*مهند النابلسي
خاص ( ثقافات )
في العام 2029 يقوم قائد المقاومة الإنسانية المسلحة جون كونر (الممثل جيسون كلارك) بحملة عسكرية كبيرة ضد ما يسمى “سكاي نيت” (الذكاء الروبوتي الصناعي) الذي يهدف لإبادة ما تبقى من البشر، بعد أن أدت حرب نووية ماحقة بإبادة أكثر من ثلاثة مليارات إنسان، وسيطرة “البشر الآليين المتحولين” على بقايا الجنس البشري (وهذه النقطة تحديدا عولجت بشكل سردي سطحي ولم تكن مقنعة)! وقبل أن تنجح المقاومة بمحاولتها، يتم تشغيل آلة الزمن التي ترسل “مبيد آلي” يسمى “تي 800″ رجوعا للعام 1984 (زمن إصدار النسخة الاولى اللافتة من هذه السلسلة) لقتل والدة جون”سارة كونر” (الممثلة ايميلي كلارك)، ثم يتطوع الساعد اليمن لجون وهو كارل ريس (جاي كورتيني) للسفر بالزمن للوراء لحمايتها من الاغتيال…وعند دخول كايل للمجال المغناطيسي للماكينة المرعبة، ينطلق الهجوم المدمر على جون، وتشحن ذاكرته بذكريات مؤثرة لطفولته بالعام 2017.
…ومع وصولنا للعام 1984، يتم تعطيل سكاي نيت (تي 800) من قبل سارة والحامي الآلي الشهير (الممثل آرلوند شفارزنجر بعودة لافتة طريفة)، وهو الذي تمت برمجته بعناية وإرساله لحمايتها منذ أن بلغت التاسعة من عمرها. ثم يصل كايل بعد فترة وجيزة ويهاجم بضراوة غير متوقعة من قبل الآلي “تي-ألف” (الممثل البارع لي بيونغ-هن)، ولكن سارة و”الحامي” شوارزنغر ينضمان ساعيان للقضاء على “تي-ألف” باستخدام حامض مذيب شديد الفعالية، ويكشفان بأنهما قاما بإنشاء “آلة زمن” مطابقة لسكاي نيت، وبأن سارة تخطط بدورها للسفر رجوعا للعام 1997، وهو نفس العام الذي سيتولد فيه “وعي” لماكينة الزمان “سكاي نيت”…ويقتنع كايل حينئذ بأنه تم تغيير المستقبل عندما راوده حلم برؤية طفولته، وينجح باقناع سارة للسفر معا للعام 2017 كبديل للمحاولة البائسة لإيقاف عمل “سكاي نيت”.
وفي العام 2017 تتواجه سارة وكايل مع الشرطة المحلية بمطاردات لاهثة وحابسة للأنفاس بالطريق السريع لسان فرانسيسكو، وفيما تتم معالجة الجرحى ، نعلم أن سكاي نيت أصبح الآن يسمى “غينيسيس”، وهو مشروع تشغيل عالمي سري،ثم يظهر جون كونر وينقذ سارة وكايل، ثم يظهر الحامي فجأة ويقتل جون، كاشفا بأنه نسخة مطورة للمبيد “تي-3000″، وبعد أن يعود كايل بالزمن، يظهر سكاينيت بشكل متطور جديد ك”تي-5000″(الممثل مات سميث) متخفيا كعضو في المقاومة، ويسعى لأن يهاجم جون لتحويله لمبيد، مزودا إياه بنظام نجاة “سيبيري”، معيدا إياه بالزمن لمساعدتهم لتطوير “الغينيسيس”.
وعندما يتمكنون من النجاة، يجهز الثلاثة أنفسهم (سارة وكايل والحامي شوازنغر) ويحضرون قدراتهم لتدمير”الهيكل السيبيري الهائل” لمشروع “غينيسيس”…ثم يتوجهون بإقدام لمركز العمليات (الهيد كوارتر) للمواجهة المرتقبة الحاسمة مع الروبوت الآلي الضاري “تي-3000″، وبعد مطاردة مثيرة بالهليوكوبترات يتمكن الحامي شوارزنغر من تفخيخ مروحية ال”تي-3000” متسببا بسقوطها ودمارها، ولكن الروبوت العنيد الشرس ينجو بأعجوبة من الحادث، ويتمكن من دخول المجمع السيبيري، حيث ينجح باللحظات الأخيرة من ضبط العد التنازلي للآلة السيبيرية الهائلة لـ13 ساعة و15دقيقة، وينجح الثلاثة كايل وسارة والحامي شوارزنغر من زراعة قنبلة فتاكة في النقاط الحساسة للمجمع الضخم، كما يتمكنون من أسر الروبوت “التي-3000” في المجابهة الأخيرة، ثم يقوم شوارزنغر بحشر خصمه العنيد في ثنايا الحقل المغناطيسي الضخم لآلة الزمن، ويتم تدمير كليهما، ولكن قبيل الانفجار الضخم بثواني فقط يقوم التي-3000 بإلقاء بقايا الحامي “الروبوتي أيضا” لحاوية سائلة ضخمة بالجوار، ويتمكن كايل وسارة من الوصول للبونكر المحصن أسفل المجمع، قبل أن يحدث انفجار هائل ، ثم يظهر كالعادة الروبوت الحامي شوارزنغر لينقذهما ويقودهما للخارج من خلال الركام الهائل …يسافر الفتى “تريو” لمنزل طفولة كايل، ليخبره عن شخصيته الفتية الفضولية، وتنتقل الأحداث للعام 2017، ثم يذهب الثلاثة سارة وكايل والحامي شوارزنغر للريف الشاعري الجميل حيث يتبادلان قبلة فيما ينظر إليهما الحامي بفضول مصطنعا ابتسامة “آدمية” عريضة، ونعلم بأنهم أصبحوا الآن بأمان بعد نجاتهم من كارثة “الغينسيس” الذي تعرض للدمار الهائل، والذي نجا بدوره بفضل تواجده بغرفة ضخمة محصنة.
الروبوتات “العاطفية” ضد الروبوتات”الميكانيكية”
تم تصوير الشريط طوال أربعة أشهر بنيواورليانس بأسلوب مقارب لطريقة إخراج الفيلم الأصلي بالعام 1984، وتم إنجاز حوالي 900 مشهد بمؤثرات خاصة للروبوتات القاتلة (تي 1000و3000و5000)، وشملت مشاهد شيقة لطيران المروحيات والمطاردات اللاهثة ولانفجار المجمع “السيبيري”، وتم تحقيق مؤثرات تجريبية ناجحة لتبيان كيفية احتراق المعدن (مكون الروبوتات) بواسطة الحوامض ووهج الألمنيوم المحترق، كما تم تصوير مشاهد موازية لسان فرانسيسكو تضمنت جسر”البوابة الذهبية” الشهير، وتم إيجاد توافق مذهل ما بين شخصيتي شوارزنغر العجوز والشبيه الشاب (الممثل بريت آزار) والشخصية الكمبيوترية الثالثة، علما بأن الشبيه قد أبدع بإتقان الحركات الخطرة، كما أبدعت كل من ايميليا كلارك بدور سارة كوبر بل وتفوقت بالأداء، وجاسون كلارك بدور جون كوبر، وجاي كورتيني بدور كايل ريس، ثم المحقق ج.ك. سيمونس بدور المحقق اوبريان، وكايو اوكيني بدور داني دايسون، ويبدو وكأن هذا الفيلم قد ختم أخيرا هذه السلسلة التي استنفدت رسالتها نهائيا بهذا العمل “المتواضع” نسبيا.
مراجعات نقدية سلبية مقابل استرجاع النكهة والحنين للفيلم الأصلي(1984)
يبدو الفيلم وكأنه غرق بأسطورته وأصبح سجين الرواية الأصلية لتحفة كاميرون الأولى، ولكن بالقليل من النكهة والمذاق والبساطة كما الذكاء والعمق والإثارة، ولم تنجح الإدارة الباذخة للمخرج الان تايلور ولا كتاب السيناريو “لاتا كالوجريد وباتريك لوسير” من إنقاذ الفيلم من التعقيد المشهدي وانعدام المنطق المتسلسل للأحداث فأغرقوا المشاهد بالغموض والتيه، مما استدعى التطرق للتفاصيل السردية الدقيقة للشريط ، كما بدا ضعف التشويق واضحا مقابل لقطات ساخرة طريفة أتحفنا بها شوارزنغر طوال الفيلم، محاولا استعادة إرثه السينمائي الساخر الشهير المتمثل بعبارته المعهودة “سأعود!”، كما تمثلت بأسلوب نطقه البارد للجمل وبابتسامته العريضة المصطنعة، وحتى بحالة “الرجفان” (غير المتوقعة والتي تؤشر لمرض الباركنسون الذي يتعرض له كبار السن) التي تعرض لها أثناء شحنه للرصاص بالبندقية، وكأنه يقدم لنا هنا صورة جديدة غير معهودة لكائنات روبوتية “مسنة” ذات بعد إنساني-عاطفي.
استمتعنا بالكثير من المطاردات والانفجارات والمعارك والقتل والتشويه الروبوتي، ووجدنا أنفسنا أمام مزيج سينمائي حافل، دامجا بنجاح الخيال العلمي الجامح والصراعات القاتلة والأكشن المتقن، ولا يمكن تجاهل اللمسات الساخرة للروبوت (البشري) شوارزنغر.
أما سلاح الفيلم السري فلم يتمثل بالسفر المكرر عبر آلة الزمن ولا بالروبوتات القاهرة العنيدة، وإنما بأداء الممثلة الصاعدة الشابة “ايمليا كلارك” التي يفيض وجهها جمالا وطيبة، والتي أظهرت قدرات تمثيلية قوية واعدة تبشر بميلاد نجمة جديدة…يتضمن الفيلم رسائل تحذيرية من خطر تحكم الآلات بالبشر مستقبلا، كما أنه يقدس تركيبة الأسرة التقليدية كخلية بشرية سرمدية، ويعيد شوارزنغر طوال الفيلم عبارة ذات مغزى: أن تكون عجوزا ليس معناه أن تكون “عديم الصلاحية” وربما يهدف من وراء ذلك لتبرير دوره “المحدود” بالفيلم، كما يختم الفيلم بعبارة غامضة: المستقبل ليس محددا.