الوجه العاري ( نَاوْ سْمُوكِين)


*عبد القادر لحميني


خاص ( ثقافات )
لا شيء يستره ، والنساء العابرات يختلسن النظر حول غابة خصره ، ويتبادلن الغمز فيما بينهن في تأفف ظاهر ، السيجارة التي يتطاير لهيبها مع حركة يده ، تسحبه من ضجيج الهذيان وترمي به في صمت ، كي يمعن النظر في الرأس المشتعلة للعقب ؛ الكل يتعاطف ، إذا أجبرت على خلع الملابس قسرا ، ولا أحد في المقابل يتسامح ، وأنت تتخلى عن ما يميزك بمحض الإرادة ؛ على اللافتة العريضة صورة لكهل ، ومساء المدينة يبحث عن ملاذ قبل متم السادسة ويختفي وراء البهرجة وأضواء النيون ، بَّانِينُّو كَّاسْبَّاريكا ، قبعة وسيجار، كاتب كبير؛ غير بعيد عن بائعات الرغيف ، تصطف السيارات ،وتقف النخبة من شعراء وروائيين وكتاب قصة عند المدخل ، الكلام عن ،الكاتب الكهل ، هو الذي يأخذ بناصية القول ، و ترديد الاسم الرنان، بَّانينُّو كَاسبَّاريكا ، هو ، وحده ، تلك الشجرة الهزيلة التي يجتمع حولها المترفون.
أيام قضاها في سجن بُّوسْيُّو سَلاَفارَا ومشاركة في مظاهرة طلابية بالعاصمة كَّاسيمُوتو كَّاما ، جعلت منه كاتبا كبيرا يطفو على السطح متربعا خارج النقد و المساءلة ، قراءة بَّانينُّو كاسبَّاريكا، هي مؤامرة ، ودعوات الاحتفاء به خارجا ، مصل يضاف إلى عروق ميتة أصابها التلف ، هو ركوب الظل على الجسد ، أو هو الأدب على مطية النضال ، الذين يصفقون على نصوصه ، هم يستحضرون ، عينه المفقوءة وأيام قضاها في بُّوسْيُّو سَلاَفارَا،أقصد ،السجن؛ غيمات التصفيقات تتجاوز المرأب والحديقة العمومية ؛ الحضور يسجل بالعرق والبخار المتصاعد وعدد الكراسي الممتلئة ؛ ” ممنوع التدخين ” قلادة تزين رقبة القاعة ، حرص المنظمون على كتابتها بلغة الضيف ” نَاوْ سْمُوكِينْ” ، مخالفة المألوف هو عزف خارج الإيقاع ، طلب بَّانينُّو كَّاسبَّاريكا المنفضة ، وأشعل السيجار ، و أمام هذا الفعل ، ارتجت القاعة وصفق الجميع ، احتفاء منهم بالسيجار البني أو بتطاول صاحب السيجار، بَّانينُّو كَّاسبَّاريكا ، لا منفضة سجائر في القاعة ، أعاد قراءة “ممنوع التدخين ” بصوته الرتيب ” نَاوْ سْمُوكِين” …”نَاوْ سْمُوكِين” ، وإلى جانبه المترجم يردد العبارة نفسها ” لا للتدخين “..” لا للتدخين” ، ارتجت القاعة وصفق الكل ؛ أمام الميكرفون كانت لحظة صادقة ، ما ينفثه الكاتب ، بَّانينُّو كَّاسبَّاريكا من دخان رديء داخل القاعة ، تستنشقه النخبة من شعراء وروائيين وكتاب قصة بانتشاء ؛ الكل يتعاطف ، إذا أجبرت على خلع الملابس قسرا ، ولا أحد في المقابل يتسامح ، وأنت تتخلى عن ما يميزك بمحض الإرادة .. . 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *