من قصص كليلة ودمنة في عصر الحداثة


*حمزة شباب


خاص ( ثقافات )
قال الملك دبشليم لبيدبا الفيلسوف :
اضرب لي مثل الحاكم الديكتاتور في حكمه ، من غير قانون أو دستور يجمع سالف أمره ، و كيف يطلق الإعدام كما يطلق سهمه ، و تصبح نشرات الأخبار تترأس سائر خبره .
قال الفيلسوف :
إنه من لم يكن في حكمه عادلا لم يزل نادما ، و سيعمل في وطنه نادلا لاحتلال لا يزال هادما ، و سيجري أمره إلى ما صار إليه الأسد في حكمه للثيران و قد كان ضائعا متشردا .
قال الملك :
و كيف كان ذلك ؟
قال الفيلسوف :
زعموا أن أسدا من قبيلة الأسود كان بغابات إفريقيا الوسطى بمحاذاة خط الاستواء ، و كانت دولة الأسود هذه جمهورية دستورية فيدرالية ، تضم مئة ولاية ناهيك عن حلفائها بالشرق و الغرب ، و تأتي في المرتبة الأولى عالميا من حيث التأثير السياسي فلقد عزلت ملك مملكة الفيلة ، و من حيث القوة الاقتصادية فقد كانت سببا في انهيار اقتصاد دولة النمور ، و من حيث المساحة التي تربو يوما بعد يوم ، و عدد السكان الذين يحيون حياة ديمقراطية مترفة ، و كانت أكثر دولة تتعدد فيها الأعراق و الثقافات ، ففيها الأسود البيضاء و الصفراء و الحمراء و الزرقاء و السوداء . . . ، و أنها تقوم بإنتاج اللحوم حصريا باعتباره السلعة الأساسية الأولى للاستهلاك في عالم الغاب ، و التي يكتب عليها made in (USL) united state of lions ، كما أنها تقوم بالسيطرة على معظم نتاج العالم من مادة الأوكسجين الضروري للحياة ، و قد سادت هذه الدولة عصرها بهاتين السلعتين الرأسماليتين .
و كان هذا الأسد فقيرا معدما ، لا يصلح للصيد و لا يملك كسرة خبز ، فقررت دولته طرده لأنه يخل باتفاقية الأمن القومي السائد في الولايات الأسدية ، فتلقفته دولة من الثيران و أصبح فيها بحكم اللاجئ السياسي .
ظل في دولته الجديدة يكد و يتعب ، و يتعلم أكل الحشائش في الربيع ، إلى أن وصل للحكم في ثورة حمراء الأمر الذي هز العاصمة العرينية ، و أصبح الرئيس الليبرالي الأول للبلاد ، و أخذ يحكم بمبدأ الحرية و المساواة ، و كان خصما قويا أيديولوجيا لدولة الأسود ، حتى سخرت بعض الخلايا النائمة التي تنطوي في ظل تيار المحافظين للإطاحة بحكمه ، و عملت على تدريبهم و تسليحهم .
ذات يوم ، سمع تكبيرا بالسوق ما هو بالتكبير الذي فرضه الله للصلاة ، و قام و اعتلى صهوة الميكروفون في المعبد الكبير ، و خطب :
إلى كل الثيران و الأبقار و العجول . . .
لقد سمعت منذ برهة تكبيرا ما هو بالتكبير الذي فرضه الله للصلاة ، فلأعصبنكم عصب السلمة و لأضربنكم ضرب غرائب الإبل ، و إني لأرى رؤوسا قد أينعت و حان قطافها ، و إني لصاحبها !!
و أظهر بعد ذلك الخطاب موالاة حادة لدولته السابقة دولة الأسود ، و أصبحت دولة الثيران حلقة مفاتيح تتلاعب بها كيفما تشاء ، ثم تحولت إلى الولاية رقم مئة و واحد ، و تم إعدام تلك الحركات المناهضة بعد تأدية واجبها .
قال الفيلسوف :
هذه ثمرة العولمة و صراع الحضارات .

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *