*يوسف غيشان
خاص ( ثقافات )
في عصر المماليك الذي تم افتتاحه رسميّاً عشية انهيار الدولة الأيّوبيّة باغتيال شجرة الدرّ ، وانتهى بالاحتلال العثماني للعالم العربي .. في ذلك العصر الملتبس ، الحائر بين البطولات الكبرى والهزائم المدوّية ، بين العلم والجهل ، وبين وبين وبين .. من ذلك العصر ، لا يهمّنا هنا سوى مصطلح ( الدوادار ) ، وربما مصطلح آخر هو ( جاشكنير ).
الدوادار ، تعني بلهجة المماليك (التركية على الأغلب) حامل الدواة ، وتعني تحديداً الكاتب . نقصد الكاتب الذي يعمل مع الحكومة للتدوين والتخمين ، وما بينهما من قضايا تتعلّق بالحبر والدواة ، والكتابة للولاة و تحديد قيمة الضرائب ، ناهيك عن تحرير الاتفاقات العلنيّة والسرية مع الإقطاعيّين وغيرهم من الأمراء الأقوياء أو الخصوم المنافسين.
أمّا الجاشكنير ، فهي مهنة رفيعة كانت تطلق على رجل بعينه ، كانت مهمته تقتصر على الأكل من الطعام قبل أن يأكل منه المملوك المناوب ، خشية أن يتمّ تسميمه ، يعني هو ذوّاق مأكل و مشرب السلطان ، ليس لغايات التمتع ، بل لغايات التأكد من خلوه من السمّ.
بين الدواردار و الجاشكنير كانت تدور المعارك للاستيلاء على السلطة، التي كانت تنتهي على الأغلب لصالح الجاشكنير ، الذي كان يسمّم معلّمه ويستولي على السلطة ، ويعيّن له جاشكنيراً جديداً لا يلبث أن يستولي على السلطة بالطريقة ذاتها ، وفي حالات قليلة تمكن الدوادار من الاستيلاء على السلطة ، لأنه كان يعرف ألاعيبها ونقاط ضعف السلطان ويستغلها لصالحه ، لحين أن يفهم الدواردار الجديد اللعبة، ويستولي على السلطة.
الغريب أن أمر تداول السلطة في ذلك الوقت كان يتمّ بتكرار مملّ ، دون أن يستفيد السلطان الجديد من خطأ السلطان القديم ، وكان أبو الطبايخ يستولي على السلطة ويقع في الخطأ ذاته أمام جاشكنيره الجديد أو دوارداره الطامح .
ترى.. هل اختلفت المعادلات حالياً في العالم العربي ؟؟
ghishan@gmail.com
__________
*كاتب أردني