مناجيات مع كازانتاكي 9…سأصعد الجبل ولن أنزل أبداً




*لطفية الدليمي


ذات صباح مفعم باليأس والقنوط من العالم والغضب من هجمة معظم أدباء بلدك ضدك من أجل افتراسك ،كنت تردد: 
-ليس بيني وبين هؤلاء البشر قواسم مشتركة :لا نحتاجهم ولا يحتاجوننا ولكنهم يحاصروننا لنستسلم ، حتى الظروف الطبيعية تعادينا ، فلا الهواء ولا الطموحات ولا الفكر الإنساني تشكل مناخنا ، نعم ، هذه الهموم كانت تأكلني سرا ، لذلك أعلنت : سوف أصعد الجبل ولن انزل أبدا..


– تقول ايليني : قبل الحرب العالمية الثانية لم يكن الأدباء اليونانيون البارزون يكسبون شيئا من كتاباتهم تقريبا ،وكان كازانتاكي المنعزل في جزيرة ” إيجين” يهب كتبه للناشرين أكثر مما يبيعها وحتى عندما يبيعها يتضايق من المطالبة بحقوقه.


– كنت أكتب كتبا كثيرة ، وليس لدي في اليونان ناشر واحد بسبب محاربتهم لي بينما لدي ثلاثة ناشرين في فرنسا لذا كتبت روايتي عن كريت بالفرنسية وجاءت بخمسمئة صفحة وهذا ما اضطررت إليه :أن اكتب بلغة أجنبية أنا عاشق لغتي اليونانية ومع ذلك أواصل الكتابة ليل نهار لانني سأختنق وأموت اذا لم أواصل العمل ، أكتب أناشيد الأوديسة ومسرحية عن الصين ورواية في الوقت ذاته ، ولم أتوقف عند إحساسي بالخديعة من قبل الناشرين فقد أخبرني ناشر كتابي عن اليابان أنه سيسدد حقوقي عندما يسترد تكاليف الطباعة وسوف ينسى وسأخجل أن أطالبه .


– تتساءل بمرارة : هل يمكن تفسير هذا الاستسلام للانخداع المستمر بنزعة قداسة خفية لدي ؟ هل هذا هوالسبب لهذا الانخداع الدائم ؟؟
– لا أعتقد ، إن الدفاع عن الحقوق يحتاج إلى خوض صراع وهذا يؤدي إلي ضياع الوقت والروح ..
– كنت تردد دوما أن الوقت هو الروح ، والأفضل أن تخسر كل ما تبقى من الأشياء وتكسب الوقت والروح ..


– لأنني لو بددت الوقت والروح لفقدت التوازن الذي يعزز حالتي الابداعية ، أنها معضلة الحياة والابداع.


-هل تؤمن باللعنة وسوء الحظ في علاقتك مع الناشرين سواء في بلدك أو في الخارج ؟؟
– حدثت معي حالات جعلتني أؤمن أن اللعنة هي نوع من سوء الحظ الذي لازمني تلك الفترة مع الناشرين ، فقد صادف أن أفلس الناشر الفرنسي (فوركاد) الذي كان ينوي نشر كتابي ( تودا- رابا) وتلاه الناشر (هومنت) بإعلان إفلاسه ، ثم نجا الناشر ( رينو دو جوفنال) من موت شنيع بعد ان اتفقنا على نشر الكتاب لديه ، ثم اشتعلت النيران في أفضل ستوديو سينمائي في فرنسا عندما اتفقنا على كتابة سيناريوهات له ، واختفى الناشر روبير فرانس في أوج شبابه وكان يأمل نشر كتاب (تودا –رابا).


– كل هذه الأحداث توالت على كتاب واحد ؟؟
– وفي هذه الاثناء أيضا تراجع الناشر اليوناني عن اتفاقه معي لنشر القاموس وبعض الكتب التي طلبها مني لأن عددا من الادباء الحاسدين تبرعوا ليبرهنوا له أنني لا أجيد الفرنسية وترجماتي سيئة ..


– يا لسوء الحظ الذي لازمك تلك الفترة ، تذكر ايليني أنك كنت تشجع الأدباء الشباب ، وتضيف انك كنت تفرط بالتسامح مع الكتاّب الشباب؟
– قلت لإيليني : أنا أيضا كنت في سنهم أكتب بشكل رديء ، ليس علينا إحباطهم وهم يجهدون في الكتابة ولديهم شغف إبداعي.


– و ماهو هدف شغفك الجامح للكتابة ؟
– هدفي ليس المجد أوالشهرة ولا حتى الرفاهية والثرثرة المطمئنة بل تحويل الطين إلى صرخة.
 يتبع
________
*المدى

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *