الرجل العنيد

خاص- ثقافات

* جان تارديو / **ترجمة: عبدالقادر وساط

في منتصف الليل
كان يَطلب الشمسَ
كان يريد الشمس
كان يُطالب بالشمس

في منتصف الليل، أجل
في منتصف الليل
(هل تتصورون أمرا كهذا ؟)

الشمس ! كان يصرخ
الشمس! كان يقول بلهجة آمرة
الشمس ! الشمس !

قيل له: ” لماذا تَطلب الشمس ؟”
أجابَ: ” لأنني أريد الضوءَ
أريد تسليطَ الضوء
على هذه القضية الدنيئة”

قيل له: “أية قضية دنيئة؟”
أجاب: “القضية الدنيئة
القضية الدنيئة التي هي حياتي هذه
أريد تسليط الضوء
على هذه القضية الدنيئة بكاملها”

قيل له: “حياتك؟
منذ متى كانت لك حياة، أيها الشقي؟
أنتَ لم تعش فيما مضى
سوى حياة الآخرين
ومن الواضح أنك شديد الاعتداد بنفسك
ما دمتَ تتحدث عن هذه الحياة
كما لو أنها حياتك
فإذا أنت تماديتَ فيما أنت فيه
فسوف يتم اعتقالك”

أجاب :” أنتم تغيرون وجهةَ الحديث
أكلمكم عن الشمس
وتكلمونني عن الشرطة ”

قيل له: ” أنتَ تبحثُ عن المتاعب
ما دمتَ تطالب بالشمس
في منتصف الليل
ومن يدري؟ فقد تطالب غدا بالظلمات
في وضَح النهار!”

أجاب قائلا: ” وما الذي يمنعني من ذلك؟
أنا لا أفقه شيئا في حساب الساعات
لستُ أعرف الحساب
ولستُ قادرا
على اكتساب هذه العادة أو تلك
كل ما أعرفه الآن
هو أن هناك ظلاما حالكا
وأنني وسط هذا الظلام الحالك
أطلب الشمس! ”

ورغم الجهد الذي بذلناه
لم نستطع أن نُسعفه
ولو ببصيص من ضوء الشمس
في ذلك الظلام الدامس
الذي كان يغمره بأكمله

وعندئذ
حتى لا يَستسلم
عندئذ
فتحَ عينيه على ضوء آخر
مختلف تماما
ثم مات

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *