*يوسف أبولوز
يحتفظ أرشيف اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات بمادة وصور أمسية الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف التي نظَّمها له الاتحاد في العام 1985 أو 1986 عندما كان مبنى الاتحاد في أول شارع عبد الناصر في الشارقة من جهة جسر الخان (كان آنذاك دوار الخان)، وأذكر أن قاعة الاتحاد غصّت بالحضور من كتّاب إماراتيين وعرب مقيمين، وكان الشاعر عبد الله البوريني من أكثر النشطين ثقافياً في تلك الفترة وبخاصة في فعاليات النادي الثقافي العربي، وهو درس في موسكو ويمتلك لغة شعرية صافية، وإذ نفتقده اليوم شاعراً وصديقاً وناشطاً ثقافياً، فإننا نفتقد في الوقت نفسه ذلك الحراك الثقافي الإيجابي المثمر والحيوي في منتصف الثمانينات، ونعرف اليوم كم كانت الأسماء والأقلام التي قام عليها ذلك الحراك مخلصة للكتابة، وأكثر من ذلك.. كم كانت مخلصة للقراءة أيضاً في وقت نشطت فيه دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وأخذت في التأسيس لحركة ثقافية أدبية فنية نعاين اليوم امتداداتها ليس على المستوى المحلي والعربي والخليجي فقط، بل، وعلى مستوى العالم ومراكزه الثقافية المرموقة.
ما أود الإشارة إليه، بكلمات بسيطة هو «الأرشيف».. الثقافي في تلك الفترة، فهو مادة تاريخية وثائقية تشكّل معمار الذاكرة الثقافية للمؤسسات التي رَعَت، واهتمت بالنشاط الثقافي المبكر في الإمارات مثل الدائرة، واتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، والنادي الثقافي العربي، وقاعة إفريقيا، ومبكراً أيضاً حرصت جمعية التشكيليين على إقامة مجموعة معارض فردية وجماعية لمجموعة من الفنانين الإماراتيين الشباب، وبعضهم اليوم وصلت لوحته إلى العالمية ليس من الناحية المعنوية القيمية فقط، بل ومن ناحية سعر اللوحة وتقييمها المادي.
أرشيف هذه المؤسسات التي كانت، وبعضها ما زال نشطاً ثقافياً هو أرشيف مهم جداً من ناحية التأريخ والتوثيق كما ذكرنا ذلك قبل قليل، فقد زار الإمارات وشارك في فعاليات مؤسساتها الثقافية مئات الكتاب والفنانين، والنقاد والمسرحيين، والروائيين، والقصاصين، والناشرين، والشعراء، والمفكرين.. ومنهم على سبيل المثال فقط: يوسف إدريس، وجابر عصفور، وصنع الله إبراهيم، وأحمد عبد المعطي حجازي، وحيدر محمود، وناصر الدين الأسد، وحبيب الزيودي، وأحمد دحبور، ومحمود درويش، وعبد الله البردوني، وعبد الوهاب البياتي، والطيب صالح، وسعيد عقل، وجبرا إبراهيم جبرا، والطاهر وطار، وعلي حرب، والمنصف المزغني، وعبدالله الغذامي، وليلى العثمان، وسيف الرحبي، وأدونيس، هذا إلى جانب صف آخر من الكتّاب والفنانين من دول العالم وثقافاته الغربية والشرقية.. زار الإمارات الكاتب النيجيري وول سونيكا، ومستشرقون، وكتّاب يابانيون، وفي السنوات العشر الأخيرة أصبح معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب مسرحين عالميين مفتوحين للكثير من كتّاب وروائيي العالم.
ولعلي هنا أشير بشكل خاص إلى أرشيف السبعينات والثمانينات لما فيه من حيوية وغزارة ونوعية الأسماء الثقافية التي تُعدّ أعمدة في الثقافة والفكر والآداب والفنون في الوطن العربي.
الأرشيف ينقسم إلى مادتين.. المادة الأولى تتألف من أوراق العمل والأشعار والدراسات والبحوث والمداخلات التي تقدم بها ضيوف تلك المرحلة إلى المؤسسات الثقافية التي استضافتهم.. والمادة الثانية تتألف من الصور.. سواء أكانت صوراً فوتوغرافية أم كانت صوراً «فيديوية» أو تلفزيونية مسجلة على أشرطة أو على أية وسائط أرشيفية.
الأرشيف الثقافي الفوتوغرافي والصوتي والمرئي والمادة المقروءة هو ليس ثروة تاريخية وثائقية فقط، بل هو أيضاً ثروة ثقافية سواءً من حيث المادة التي تقدم بها ضيوف الإمارات للمؤسسات التي استضافتهم في سبعينات وثمانينات القرن العشرين، أو، من حيث الصور ببعديها التاريخي والفوتوغرافي الفني.
الأرشيف الثقافي لمؤسسات العمل الثقافي في الإمارات مَن يجمعه، ويصنفه، ويهتم به على مستوى عمل بحثي مؤسساتي منظم؟؟.. نأمل أن تبادر جهة ثقافية إماراتية إلى هذا العمل التاريخي المهم.
__________