من أشعار ليوبولد سنجور

*ترجمها شعرًا: محمد محمد السنباطي

• ليلة من ليالي السين

أيتها المرأة

مسي بيديكِ الشافيتين الناصعتين جبيني

في الأعلى نخلاتٌ تتمايسُ هامسة في النسمات العالية الليلية

حتى.. لا صوت لمرضعة تترنم لوليد

فليحملنا الصمتُ المتناغم، ولنصغِ إلى أغنيته

ولنسمع دمنا الداكن

ولنصغِ إلى أفريقيا

نبضاتِ الأرض المحجوبة بضباب قراها المختفية

ثمة قمر سئِمٌ يتحدر نحو سرير البحر الساكن

ونعاس يلوي أعناق الضحكات

ورواة يغلبهم طيف النوم كطفل تحمله أمه

تتثاقل قدما الراقص ولسان الكورسِ

هذا وقت النجم الساهر

والليل الحالم يتراءى مكتئبًا فوق روابي الغيم

ومرتديًا جلباب حليب

تلمع أسطح أكواخ القرية،

ماذا تبغي الأكواخ البوح به للنجمات؟

في الداخل… ينطفئ الموقد وقد ائتلفت

رائحة عاطرة بروائح حريفة

فأضيئي بالزيت الصافي مصباحًا كان الأسلاف

يحيطون به في ألفتهم والأطفال نيام

ولنسمع أصوات قُدامَى “إلسا” المنفيين

لم يكن الموت هوايتهم لكن الرمل

ابتلع الحَبَّ المبذور

في هذا الكوخ الداخن يجدر بي الإصغاء

للأرواح الطاهرة ورأسي في صدرك هذا الدافئ

كالخارج من لعنة نار ودخان

ولأستنشق عبق روائح موتانا

ألتقط وأتلو وأردد صوتهم الحي

ولأتعلم أن أحيا قبل نزولي كالغواص

إلى أعماق النوم العليا

• المرأة السوداء

يا امرأة ً عارية ً

يا امرأة ً سوداء

تـتغطين بثوبك وهو حياهْ

وبتكوينك وهو جمالْ

وأنا حيث درجت بظلكِ، ونعومة كفيكِ تغطي عينيّ

إذا بي أكتشفكِ يا أرضَ الوعد، بقلب الصيف ، ورائحة الظهر

ومن قمة جبلٍ متكلسةٍ أرقبكِ

جمالكِ يصعقني، برقا يصعق نسرًا

يا امرأة عاريةً

يا امرأة غامضةً

يا فاكهة ناضجة، متماسكة التكوين، فتية

يا نشوة خمر قاتمة سوداء

ثغرك يغري بالشدو فمي

يا أرضا مترامية تحت الآفاق الصافيةِ وترتعد لهدهدة الريح الشرقية

يا طبلة غزو نحتت نحتًا

شدت كي تهدر تحت أصابع منتصر ٍ

صوتكِ حاد ومُرنٌّ فهو غناءٌ روحيٌّ من محبوبهْ

يا امرأة عارية

يا امرأة سوداء

يا زيتا لا تجرح صفحته الأنفاس

زيتا من خاصرة مصارع

أو أحضان أمير من مالي

وغزالا والقيدُ سماويٌّ

ولآلئ بسمتك نجوم تتناثر فوق ليالي بشرتكِ

وعذوباتُ مراح الروح

لمعات الذهب الأحمر، يتضوأ جلدكِ ، أما شعركِ

فعذابي يتألق في ظل الخصلات شموسًا دانية في عينيكِ

أيا امرأة عارية

يا امرأة سوداء

إني لأغني حسنك وهو العابر لأثَـبته في الأبدية

كي لا يختصرك هذا القدر الغيران إلى ذرات رماد

أو يجعل منها طعما لجذور حياة.

_____

*ميدل إيست أونلاين

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *