خاص- ثقافات
*عبد اللطيف رعري
1
الأشْبَاحُ التِّي بَينَنَا اسْتَرْقَدَها الأَبَدُ
فَانزَعَجَ مِنْ مَيْلِنَا الرِّيحُ
وَطُولُ البحْرِ مَقْدُودٌ لِمَن وَجدْ
مِنْ مَتْرَعِ الغَضَبِ
مِنْ أكْوَامِ الحَطَبِ
فَرَّخَ قَحْطاً بِالدِّيَارِ ونَصَبْ
وَحَطَّتْ فِي سَابِعِ حُوشٍ
والنّهْرُ يَزعَمُ زُمْرَة وُحُوشٍ
تَرْقُبُهُ النِّيرَان بِسِحْرٍ مَرشُوشٍ
جَمْرَة لِسَانُهَا قُدّ مِن جَحِيمٍ
قِيلَ إنّهُ سَقَرْ
قِيلَ إنّهُ شُرَرْ
والصّوَابُ عِنْد أهْلِ الحقِ نَظَرْ
فَاصْفرتِ الأشْجَارُ
فَأَرْكَنَتْ وَقَارَهَا
فِي كُومَةِ أعْوَادٍ تَشَكّلَتْ حَجَرْ
كَانَ النَّهْرُ يَرْعَاهَا
لِهَجْرٍ مُنتَظَر
2
الأشْبَاحُ التِّي بَينَنَا اسْتَنْفَذتْ وَلاَ أَحَدٌ
فَاهْتَزَتْ مِن مَيلِنَا الأرْضُ أمْرَارٌ
بِغَضِ النّظَرِ
وَالّلهِيبِ يَعِدُ الشّرَر
فَانْفْجَرَ البُرْكَانُ
وَاعْتَمَرَتِ الأصْنَامُ
وَحَلَّ عَلَى الأَيْتَامِ سُلْطَانُ
وتَقَشْعَرَتْ الابْدَانُ
فَاحْتَمَتْ بِدَاخِلِ حَزْمَةِ تبنٍ
كَانَ القَهْرُ يَحْضُنُهَا
لِجَفَافٍ مُعْلَنٍ
3
الأشْبَاحّ التِّي بيْنَنَا تَلَاشَتْ حَتّى نَكَدْ
ولا مَددْ عُدنَاهُ وَلاَ مَدَدْ
لاَ سَنَد فِي عُرْفِنَا وَلاَ سَنَدْ
فَاحْتَرَقَتْ مِن مَيْلِنَا السّمَاءُ
فَحَطّ الغَمَامُ
وَمَاتَ الحَمَامُ
غَضَبَتِ النُّجُومُ
فأسَقَطَتْ فُتَاتَ الأجْرَام
ورَقّصَتْ فِي البَحْرِ أشْبَاهَ الطّحَالِبِ
والنّْسْرُ مَكْلُومَ المَثَالِبْ
تمَرّغَتْ فِي دُنْيَاهُ الثّعَالِبْ
وشَمَّرَتْ عَلَى العِنَادِ مَصَائِبْ
لهُجومٍ مُفتَرَضٍ
4
الاشْبَاحُ التِّي بَيْننَا اسْتُهْدِفَتْ لِلأَمَدِ
فَاخْتَلَّتْ مِن مَيْلِنَا السّاعَاتُ
فشُلّتِ ألأرْقَامُ بالمِئاتْ
وتَدَنّتْ العَقَارِب بِالشّتَاتْ
صَارَ الحَالُ حَالَاَتْ
وصَارَ اليَسّارُ واليمِينُ بهَاتْ
وصَارَ الوَسطُ بَينَهُمَا للعُرَاة
وَصِرْنَا أعْدَاداً فِي سِجِّلاَتِ
إدَارِية يُحَرِّكُهَا الإقْطَاعُ
سُخْرَةً لِلضِّبَاع
وَأوْبئِةَ البِّقَاع
5
الأشْبَاحُ التِّي بيْنَنَا تَنَصَّلَتْ رُوحَ الجَلَدِ
فَقَستْ مِنْ مَيْلنَا الأقْدَاحٌ
فَتَدَلّتْ لِوَمْضِهَا القُراحُ
والبَقِيّةُ عَلَى مَنْ شَهَدْ
بلْ أوزَارُهَا مِلْحٌ مِن جَبل
والجَمَلُ وَمَا حَمَل
ولا يَزِنُ الوَزَرُ وِزْرَ أخْيهِ
وعَرشُ الرّحْمانِ فِي أمَلٍ
وَسَلاطِينَ البّر فِي دُمَّلٍ
وَمِن أوْلِيَاءَ الأمْرِ مِنْهُمْ قَنَاطر نَدَمٍ
السّلاسِلُ والأغْلالُ
تُذْمِي مَعَاصِمَ الأحْرَارِ
والزُقْمَةُ كُحْلٌ للْعُيُونِ
والقَطْرانُ لِمَنْ بِهِ غَلَلٌ
يَمْشُونِ ألْفَ عَامٍ
يَبْكُون بِلاَ بَلَلٍ
يَدُوسُونَ حُفَرًا عُمْقُهَا طَلَلٌ
مَخْطُوفٌ وَهْجُهَا لأجَلٍ
تَرْقُبُهَا خَفَافِيش بِأعْنَاقِها مَلَلٌ
مِنْ مَيْلِنَا
مِن رَمْقِنَا
مِنْ وَهْمِنَا كُلُّ الأْشْياءِ غَاضِبَةٌ
نَاضِبَةٌ
حَاصِبَةٌ
والجَمرُ بهَا حَريقٌ لاَ يهْدَئُ