلبِ
صنّاعَ السّلامِ
ودربُنا لا يعرفُ الخِدعا
رحماءُ حتّى لو طُردنا
واتُّهمْنا بالشرورِ
فإن شرَّ الناسِ لا يخفى وإنْ هَجعا
قلبُ يُسامِحُ في الدماءِ
وَيرحَمُ الأعداءَ في نَبَضاتِهِ
لا يشتهي الدنيا
لربِ العرشِ قد خَشعا.
________
*شاعر أردني