رغيفُ الخبز


*حازم شحادة


خاص ( ثقافات )
كان حفلاً باذخاً ذاك الذي دعيتُ إليه بحكم مهنتي كصحفي..
كالعادة،، كنت وحيداً وسط ألف مدعو من أبناء الطبقة المخملية اولئك الذين يعادل ثمن ما يرتدونه لأجل هذا الحفل ما يكفي إطعام عشرين قرية منكوبة عاماً كاملاً،، وربما أكثر. 
كل مرة أقول.. لن أحضر هكذا مناسبات ثم أجد نفسي حاضراً ( بالصرماية) كون المؤسسة التي أعمل فيها تريد خبراً،، وصناعة الأخبار للمؤسسة هو مورد رزقي،، الوحيد. 
سجلت بعض الانطباعات والآراء ثم اتخذت مكاناً منزوياً وجلست إلى طاولة عليها ما على بقية الطاولات من أصناف الطعام التي أجهل أسماء معظمها. 
امتشقت رغيف خبز لأقضي على الصحون المليئة بطريقتي التقليدية فالشوكة والسكين ليستا من اختصاصي لكن ثلاثة فتيان وصبيتين شاركوني طاولتي وبات من المحرج أن أمارس هوايتي في الأكل النهم أمامهم،، عيب،، أبقى كاتباً مهماً ولا بد من الحفاظ على صورتي الناصعة أمام الآخرين.
للمصادفة.. لم يعرفني أحد من هؤلاء المتطفلين حين حاولوا مجاملتي مبادرين للحديث فاستغربت ذلك،، 
ـ كيف لم تعرفوني أيها السادة،،
لدي ديوان شعر مطبوع ومجموعتي القصصية الأولى قد ترى النور قريباً كما أن ألف صديق ومتابع يقرأون كتاباتي على صفحة الفيسبوك الخاصة بي..
أحقاً لم تعرفونني!! عجيب!!
ـ أنا كاتب مشهور جداً.. 
أعرب القوم عن أسفهم لهذا الجهل الفظيع بي..
أمسكت الشوكة والسكين وابتسمت ساخراً من أخذهم لكلامي على محمل الجد ثم رحت أتناول الطعام بهدوء..
فجأة..
اقتربت مني إحدى الفتاتين وبيدها ورقة صغيرة مع قلم أزرق جميل وطلبت أن أكتب لها شيئاً مميزاً ثم أضع توقيعي عليه..
بصراحة.. أسعدتني دماثتها لكن حقدي الطبقي كان أقوى فقلت..
ـ أنا أبصم فقط..
فتحت فمها مستغربة.. 
ضحكت وأخبرتها أنني أمزح فأنا لست شاعراً ولا كاتب قصة غير أنه بإمكاني أن أضع توقيعي على نهدها أو مؤخرتها كما يفعل نجوم (الروك أند رول) مع معجباتهم فما كان من المجموعة إلا الإنسحاب والهروب بعيداً،، ربما ظنوا أنني مجنون أريدُ أخذ الفتاتين سبيتين…
هكذا.. استفردت بالمائدة من جديد..
رميت الشوكة والسكين في أعقابهم
وامتشقت رغيف الخبز.
___________
ـ شاعر وكاتب قصة قصيرة من سوريا

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *