هل تسبح السمكة؟


*سارة غريدلي


“الشاعرُ في الأصل كائنان؛ أحدهما يعرض والآخر يواصل العرض. من العاشق يستعير الفراغ، ومن المعشوق يستعير الضياء” (رينيه شار) ماذا يمكن أن يكون عليه شعور من لديه نجمة في عينه؟ يمكن أن يشبه شعوراً بشكلٍ من أشكال حماية دائمة، بحلقةٍ من نسيج عضلي مؤتمنة تتمدّد أو تتوسع حسب درجة النور القادم. يمكن أن يشبه شعوراً بغلاف ثمرة، غلاف بذرة شائك معلّق برؤانا، يتطلّع إلى توسيع مهماته. مثل علامة امتياز، نسخة من نعمة إلهية. مثل علامة نجمة طباعية متشظية زمانياً، إشارة مرجعية تشير باستمرار إلى قضية ممحوة، إلى الوراء إلى الأمام، إحساس مزمن بأن شيئاً مهماً فُقد تواً. ربما الشمسُ ذاتها هي المفقودة، النجمة التي قيل لنا ألا ننظر إليها مباشرة خوفاً من صفاء الضوء الباهر. نجمة يمكن أن تشعل ناراً حين يُركز نورها بقوة مفرطة، لنقل، بمساعدة عدسة مكبرة.
نجمة ستنطفئ ذات يوم. هل تكون منطفئة؟ هنالك نهرٌ عظيم في هذا الجانب من “ستيجيا”، في العالم السفلي. ركضٌ، نشاطٌ، تجريدٌ محلّي، تدفقٌ لا اسم له، موروثات شعبية لكل حاسة من الحواس، النهرُ الذي يتدفق في لامكان مثل البحر. هكذا يجري “نهر الأنهار في كونيكتكت”. 
إنه نداء شاعر، أو ماضٍ، للوصول إلى قاعه، إلى لمس النهر، وقاع النهر. لتمييز الضوء من السطح، والطين من الظل.
في الهيروغليفية المصرية، يمثل هيروغليف الرؤيا سمكة في اليد. سمكة في اليد خير من سمكتين في النهر.
الواحد الذي يحارب الظلال لديه مجذافٌ طويل ليجذف، نهرٌ كبير ليصطاد، حتى حين تتفوق السمكة.
هل هناك كلمة تصف المرء الذي يحارب الظلال باللهو معها؟ بتسليتها؟
تقول معظم الروايات إن مسرح خيال الظلّ يرجع أصله إلى الصين في عهد أسرة الهان. ويقال إن الإمبراطور أصيب بكآبة عميقة بعد موت محظيته المفضلة، فتقدّم أحد وزرائه بفكرة: صنع دمية تذكّر بالمحظية. توضع الدمية في العتمة وراء ستارة، ويسلط عليها الضوء من الخلف، فيرتسم ظلها على الستارة، وهكذا عادت المحظية إلى الحياة على شكل ظل، وابتهج الإمبراطور.
في مجموعته، “نجمة في العين”، يلعب جيمس شِيْ مع كل عناصر هذه الأسطورة: مع المحظية منبع الرغبة، وغيابها، والإمبراطور المصاب بالأسى، والوزير الداهية، والأهم من كل هذه العناصر؛ عودة المحظية إلى الحياة على شكل ظل. في علاقة الشاعر بالكلمات، يجب على الشاعر أن يجرّب كل أجزاء الكلام المناسبة، أن يرجّع صدى حواف الوجود والغياب.
حين كنتُ في العاشرة من عمري، انتقلت عائلتي إلى اليابان لمدة ستة أشهر. وفي طوكيو وجدنا سوقاً يمكننا أن نشتري منه منتجات غربية مألوفة. على مدخل السوق كانت هناك لافتة باللغة الإنكليزية: “مدخل”. وفوق المخرج كانت هناك لافتة باللغة الإنكليزية: “خروج”. ومن هاتين اللافتتين تعلمتُ أن المجيء والذهاب، والدخول والخروج، هما نصفان لنشوة موحدة.
هل هناك مكان على ساحة الرقص؟ هل تسبح السمكة؟
دعونا نرقص.
___
*العربي الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *