رجل لكل العصور



*معتز محسن عزت


خاص ( ثقافات )



أعتذر للكاتب المسرحي (روبرت بولت) لاقتباسي عنوان مسرحيته التي تحدث فيها عن السياسي الكبير وصاحب اليوتوبيا البريطانية (توماس مور) ولم أجد عنوانًا مناسبًا غير هذا لبطل مقالي المتواضع الدكتور مصطفى محمود؛ لأنه بقامته البشرية والفكرية حتى وهو في العالم الأبدي رجلاً لكل العصور لسعة اطلاعه وشفافية إيمانه وسجيته النقية حيث بوصلتي العلم والإيمان الجامعة لكل هذا.
في أيامنا الحالية تتباكى القلوب قبل الأعين على ما انتاب العالمين العربي والإسلامي من مجازر شتى تتوه فيها الأطراف التي يجب معرفتها لافتعالها تلك البكائيات التي خُضبت بدماء الأبرياء سواء كانوا صغارًا ، أو كبارًا ، أو رجالاً ،أو نساءً وشيوخًا من أجل ماذا؟.
كل تلك التساؤلات طرحها موسوعي العصر الدكتور مصطفى محمود الذي يذكرنا بقامات إسلامية علمية اتسمت بالموسوعية ك(ابن سينا – ابن النفيس – الحسن بن الهيثم – البيروني …. وغيرهم) حيث الشفافية والنقاء وسعة الرؤى الآتية عبر العلم والإيمان توكيدًا على سمة إسلامنا الحنيف الذي تاه وسط صراع وهمي حائر دار بين نقيضين اليمين واليسار من حيث التهويل والتهوين.
ظل العالم الجليل يشاركنا التفكير والتحذير عبر كتبه وبرنامجه الجميل (العلم والإيمان) حتى نصحو من غفوتنا الأبدية ما بين التجاهل واللهث وراء المتع الوهمية والتي صُدرت لنا عبر النسر الأمريكي والثعبان الإسرائيلي حتى لا تقوم صحوة جديدة للعالمين العربي والإسلامي لكي ترمح إسرائيل نحو مشروعها الاستيطاني من خلف ستار الماسونية التي تهدف لهدم الأديان وهذا ما حذرنا منه رجل العصر في كتابه المهم (من أسرار القرآن).
حذرنا أرسطو العرب من مأساة التلاعب بجوهر العقيدة الذي صيغ للأسف الشديد في المؤتمر العالمي للسكان بالقاهرة سنة 1994 حيث الحرية الجامحة التي لا تعرف الانضباط ولا التوازن من أجل إخراج طاقات الإبداع ما دام الإنسان حرًا ما بين حرية عقائدية وجسدية واجتماعية لكي يحيا الإنسان على النجاح!!
ما هي ثمار هذا النجاح؟
أوطان ممزقة وأناس مشردة وقلوب عطشى للإيمان الحقيقي الذي تاه بين النقيضين ما بين متشدد نحو الاستمساك بالعروة الوثقى ومتهاون في استلهام الدين في حياتنا اليومية من أجل كسر قيود العقل المعطل للإبداع لنرى أمتنا لم تُحصِل إيمانًا حقيقيًا ولا تقدمًا علميًا كما قال عالمنا الجليل ، لم نصل للقب أمة العلم ولا حتى أمة الأخلاق.
كل هذا تم اختزاله في فقرته الذهبية بكتابه (المؤامرة الكبرى) منذ ربع قرن قائلاً:
(المذابح التي تبدوا لآن بعيدةً عبر البحر في آسيا والتي تدور متنقلة من البوسنة والهرسك إلى بورما إلى طاجيكستان إلى سيرلانكا إلى الهند سوف تأتي قريبًا إلى ديار الإسلام!
وإلى ديارنا نحن الذين يرون أنها تأوي رأس الأفعى .. بعد أن قطعوا الذنب سوف يأتون إلى الرأس لينتهوا من المشكلة برمتها .. والترسانة الإسرائيلية جاهزة لتقوم بالعملية القذرة).
هكذا تنبأ رجل كل العصور حتى وهو في عنان السماء ليؤكد لنا أنه ما زال حيًا بيننا حتى وهومعانقًا السماء بخيوطها النورانية.

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *