خاص- ثقافات
كتاب نقدي من تأليف الباحث العراقي الدكتور وليد محمود خالص يقع في 3 أجزاء و صدر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر آب / 2016.
يعنى هذا الكتاب بتقديم مادة نقدية هي أقرب إلى (الاكتشاف) الجديد للمراحل التي مر بها النقد العربي القديم منذ بواكيره الأولى في العصر الجاهلي ، مرورا بالعصور : الإسلامي ، فالأموي ، فالعباسي ، بحسبان أن هذه المادة النقدية (الجديدة) لم تنل من عناية دارسي النقد العربي القديم – وما أكثرهم – اهتماما يذكر ، لاسباب كثيرة ، منها صعوبة العثور على هذه المادة ، من حيث تفرقها في بطون المصادر ذات المشارب المعرفية المتنوعة ، وغياب الاعتقاد في أن هذه المصادر من الممكن أن تحفظ بين دفتيها مادة نقدية ثمينة ترفد كتب النقد العربي المتخصصة ، مع الحضور الشائع الذي لم يقم على استقراء كاف من أن العرب لم يكن لهم (نقد أدبي) يذكر قبل اتصالهم المنفتح على ثقافات الأمم الأخرى ، وخصوصا الثقافة اليونانية ، وقد تناسل عن هذه الأسباب كثير من الغبش ، واضطراب في الرؤيا ، واهتزاز في النتائج.
وقد تحمل هذا الكتاب تجاوز تلك الأسباب ، من خلال نخله كتاب ( الأغاني ) لأبي الفرج الاصبهاني ، الذي يعد – بحق – موسوعة معرفية كبيرة حفظت ، من ضمن ما حفظت ، التراث العربي الذي سبقها وعاصرها فيما بعد ، وكانت هذه العملية محاطة بالمشقة ، محفوظة بالعقبات ، لاتساع الكتاب ، وتفرق المتن النقدي فيه ، غير ان النتائج كانت باهرة أضاءت جوانب من النقد العربي القديم لم تمسسها يد الدراسات السابقة ، ورفدت الفكر النقدي العربي بمادة ثرية خصبة ، وأثبتت أن الجهد النقدي رافق العرب منذ البدايات ، في العصر الجاهلي ، وأخذ طريقه إلى النمو والنضج ، متاثرا بما أصاب الحياة العربية عامة من تحولات مفصلية كانت (الثقافة ) واحدة من وجوهها المتنوعة.
ولم يلق ذلك (المتن) النقدي ، هكذا ، بلا نظام أو ترتيب ، بل انتظم تحت عشر قضايا ، هي القضايا الكبرى التي عالجها النقد العربي القديم في مراحله المتتابعة ، وسبقت كل قضية من القضايا مقدمة تفصح عن مفاصل القضية ومحاور نصوصها الرئيسة ، مع تصدير عام (في موجبات الإفادة من التراث النقدي العربي) ، يليه (استهلال) ، فمقدمة هي الأولى ، فصلت الحديث عن مكانة كتاب (الاغاني) بين كتب الادب والتراجم ، مع الاعتناء بإبراز الجانب النقدي ، وظهور شخصية أبي الفرج النقدية من خلال ما بثه فيه من آراء ونظرات. وعمل الباحث على تزويد النصوص بهوامش متنوعة توضحها وتنير السبيل إلى تفاصيلها ، مركزا على ما حوته من إشارات نقدية ، واهتمام خاص بإشكالية (المصطلح النقدي)، من حيث رصد توظيفه الاول ، وتتبع جذوره ، واستمرار نضجه ، ليقر في كتب النقد المتخصصة فيما بعد.
ويأمل هذا الكتاب ، بمتنه النقدي القديم ، ومقدماته ، وهوامشه ، أن يكون فاتحة لتغيير ما استقر عن صورة النقد العربي القديم ، من خلال ما يبسطه من متن نقدي (جديد) ، والتنبيه على المكامن النقدية فيه.
يقع الكتاب في 1766 صفحة من القطع الكبير.