*حازم شحادة
خاص ( ثقافات )
تلقيتُ دعوةً إلى العشاءِ من صديقي الجديد الدكتور عيسى وقد فاجأني بإصرارهِ الغريب على الحضور رغم كل الذرائعِ التي قدمتها.
العلاقاتُ الاجتماعية ليست من اهتماماتي الشخصية غير أنَّ الودِّ واللطفِ في دعوته بالإضافة إلى الإصرارِ لم يتركوا أمامي مهرباً… فذهبت.
سبقَ وأخبرني أنه سيكونُ وزوجتهُ بانتظاري عند التاسعة من مساء اليوم.
ارتديتُ بزتي الرسمية وابتعتُ باقةً من الزهور كمجاملةٍ على اللطف الذي عاملني به وسيلِ المديحِ بحقِّ ما أكتبه من شعرٍ وقصص.
لم يكن المنزلُ بعيداً جداً حيث استغرقَ مشواري إليه بسيارتي أقل من نصف ساعة.
ركبتُ المصعدَ إلى الطابق العاشر من البناء الذي دلني عليه ثم توجهتُ إلى الشقة رقم 05 وقرعتُ الجرسَ فاستقبلني عيسى بابتسامته المشرقة المفعمة بالتفاؤل.
كان يرتدي قميصاً أزرقاً وبنطالاً أسوداً ساعداه بأناقتهما على زيادة وسامته وعندما عانقني بحرارة شممتُ عطر ( شادو) الذي أحبه ينبعثُ من ياقة قميصه.
في الداخل وقفت الزوجة مرحبة بي.
امرأةٌ ثلاثينية تفردُ شعرها الأسودَ على كتفيها وترتدي فستاناً زهرياً يظهرُ ساقيها الطويلتين حتى ركبتيها.
عيناها سوداوان أما البشرة فبيضاء نقية والقدُّ ممشوقٌ وقد كانت بحق شريكة جميلة ومناسبة لصديقي الذي لم يمضِ شهرانِ على تعارفنا في إحدى المناسبات التي كنتُ أغطيها كصحفي.
قدمتُ للسيدة باقة الورد فشكرتني بلطف وطلبت مني أن أستريح.
كان صالون المنزل واسعاً ومليئاً بالتحفِ الأمر الذي أشعرني بالراحة تجاه حبّهما للفن بشكل عام.
قالت..
ـ أنا من أشدّ المعجبات بما تكتبه..
كنت قد استغربت من ذلك حين قاله لي الدكتور عيسى..
خاطبتها بود..
ـ أنت لست صديقتي على صفحة التواصل الخاصة بي ولا أذكر أنكِ أرسلتِ لي طلب صداقة من قبل..
ضحك عيسى وأخبرني أنه يقرأ لها ما أكتبه عن طريق صفحته .
شكرتهما على لباقتهما متمنياً أن أكون عند حسن الظن دائماً وبعد أن استأذنتهما.. أشعلتُ سيجارة..
دخلت منى ـ وهو اسمها كما علمت فيما بعد ـ إلى المطبخ لتعد فنجاناً من القهوة كما أحبها..بدون سكر.
رحنا نتحدثُ عيسى وأنا في الشأن السياسي وعندما عادت احتجت وقالت:
ـ لا أريد الحديث في السياسة فرأسي يؤلمني عند ذكرها.
ضحك عيسى وقال:
ـ سمعاً وطاعة..
قلت مازحاً:
ـ هذه (السمعاً وطاعة) تنطبق عليك وحدك…
فضحكنا جميعاً.
بعد فترة كانت طاولة العشاء جاهزة فجلسنا متقابلين عليها عيسى وأنا بينما جلست منى بيننا على رأس الطاولة.
رحنا نتناولُ الطعام فشعرتُ بشيءٍ لامسَ ساقي.
في المرةِ الأولى لم أعر الأمرَ أهمية لكن عندما تكرر الموقف تيقنتُ أن قدم منى تحتك بها..
يا لتلك الأصابع ذات الملمس الشهي..
رباه..
ما هذا الذي يحدث هنا..
زوجها يجلسُ إلى جوارها وقدمها على ساقي أنا..
بدأت أتصبّبُ عرقاً.
أزمة أخلاقية تجتاحني..
صديقي اللطيف يجلسُ أمامي في منزلهِ وزوجتهُ من على يمينه تتحرش بي..
هل أذهب؟
هل أخبره؟
ما هذه الحماقة..
كيف سأخبره..
اللعنة.
نظرتُ سريعاً في عينيها فرأيته هناك.
شيطانُ الشهوة يجلس متربعاً.. يبتسمُ.
ـ سُفرة دائمة..
قلت ونهضت.
لا أريد هذه اللعبة القذرة..
لو كانت عزباء أو امرأة شخصٍ لا أعرفه لما ترددت دقيقة في مضاجعتها على طاولة الطعام..
ولوضعت بعضَ السلطة فوق نهديها والتهمتهما.
أما أن تكون زوجة صديقي.. فلا.
احتجّ عيسى على نهوضي باكراً فتحججت بالحمية الغذائية..
قالت هي بخبثٍ:
ـ ربما لم يعجبهُ.. المذاق..
أجبتُ بغصّة:
ـ على العكس..
المذاقُ شهي لكن يكفي ما تناولته.
كان ملمسُ أصابعها يضربُ زلزالاً داخل جسدي..
أشعلتُ سيجارة وعدتُ إلى مكاني في الصالون أسترجع ما حدث..
لا تكرهوا منى..
لم تلمس قدمها ساقي سوى مرة واحدة.. وبالخطأ..
ولم يكن في عينيها شيطانُ الشهوة جالساً بل في عيني.
كلُّ ما حدث كان من أثر الفراشة..
( تضربُ الفراشة بجناحيها الهواء في مكان ما فيحدث إعصار في مكان آخر..
قد يكون هذا المكان.. داخل الجسد).