اكتشاف .. وقصص أخرى

خاص- ثقافات

* منذر أبو حلتم

 ( النهاية )

عندما علم بقرار الإفراج عنه بعد سنوات طويلة لم يعد يذكر عددها ، أمضاها في سجنه المعتم .. ذهب لوداع سجانه العجوز المربوط بالبوابة الحديدية العتيقة. قال له :- أنا خارج .. وداعاً ..

مد له السجان يداً مرتجفة ومسح وجهه القاتم بيده الأخرى، وهمس بفحيح مفجع :

  – وتتركني وحيداً هنا ؟!

( تساؤل )

كان الازدحام شديداً، وباعة المرطبات يعملون بنشاط وهم سعداء بإقبال الجمهور النهم. السيدات السمينات كن يأكلن المكسرات بشراهة، وعندما أحضروني ارتفع صوت التصفيق والصفير ..! اضطر الجلادون لمساعدتي على الصعود للمنصة الخشبية، وعندما وضعوا الحبل حول عنقي .. ساد صمت طويل تخلله لمعات لآلاف كاميرات التصوير.عندما أزيح الكرسي من تحت قدمي وأعلن الجلادون أن كل شيء قد انتهى،  ثار الجمهور غاضبا وارتفعت أصوات الاحتجاج من هنا وهناك .. ( هل انتظرنا كل هذه الساعات من أجل هذه الثواني ؟ ). كنت أراقبهم وابتسامة ساخرة تبدو على وجهي، وضحكت كثيراً .. عندما سمعت امرأة سمينة تضع على وجهها كميات هائلة من مساحيق التجميل تقول لصديقتها وهي تمضغ العلكة بفم مفتوح : – كان منظراً مؤثراً .. ولكن لماذا أعدموه ؟؟

( اكتشاف )

الزعيم الملهم الفذ كان يخطب بحماسة شديدة، والجماهير تصفق بجنون ..  لم أفهم شيئاً مما يقول لكنني كنت مضطراً للتصفيق لأن عشرة على الأقل من الجنود كانوا يراقبونني ..! كنت أشعر أن هناك أمرا ما؛ فالزعيم الملهم الفذ كان يخطب بألم ويضرب الطاولة بقبضة يده، والجماهير تصفق بهستيريا غريبة. اقتربت من منصة الزعيم محاولاً فهم ما يقول، وعندما اقتربت من المنصة اكتشفت سبب ألمه الشديد وغضبه .. فقد كان جندي ثقيل الوزن يدوس دون انتباه على ذيله الطويل الذي يمتد وراءه بترهل ..!

( الشهيد )

كان الشهيد مرفوعاً على الأكتاف، والجماهير الثائرة الغاضبة تسير في الجنازة المهيبة، وهي تهتف للشهداء وللوطن. توقفت المسيرة قليلاً ؛ فزعيم أحد الأحزاب الوطنيه جدا، يريد إلقاء خطاب.

 أمسك الزعيم الوطني جدا بالميكروفون وصرخ :- أيتها الجماهير، سنواصل تقديم الشهداء ! وكان حريصا أن يكون مواجها لكاميرات التصوير التلفزيونية .. زعيم ثوري جدا آخر .. شعر بالغيرة، وأمسك بالميكروفون وصرخ بصوت أكثر ارتفاعاً :  – أيتها الجماهير، سنواصل تقديم الشهداء زعيم ثالث ورابع وعاشر. فجأة قام الشهيد من نعشه. بصق في وجوههم جميعاً، وحلق دون جناحين إلى شوارع القدس .. ليواصل المقاومة.
________
*كاتب أردني مقيم في الكويت

 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *