كيف توالد الساخرون


*يوسف غيشان


خاص ( ثقافات )
استمر الطفل يضحك ويضحك ويضحك، هجم عليه الناس في حضرة الإمبرطور ، وحاولوا اغلاق فمه ، لكنه استمر يقوم بإشارات بيديه الصغيرتين الضعيفتين ،أمام زنود الكبار القوية، وكلما خف الضغط قليلا على فمه كان يصرخ ضاحكا:
– الإمبرطور عار كما ولدته امه…ها ها ها هو هو هي ي 
لم يفهم الإمبرطور ما يجري ، رأى هذه التجمع الغريب من بطانته والسادة الأعيان والوزراء والنواب والمقربين له وهم يهجمون على طفل ضاحك.
لم يعرف الإمبرطور لماذا يضحك الطفل ، ولماذا يهاجمه بعض السادة الوزراء والأعيان ويحاولون تكميم فمه وردعه عن الضحك وهو يشير الى الإمبرطور.
الإمبرطور في تلك اللحظة كان سعيدا فقد تعرف على خياط عبقري ، وعده بثوب ليس له مثيل ، وهو ثوب كامل الشفافية ، ولا يراه سوى المحبون والموالون ، وكل من لا يرى الثوب يكون من أعداء الإمبرطور..هكذا قال له الخياط الذي استمر أسبوعا يخيط هذا الثوب بإبرة وهمية وقماش وهمي، بينما الإمبرطور يقف عاريا في حضرته.
اكتمل الثوب أخيرا، وها هو الإمبرطور يقف، بكامل هيبته، أمام كبار رجال دولته الذين عرفوا من الخياط بأن الثوب لا يراه سوى الموالون والمحبون من رعيته .
– كم أنت رائع بهذا الثوب العظيم يا مولاي
– إنه ثوب يبين مصادر قوتك وعظمتك
– انظروا للآلوان كم هي زاهية ….
– ساحر
بهذه الكلمات وما يشابهها واجه السادة الكبار الإمبرطور في ثوبه الوهمي.
وحده الطفل الذي لم ير سوى امبرطورا عاريا فطفق يضحك ويضحك. طبعا لم يجرؤ السادة الكبار على إخبار الإمبرطور عن سبب ضحك الطفل ، وسحبوه من بينهم وهو يضحك ويضحك ويشير، ولم يأبه الإمبرطور للأمر كثيرا ، فهو مزهو بثوبه الشفاف.
انتهت القصة ، لكن الطفل استمر يضحك ويضحك ..ومن صدى قهقهاته توالد الكتاب الساخرون في أنحاء الزمان والمكان.
__________
*كاتب أردني

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *