لِمَّا ظِلاَلُكُم تَعْشَقُ الهَجِيرَ ؟


*عبد اللطيف رعري


خاص ( ثقافات )
الظِّلُ لِلظِّلِ بُرُودٌ
تَصَفَّرَ مِنْ وَرَاهُ الهَدِيمُ
وتَكَشَّفَ فِي عُلاَهُ الكَلِيمُ 
وَشَاخَتْ غَلَى القِمَمِ أعْلاَمٌ
الغَابَةُ فِي هَوْلِهَا مُسْتَقَراً لِلظُّنُونِ
تَلِدُ الْمَوَاجِعَ فَي هَدْأتِهَا وَتَتَحَرَّى زَيْغَ العُيُونِ
أشْجَارُهَا حَافِيةً عَرَّهَا الهَزِيمُ
تَتَوسَطُ خَلاَءَ قَلْبٍ حَزِينٍ ….
الظِّلُ لِلظِّلِ شُرُودٌ
مَنْ أضَاعَ وَهْجَ السَّرَابِ بَيْنَ القُبُورِ 
فَتَلوَّنَتْ الأَفَاعِي وَنَفَثَتِ السُمُومِ
مَنْ أرَاَق رُضَابَ الحَجَرِ 
فَتَوَقَفَ النَّهْرُ عَن الجَرَيَانِ 
وَنَثَرَ الجَفَلَ بِآبَارِ المَوْتِ وَمَدَّ النارَ بالحَطَبِ
أشْجَارُنَا فِي الأَصْلِ هُوَ البِدَايَة
وَظِّلالُهَا فِي أللأَصْلِ سَارَتْ النِهَايَة 
الظِّل للظِّلِ شُبهةٌ 
يَنْسُجُ مَعَ الَّليْلِ آيَة 
فَتَنْهَارُ مِنْ حَوْلِناَ الغَابَةُ
وَعَلى صَفِيحٍ مِنْ عَارٍ تَبِيتُ الطُّيورُ وَاِقفَةً
وأعْلاَمُ الهُدَى تَخْتَبِئ فِي وَبَرِ الوُجُوهِ
مَاسِكَةً حِبَالَهَا بِأنْيَابِهَا 
وَلاَ مُسْتَقَرَ آمْنٍ للْحَرَكَاتِ 
كلمّا طبْطَبَتِ البُومَةُ ظَهْرَهَا بِنَظْرٍ سَخيفٍ
وَأرْدَتْ مِنْ صِغَارِهَا قتيلاً 
سَمَّتْهُ شَهِيداً 
الظِّل للظِّلِ عَلامَةٌ
أني الطَّرِيدُ الوَحِيدُ مِن شَجَرَةِ الأصْلِ
أنِّي الوَرَقَةُ المَيِّتةُ فِي كَفِ العَاصِفَةِ
تَلْثُمُهَا النَّارُ 
وتَرْمِيهَا دُخَاناً سَار َمُنذُ البَدْءِ حُطَامًا
أنِّي الرَمْلُ الذِّي يَمحِي المُجَسَّمَات مِنْ مَجْرَى الهُرُوبِ 
أَنِّي العقْمُ الأحمرُ الذِّي أبادَ خصُوبَةَ النهْرِ
لمّا تَفَحَّمَتْ الجَمَاجِمُ علَى مَرْأَى الشُهُودِ
وَتَفَسَّخَتْ بَيْنَ الأَحْضَانِ نَواَيَا العُهُودِ 
وَسَارَ لِلظِّلِ وَشْماً يتَخَطى الحُدُودِ
ويَقْتَفِي لِنَفْسِهِ آثَارَ الفَاِجعَةِ 
لِيَتَحَلَّلَ وَشُحُوبَ الوُجُوهِ لِشَبَحٍ يَهْوَى القَطِيعَةِ
لاَ تَسْتَهْوِيه دَنْدَنَةُ شَجَرَةِ الأَصْلِ 
وَلاَ تُغْرِيه الغِرْبَانُ بِالحَفْرِ فِي الرَّمْلِ
فَجُرْمُه تَصَدَّى لَهُ الهَجِيرُ 
فَلِمَا َسَارَ الظِّلُ لِلظِّلِ هَجْرٌ وَنَدَامَة؟
وَبَاتَتْ أشْجَارُنَا رَمْزًا وَعَلاَمَة
للْهُرُوبِ وَالشَّمَاتَة
___
*منتبوليي/ فرنسا

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *