*عاصم الباشا
اليوم ممطر هنا. أخرجت بعض نباتات الداخل لتنتعش ولتكتشف بعضها ما هو المطر. تزحلقت، وكان غيري لينكسر (عظامي قاسية كرأسي). نباتاتي كانت تبتسم.
***
ثمة عرف متوارث في أسبانيا يقول إن القوى العاملة (الحيّة) في أيّ ضيعة أو قرية هم الخوري والشرطي والعمدة والصيدلاني ومعلّم المدرسة (وكأنما بقية الناس موتى). فرانكو ألغى المعلّم من القائمة.
***
بعد نزوحها، كلّما التقيت أمّي تسألني باليبرودي “شو صور عمرك؟” أقول لها فتعلّق مندهشة “يا شحّوري! صرت ختيور! (ختيار)”.
“لأنك صبية أنت!”.
فتضحك.
أحبّ ضحكتها.
***
بعدما تُرجمت “.. وبعض من أيام أُخر” إلى الأسبانية أخذت نسخة لوالدتي، التي لا تقرأ العربية. علّقت بعد قراءتها “هل من الضروري أن تعلّق غسيلنا الوسخ؟!” فضحكت.
حدث أن أعارت النسخة لمغتربة كانت في زيارة في يبرود. فعادت تلك بعد أيام وسألت أمي “ما رأيت لك ابنًا مُقعدا” (في الروايتين شخصية بلاء الذي يعيش في صندوق، وهو رمز لعبء تتوارثه أجيال)، فانتفضت أمّي “كلّ أولادي ولا أحلى من هيك! “.
***
لم يعجن أحد اللغة الأسبانية كما فعل فالييخو.
لا نستطيع القول بأن هناك لغات يبست، هناك من لا يجيد العجن.
***
صحيفة “إيل بايس” تعدّ لشهر مايو لإصدار كتاب موسيقي مرفق بنصوص لمساعدة النازحين السوريين عبر “أطباء بلا حدود”. طلبوا مشاركتي فقبلت. اليوم أجروا مقابلة هاتفية.
ذكّرتهم أن السوريين (الشعب) لم ينصبوا خيامًا للنازحين من العراق ولبنان.
***
معلومة جديدة لا يعرفها سواي وهي: بيتي في المزرعة كان قريبًا من السفارة السوفييتية، وكان من المداومين على زيارتي المسؤول عن وكالة تاس وضابط في جيش النظام (حسين أبو دياب، من ضيعة سعدالله ونّوس، حصين البحر- واسطة التعارف-) وبعض العاملين في المركز الفرنسي للدراسات العربية ( بينهم جواسيس) وصداقات من السفارة الكوبية التي سبق لي أن عملت بها أواخر الستينات، والملحق العسكري السوفييتي..
عرض عليّ الأخير العمل لصالح الـ”كا جي بي! (المخابرات السوفييتية)، سألته “لماذا؟” فأجابني لحماية سوريا من أعدائها. قلت له “نحميها من موسكو ونحن هنا؟ “فأنهى الحديث.. فكّر بالموضوع”.
لم يطل بي الزمن ورحلت إلى مكمني هذا، لذا لم أستغرب أن تلاحقني وتراقبني المخابرات الأسبانية لسنوات.. دون جدوى.
لم يفهم أحد منهم أنني مخبر للآلام، لا أكثر.
***
حول السياسة غير الحكيمة: معظم خسائر السوفييت في الحرب الثانية سببتها سياسة ستالين الرعناء والمجرمة.
قبل هجوم النازيين أعلمه بذلك من اليابان الجاسوس ريتشارد سورغ (أو زورغ) ووصلته المعلومة ذاتها من شبكة المقاومة الفرنسية “الأركسنرا الحمراء” ولم يأبه.. فكانت كوارث كان يمكن تفاديها.
لكنه علّق أوسمة النصر الدامية على صدره.
***
الرئاسة الأميركية تذكّرني بالأفلام الهندية: بين الأغنية والأغنية أغنية. وعندهم: بين الأحمق والأحمق أحمق.
يمكن استبدال الحماقة بالجريمة.
***
كانت معارضي الثلاثة المتزامنة في دمشق سنة 96-97 تحت الرعاية “الإجبارية” لوزارة العطّار.
أذكر كيف قال لي طارق الشريف مرتبكًا “الدكتورة أمرت بألاّ نشتري منك”.
يبدو أن الأمر لم يصل للقائمين على المتحف فاقتنوا نحتًا نافرًا.
***
تعلّمت كثيرًا من أساتذة كبار، لكنني تعلّمت أكثر من بسطاء الناس المسحوقين.. ومن آلامي، بالطبع.
***
(حماتيات)
هي مضربة عن الكلام منذ أيام. ابنتها والفتاة التي ترافقها صباحًا والأخصّائية التي تزورها صباحًا ومساءً حاولن كثيرًا اليوم دون جدوى.
قلت لها “سآخذك لسوق بيع الحماوات وأعرضك بالمجّان” فنطقت! قالت “بشع!”.
***
أحار عندما يسألونني “من أنت؟”.
أطبيعيّ هذا؟
________
*العرب