الأسد في ليبيا

خاص- ثقافات

محيى الدين كانون *

سألَ حكيمُ أسدَ الغابةِ  :
– مَنْ جعلكَ مَلكاً للغابةِ .؟!
تَحَنْحَنَ الملكُ ، وتفرّسَ في حركةِ الملأَ مِنْ حَولِه ، وقالَ مُفْتَخِراً  :
– جَعَلتْنَي مَلكاً بَاقِي الوحوشِ التي تَراها أمامي تسْعى .
–  كيفَ ؟!
– أنْتم تسمونه “مبايعة” أو “صندوق اقتراع “أو “تنازل” أو “عقد اجتماعي موثق ” أو “اتفاق وتوافق” .
ضَحِكَ الحكيمُ قائلا :
– أنت عارفُ باختراعاتِ البشر و حلولِهم في حُكْمِ غابتِهُم .!
ردّ مَلك الغابةِ مُتَبَرِماً مِنْ  نغْمةِ ” التعالم البشري الزائدة “عن الحَدّ :
– لا فرْقَ هي نفْس المشكلةِ التي  تَطْلبُ ” حَل عَمَلي ” .

– ما هو الحل العملي ؟!
– انظرْ بِعقلكَ …. هذه الأغصانُ جَميعُها بفروعِها المتعددةِ والمختلفةِ الإتجاهات قد تكاثفتْ لتكونَ هذه الشجرةِ الجميلةِ الباسقة التي تراها .
ثم أضافَ مزمجِراً نشيده بِتحيّةِ ممْلكتِه الآمِنة وهو يُحدّق بعينين ساكنتين في  أرْجاء الغابة :
–  كلُّ هؤلاءِ الوحوش الوديعة التي تراها قد تنازلَ  كلُّ واحدٍ منْها عن وحشيتهِ طواعيةً ، وبطيبِ خاطرٍ مقابل “غاية واحدة نبيلة ” هي تخويلي عملياً : ” أن أحفظَ دمائَهم وأثبتَ ميزان العدلِ بينَهم .”

ألتفت ملكُ الوحوش في اتجاه الغابة السادرة  في الهدوء والسكون ، ثم نظر للمحاجج  مُخْترِقاً كيانَه  وشفرة جينومه الثقافي   :
– أليْس أنتَ  من  أرومة  الليبية … أصيب بلدكم   الحبيب  بعدوي ولوثة الربيع  العربي  المتأخرة  جداً  ؟!…
– كيف عرفت ؟!
– العالم كله بات  يعرفكم ؟!
ثم أدار رأسه إلى أعلى ، وكأنه  يفتش في زُرْقةِ السْمَاءِ عن  شيءِ  وقَالَ :
ــ  حتي مملكة الحيوان في الغابة  وصلها خبركم  .

* كاتب وأديب من ليبيا

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *