جبران.. بين دمعة وابتسامة وخلود لا ينتهي




محمود صلاح*




” أنا حي مثلك، وأنا واقف الآن إلى جانبك، فأغمض عينيك والتفت، تراني أمامك ” كلمات أوصى بها جبران خليل جبران لتكتب على قبره. 

“جبران خليل جبران” أحد شعراء المهجر، هاجر صبياً مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1895 حيث درس الفن وبدأ مشواره الأدبي. 

ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشرى شمال لبنان، وكان ميالاً منذ الطفولة إلى الوحدة والتأمل وأحلام اليقظة، وظل في مراهقته منطوياً على نفسه، بعيداً عن الأقارب والجيران. 

وكان سريع البديهة، متواضعاً وطموحاً، وكان شديد الرغبة بالشهرة ولو عن طريق الانتقاد، وفي 25 يونيو 1895، قررت والدته الهجرة مع أخيها إلى أمريكا مصطحبة معها كلاً من جبران وأختيه، ماريانا وسلطانة، وأخاه بطرس. 

سكنت عائلة جبران في بوسطن، وبدأت أمه العمل خياطة متجولة، كما فتح أخوه بطرس متجراً صغيراً، أما جبران فبدأ بالذهاب للمدرسة في 30 سبتمبر 1895، في فصل خاص للمهاجرين لتعلم الإنجليزية، كما التحق بمدرسة فنون قريبة من منزلهم. 
في عمر الخامسة عشرة، عاد جبران مع عائلته إلى بيروت ودرس في مدرسة إعدادية مارونية ومعهد تعليم عال يدعى الحكمة، وبدأ مجلة أدبية طلابية مع زميل دراسة، ثم انتخب شاعر الكلية، كان يقضي العطلة الصيفية في بلدته بشرى ولكنه نفر من والده الذي تجاهل مواهبه، فأقام مع ابن عمه نقولا. 

بقي في بيروت سنوات عدة قبل أن يعود إلى بوسطن في 10 مايو 1902، وقبل عودته بأسبوعين توفيت أخته سلطانة بالسل، وبعد سنة، توفي بطرس بنفس المرض وتوفيت أمه بسبب السرطان، وعاشت أخته ماريانا معه، واضطرت للعمل في محل خياطة. 

أسس جبران الرابطة القلمية من أجل تجديد الأدب العربي وإخراجه من المستنقع الآسن كما يروي إسكندر نجار في كتابه الذي ألّفه عن جبران ويحمل اسم (جبران خليل جبران). 

أدبه ومواقفه.. 

كان في كتاباته اتجاهان، أحدهما يأخذ بالقوة ويثور على عقائد الدين، والآخر يتتبع الميول ويحب الاستمتاع بالحياة النقية، ويفصح عن الاتجاهين معاً قصيدته “المواكب” التي غنتها المطربة اللبنانية فيروز باسم “أعطني الناي وغنّي”. 
تفاعل جبران مع قضايا عصره، وكان من أهمها التبعية العربية للدولة العثمانية والتي حاربها في كتبه ورسائله. وبالنظر إلى خلفيته المسيحية، فقد حرص جبران على توضيح موقفه بكونه ليس ضِداً للإسلام الذي يحترمه ويتمنى عودة مجده، بل هو ضد تسييس الدين سواء الإسلامي أو المسيحي. 

مؤلفاته.. 
كان من مؤلفات جبران باللغة العربية دمعة وابتسامة، والأرواح المتمردة والأجنحة المتكسرة والعواصف، عرائس المروج، ونبذة في فن الموسيقى، والمواكب، والبدائع والطرائف وهي عبارة عن مجموعة من مقالات وروايات تتحدث عن مواضيع عديدة لمخاطبة الطبيعة، ومن مقالاته “الأرض” الذي نشر في مصر عام 1923. 
وله العديد من المؤلفات باللغة الإنجليزية منها “النبي”، مكون من 26 قصيدة شعرية وترجم إلى ما يزيد على 20 لغة، والمجنون، ورمل وزبد، ويسوع ابن الإنسان، وحديقة النبي، وأرباب الأرض، والشّعلة الزرقاء، وهي تضمّ رسائله إلى الأديبة ميّ زيادة.
 
وفاته.. 
توفي جبران خليل جبران في نيويورك في 10 أبريل 1931 وهو في الـ48 من عمره، وكانت أمنيته أن يُدفن في لبنان، وقد تحققت له ذلك في 1932، ودُفن جبران في صومعته القديمة في لبنان، فيما عُرف لاحقاً باسم متحف جبران. 


* أخبار اليوم.

شاهد أيضاً

فضاءَاتُ الطفولة المُستمِرّة في “أيْلَة“

(ثقافات) فضاءَاتُ الطفولة المُستمِرّة في “أيْلَة“ بقلم: إدريس الواغيش في البَدْءِ كان جمال الطبيعة وخلق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *