قتل أحلامنا


باولو كويلو/ ترجمة- عبدالله الزماي


أول أعراض عملية قتل أحلامنا هو عدم توفر الوقت، أكثر الناس الذين عرفتهم في حياتي انشغالا يملكون الوقت الكافي دائما للقيام بكل شيء، بينما أولئك الذين لا يفعلون شيئا دائما متعبون ولا يلقون بالا للكمية القليلة من العمل المطلوب منهم القيام به، يشتكون باستمرار من أن اليوم قصير جدا، الحقيقة هي أنهم يخافون خوض المعركة الجيدة.
العرض الثاني لموت أحلامنا يكمن في قناعاتنا لأننا لا نريد أن نرى الحياة كما وأنها مغامرة، نبدأ بالتفكير بأنفسنا كحكماء وعادلين ومحقين في طلب القدر اليسير من الحياة، ننظر إلى ما خلف جدران وجودنا يوما بعد يوم، ونسمع صوت تكسر الرماح، ونشم رائحة الغبار والعرق، ونرى النار والهزائم الكبيرة في عيون المحاربين، لكننا لا نرى الفرحة أبدا، الفرحة الكبيرة في قلوب أولئك الذين يخوضون المعركة، إذ لا الانتصار مهم ولا الهزيمة بالنسبة لهم، المهم الوحيد هو أنهم يقاتلون من اجل قضية نبيلة.
وأخيرا العرض الثالث لموت أحلامنا هو السكينة، أصبحت الحياة كظهيرة يوم الأحد، نطلب شيئا عظيما، ونتوقف عن المطالبة بأي شيء أكثر من استعدادنا للعطاء، في تلك الحالة نفكر بأنفسنا كما وأنها ناضجة، نضع جانبا أوهام شبابنا، ونسعى للإنجاز الشخصي والمهني، نستغرب أن الناس في عصرنا ما زالوا يرغبون بهذا أو ذاك من الحياة، لكن في الحقيقة في أعماق قلوبنا، نعرف أن ما يحدث هو أننا تخلينا عن القتال من أجل أحلامنا، لقد رفضنا أن نخوض المعركة التي تستحق.
عندما تخلينا عن أحلامنا ووجدنا السكينة، فإنا نذهب في غمار فترة قصيرة من الهدوء، لكن الأحلام الميتة تبدأ بالتعفن في داخلنا وتصيب كامل وجودنا، لقد أصبحنا قساة على من هم حولنا، وبعد ذلك بدأنا بتوجيه هذه القسوة ضد أنفسنا، ذلك عندما تنشأ الأمراض والذهان، ما سعينا إلى تجنب قتاله -أي خيبة الأمل والهزيمة- ارتد علينا بسبب جبننا، في يوم ما ستجعل الأحلام الميتة والمهدورة من الصعب علينا أن نتنفس، وسنسعى بالفعل إلى الموت، لأن الموت هو الذي يحررنا من ثوابتنا، ومن عملنا ومن ذلك السكينة الرهيبة في ظهيرات آحادنا.
_______
*الرياض

شاهد أيضاً

الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر

(ثقافات)  الكاتب والكِتابة وأثر فيرتر مصطفى الحمداوي يقول أومبرتو إيكو بإصرار لافت للانتباه: “لطالما افترضتُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *