الهوى التطواني في رواية ” المصري ” * للروائي المغربي محمد أنقار


د.عبدالجبار العلمي **


خاص ( ثقافات )
تقديم :
تتألف رواية ” المصري ” للروائي القاص المبدع محمد أنقار من سبعة فصول ، تنتمي عناوينها إلى عنصري الزمان والمكان .فالفصل الأول عنونه المؤلف بزمن ” العصر” ، والفصل الأخير بزمن ” الغروب “. أما الفصول الأخرى التي وردت بينهما ، فقد اختار لها أسماء أماكن تمثل أحياء داخل مدينة تطوان العتيقة ، وهي على التوالي : ” حومة البلد ” ـ ” الترانكات ” ـ ” السويقة ” ـ ” العيون ” .فصل واحد في الرواية خرج عن العنونة الزمكانية هو الفصل الثاني ، فقد وسمه بعنوان ” الاستعداد النفسي “.
والرواية تقوم أساساً على العنصرين المذكورين أعلاه : الزمان والمكان. فالزمن هو زمن الموت والفناء والزوال. وأول عبارة تفتتح بها الرواية تؤكد ذلك : ” تدفن تطوان موتاها بعد صلاة العصر ” ( ص : 6 ) ، وأول حدث رئيس فيها هو موت عبدالكريم الصويري صديق السارد ـ المشارك أحمد الساحلي ، وما صاحبه من وصف لمراسيم الجنازة. ( انظر ص : 6 ). وآخر فصل تختتم به ( الغروب ) ، يوحي بالنهاية والفناء وتلاشي عمر النهار.
أما المكان بملامحه العتيقة الأصيلة الصامدة أمام عوادي الزمن، فيحاول الكاتب أن يرسخها في أذهان الأجيال الآتية ، وأن يغرسها في ذاكرة التاريخ في عمل روائي يستشرف آفاق الخلود.
والملاحظ أن الصراع بين هاجس الموت ، ومقاومته بوساطة الإبداع الفني الخالد ، يظل يحتد أواره منذ بداية الرواية إلى نهايتها. 
وسنحاول أن نتناول هذا العمل الروائي المتميز انطلاقاً من مكونات الخطاب السردي ، راصدين أهم التيمات التي تعالجها الرواية .
السردالروائي :
يتولى مهمة السرد سارد ـ مشارك هو أحمد الساحلي الذي نجده مهموماً بكتابة رواية عن مدينته تطوان وأحيائها وحواريها العتيقة على غرار ما كتبه نجيب محفوظ عن القاهرة المعزية . يقول المؤلف على لسان راويه ” استمر حلم الرواية يدغدغني . يخبو فترة لكنه لا يغيب في حين أضحت مسألة التنفيذ إشكالاً مؤرقاً ( ص : 26 ) ، ولكن أثناء معاناته المؤرقة لكتابة روايته ، كانت الرواية تنكتب بالفعل.يقول د. محمد مشبال في هذا الصدد : ” فيما يجهر السارد بعجزه عن تنفيذ مشروعه الروائي ، يكون الكاتب قد أنجز روايته ” ( ). إنه منذ بداية الرواية إلى نهايتها وهو يبحث عن هيكل لروايته وعن الطرائق الفنية التي سيعتمدها في بنائها. ويدرك أن الإبداع الروائي صعب وطويل سلمه ، وأن العمر قصير. فهو يحس بقرب نهايته قبل أيام معدودة ، أو بعد أسبوع فقط من تقاعده كما حصل لصديقه الحميم عبدالكريم الصويري. إنه فضلا عن إدراكه صعوبة خوض غمار الإبداع ، فـ” مسودات الكتابة دليل على معاناة المبدع وأرقه المتواصل ، وقلقه المضني ، إذ للقلم لحظات يتأبى فيها فيتمرد على تحقيق المشتهى ” ( ) ، يدرك أيضاً أن العمل الإبداعي يتطلب شروطاً وطقوساً خاصة : التفرغ ، والعزلة ، والتخلص من اليومي ، وتحاشي الارتباطات العائلية وغيرها من الانشغالات التافهة التي من شأنها أن تمنع من الجلوس الطويل لتسويد مئات الصفحات. بيد أن السارد ـ المشارك يجد نفسه يواجه عدة عوائق:
ـ الولادة العسيرة للإبداع ـ زوجه ” رقية ” التي لم يكن يهمها سوى دعوات العائلة في المناسبات وغيرها ، وإلحاحها على اصطحابه معها أداء للواجب ـ المسؤولية الأسرية اليومية . كل ذلك كان يشكل عائقاً يحول بينه وبين كتابة الرواية المحلوم بها والتي كان يعتبرها هاجسه المؤرق ، بل إنه كان يراها ” تحدياً مصيريا غامضا، إما أن ينتصر عليه أو يقهره “. ( انظر ص : 50 ).
إن السارد ـ المشارك بالإضافة إلى رغبته الملحة في ” سجن مدينة تطوان في قمقم زجاجي صغير مثلما سجن نجيب محفوظ القاهرة كلها في قمقمه المسحور ” (انظر ص : 58 ) ، فإنه يقدم بين أيدينا معضلة من أخطر المعضلات التي يواجهها الكاتب ، تلك هي معضلة الإبداع الفني، ويتعلق الأمر هنا بالإبداع الروائي تحديداً ، وصعوبة اقتحام عوالمه السحرية المضللة. 
يصف الكاتب نفسُه طريقة جمع المادة الروائية وعملية الخلق الفني على لسان السارد بأسلوب يتسم بالطرافة والصدق بقوله : ” وكنت أشبه في ذلك الطائر الصغير الذي يبني عشه في أمد طويل ، قشة قشة ، وتبنة تبنة ، وريشة ريشة ” ( ص : 95 ) ، ويؤكد الفكرة نفسها في أحد المقاطع السردية بقوله : ” فليس ثمة إبداع من دون مكابدة، ذاك ما باح به البحتري ونجيب محفوظ نفسه حينما طالب الكاتب بأن يتسلح بعناد الثيران.” ( ص : 10 ) . ويرى د. محمد مشبال أن رواية ” المصري ” تصور من بين ما تصوره قضية ” نشوء الرواية . إنها تسرد دوافع المغامرة الروائية عند الإنسان ..فهي تعد من هذه الجهة خطاباً واصفاً للجنس الروائي ، تسهم في تفسير حدوده التكوينية وفهم أصوله. ” ( ). إن المؤلف اعتمد في كتابة روايته على استخدام عنصر ” الميتاسرد ” ، وهو ” كل تفكير نسقي في مجمل أطوار الكتابة السردية ، والتي تدخل بوعي في تكوين النص ” ( ) ،
والملاحظ أن السرد في رواية ” المصري ” ، يتبنى تقنية “الارتداد ” في معظم فصول الرواية ، ولا يسير في زمن خطي كرونولوجي كما هو الحال في الرواية التقليدية . فيتم الارتداد إلى ماضي السارد ـ المشارك أحمد الساحلي ، وعلاقته الممتدة من الطفولة إلى الكهولة بصديقه عبدالكريم. ثم تتم العودة إلى سرد أحداث الحاضر ابتداءً من جنازة الصديق ، مروراً بما خلفته وفاته من حزن وألم وفراغ في حياته ، وانتهاءً بعقده العزم على البدء في جمع مادة روايته حول مدينته الأثيرة تطوان ، وذلك بتسجيل ما يشاهده من شخصيات وأحداث ، وما يلاحظه من ملامح القدم وآثار الحضارة العربية الإسلامية في دروب المدينة وجدرانها وأزقتها وأهم حواريها. إن ” هذا العبد الضعيف بصدد إنجاز مهمة ثقافية من شأنها أن تفيد الإنسانية قاطبة ..نعم الإنسانية قاطبة مادامت اليونسكو نفسها قد اعتبرت تطوان العتيقة تراثاً ثقافياً و إنسانياً. ” ( ص : 101 ) .
الشخصيات :
تتميز رواية ” المصري ” بتعدد الشخصيات وتنوعها ، ويمكن أن نصنفها كما يلي : 
1ـ الشخصيات المتخيلة :
أ ـ شخصيات روائية مشاركة : وأهمها السارد ـ المشارك أحمد الساحلي وزوجه رقية ( ابنة خالته ) وأبناؤهما نجيب وكمال وفاطمة ، وحفيداه محمود ونعيمة ، وخادمه هنية ، وأمه التي كان شديد التعلق بها في طفولته ( انظر ص : 64 ) ، وأخوه عبدالصمد وابنه إبراهيم ، وكريمة ابنة حارة الباريو مالقة وصديقاه بنعيسى ورضا. كل هذه الشخصيات لها مشاركة في أحداث الرواية. أما عبدالكريم الصويري صديق السارد ـ المشارك الساحلي ، فرغم أنه توفي بعد تقاعده بأسبوع ، حيث ورد حدث وفاته في مفتتح الرواية ، فإنه يظل حاضراً في ذاكرته ، ومشاركاً في الأحداث من خلال الذكريات التي يسردها عنه منذ الطفولة ، ومراحل الدراسة المختلفة ، والوظيفة والانخراط في النادي وترقيته في وظيفته وزواجه..
ب ـ مشروع شخصيات : 
وهي التي ينوي السارد توظيفها في عمله الروائي ، وأهمها :
1 ـ الرجل القصير القامة صاحب الدكان بالسوق الفوقي وهو “نموذج جيد للشخصية القصصية المحلية ” ( ص : 66 ) لذلك تصوره السارد متزوجاً من أربع نساء ، وأنه يذكره بأحمد عبدالجواد في الثلاثية.
2 ـ الشاب ذو الملابس الرثة الذي خمن السارد أنه إما أن يكون خريج معهد عال ، أو مجرد تلميذ مطرود من آخر مرحلة في الإعدادي .وهو على أية حال نموذج لبطالة الشباب المغربي ، سواء منهم ذوو الشهادات ، أو ضحايا السياسة التعليمية المتعثرة.( ص :67 )
3ـ الصبي الأصلع بائع الحلوى الذي يتعرض لمضايقات شاب متسكع أمام الملأ بإفراغ الحليب على صلعته ، ليشبع رغبته العدوانية ، فيضحك لمنظره ، وينال من كرامته أمام المارة بالسوق الفوقي الشديد الاكتظاظ.( ص : 67 وما بعدها) 
3 ـ المتسولة التي صادفها السارد في حي العيون التي رثى لحالها ، وحاول مساعدتها. ( ص : 158 وما بعدها )
4 ـ بائع السمك في حي المصدع الذي دخل في مشاداة حادة مع أحمد الساحلي أثناء محاولته جمعَ مادة روايته من واقع الناس في المدينة ، كادت تؤدي إلى الاعتداء عليه بالضرب بعد أن هدده البائع الشرس بسكينته الحادة ، لولا تدخل المارة. ( ص : 129 وما بعدها )
5 ـ الشاب المتسكع الغريب الذي صادفه السارد وهو يراود فتاة قرب صنبور الماء بحومة السويقة ، حيث ترشه بالماء ، وهما يتبادلان كلمات الغزل. ( ص : 142 وما بعدها )
إن كل هذه الصور البلاغية السردية التي تركز على الشخصيات الروائية ، تمثل محكيات صغرى تتناثر في ثنايا السرد الروائي ، مشكلة صورا واقعية مختلفة تشي بدلالات تتصل بما هو اجتماعي واقتصادي وسياسي وأخلاقي وقيمي. والملاحظ أن هذه الصور البلاغية السردية التي رسمها لنا السارد تتكاثف ـ رغم تناثرها في فضاء المتن الروائي ـ لتقدم إلينا صورة كبرى عن الحياة التي يعيشها الناس في المدينة التي تتحدث عنها الرواية. ذلك ” أن الأعمال السردية لا تقرأ فقط من خلال مكوناتها الكبرى ، بل من خلال مكوناتها الصغرى المتمثلة أحياناً في المحكيات المنزاحة وفي الصور البلاغية السردية.” ( ) 
ج ـ شخصيات مهاجرة : 
وهي التي هاجرت من نصوص أخرى إلى النص الروائي المدروس :
نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر : 
ـ عايدة بنت شداد إحدى شخصيات الثلاثية التي صاغ لها السارد في مخيلته ألف صورة وصورة ( ص : 27 ) ، وتمنى أن يعيش معها في جزيرة نائية خالية من البشر / نور بطلة ” اللص والكلاب ” التي حلم بقضاء ليلة واحدة في أحضانها والمخاطر تحفهما من كل جانب “( انظر ص : 18 ) / ياسين وزنوبة في ” الثلاثية ” حيث يتابع السارد مراودته إياها في حي ” قصر الشوق ” ، ويتوق إلى أن يمتلك جرأة وجسارة ياسين كي يتسنى له ربط علاقات غرامية مع النساء .(ص : 33 ) / السيد أحمد عبدالجواد في ” الثلاثية ” الذي يمثل أحمد الساحلي نقيضه سواء على مستوى طبيعة شخصيته أو سلوكه. ( ص : 66 ) / عمر الحمزاوي بطل ” الشحاذ ” ، وعثمان بيومي بطل ” حضرة المحترم “اللذين يُخيل للساحلي أن شخصيته مزيج منهما / أحمد عاكف بطل ” خان الخليلي ” الذي يرى الساحلي أنه يخالفه في كونه يطلب الزحام والضجيج ، في حين أن الأول لم يكن انتقاله إلى السكن في “خان الخليلي إلا طلباً للهدوء والسكينة ، وفراراً من دوي القنابل التي تسقطها الطائرات على بعض أحياء القاهرة أيام الحرب العالمية الثانية ( ص : 61 وما بعدها )
والملاحظ أن السارد ـ المشارك الساحلي يعيش مع هذه الشخصيات بخياله ، ويجد سعادته معها أكثر مما يجدها مع شخصيات العالم الروائي ، سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى أصدقاء النادي ولاسيما صديقه بنعيسى . إنه يفر على أجنحة الخيال إلى تلك الشخصيات المتخيلة في عالم نجيب محفوظ الروائي ، ويجد ملاذه بينها. يقول : ” عشقي في عايدة بنت آل شداد المصونة في العباسية ، وليس في سواها من النساء ” ( ص : 29 ) ، بل إنه يود أن يحقق رغباته ونزواته الدفينة التي تقف دونها التقاليد والمواضعات المرعية في البيئة التطوانية المحافظة، كما تحد من بروزها التربية التقليدية التي كونت شخصيته منذ الطفولة. وربما لذلك نراه يتساهل في موقفه تجاه ابنه نجيب الثائر على تقاليد الأسرة والمجتمع.
2 ـ الشخصيات الأعلام : 
وتنقسم إلى أقسام ثلاثة : 
أ ـ شخصيات مثقفة في مجالات متنوعة : 
وأهمها الفقيه المتصوف الأديب التهامي الوزاني ـ الفقيه الرهوني ـ الفقيه سيدي أحمد الزواق ـ المؤرخ المتخصص في تاريخ تطوان الأستاذ محمد داود ـ الأديب محمد الصباغ ـ الأديب القصاص الإعلامي محمد الخضر الريسوني أحد رواد القصة القصيرة بالمغرب ـ الأستاذ النابغة الدكتور أحمد الإدريسي المتخصص في فقه اللغة واللسانيات ، المتذوق للشعر قديمه ومعاصره ، الحافظ للمتون اللغوية والقصائد والدواوين الشعرية. ( ) ـ الأستاذ الإعلامي العصامي عبدالقادر الإدريسي.
ويبدو أن المؤلف حين ذكر هذه الثلة من المثقفين ، إنما أراد أن يبرز الوجه الثقافي لهذه المدينة التي عرفت نهضة ثقافية زاهرة سواء في عهد الحماية أو في عهد الاستقلالالزمن الذي تتحدث عنه الرواية ، كما أنه أحب ـ بذكره هؤلاء المثقفين ـ أن يعرب لهم عن إعجابه بهم ، وتقديره إياهم لما قدموه من أياد بيضاء لمدينته. فهم شخصيات يحملون المثل العليا ، ويؤمنون بها ، ويرفعون رايتها في سماء مدينتهم ووطنهم.
ب ـ شخصيات هامشية : 
وهذه الشخصيات معروفة لدى أهل المدينة في الفترة التي تتحدث عنها الرواية ، هي ازرع كون ـ السي مفضل المجذوب ـ علال شوبيرا ـ المحزق ـ كبور ـ القزم مسعود المعروف لدى أهل تطوان بهذه العبارة ” احطك احطك بالك النكس “.وكان يحمل على رأسه” طناجر” نحاسية كبيرة لايكاد يبين تحتها لقصر قامته ، ويقتحم بها الزحام منادياً بعبارته المعروفة : ” بالك النكس ” ، ينبه بها المارة حتى لا تلوث الطناجر المتسخة ملابسهم… إن المؤلف يبدي تعاطفه مع هذه الشخصيات البسيطة التي تجسد البراءة والطيبوبة والحكمة والبركة والزهد في هذه الدنيا الزائلة. إنهم رغم هامشيتهم ، يحملون قيماً إنسانية نبيلة قد لا نجدها عند كثير من الناس ممن يعتبرون أسوياء أو ينعمون بالثراء المادي. 
ج ـ شخصيات لها علاقة بعالم الكتاب : 
ويتعلق الأمر بكتبيين معروفين بالمدينة وأهمهم : احْنانة ومورينو ، وهذان يختصان ببيع الكتب والمجلات المستعملة . وقد تصادف لديهما نوادر الكتب . وعبدا لله الناصر الذي يمتلك هو وأسرته مكتبة زاخرة بالكتب والمجلات الجديدة ، ويصلها العديد من الصحف المشرقية والمغربية.وكانت هذه المكتبة إحدى مراكز الإشعاع الثقافي بالمدينة ، قد تقصر عن القيام به اليوم حتى بعض المؤسسات الثقافية الرسمية…
إن محمداً أنقار حين يذكر في روايته هذه الشخصيات الأعلام التي اضطلعت بدور بارز في نشر الثقافة في المدينة، ولكنها لم تخلف أثراً يدخلها في ذاكرة التاريخ ، إنما يقصد بذلك أن يعمل على ترسيخها في تلك الذاكرة ويفسح لها حيزاً لائقاً في عالم الخلود.
الفضاء الروائي : 
يعتبر الفضاء الروائي في رواية ” المصري ” العنصر الأساس في بناء الرواية ، فقد عني به المؤلف عناية خاصة. فثمة عين راصدة دقيقة الملاحظة، شديدة الشغف بذكر التفاصيل.فالملاحظ أن السارد أحمد الساحلي يتوقف أمام الجدران العتيقة لمدينة تطوان ، ويعنى بوصفها وصفاً دقيقاً ، ذاكراً الأماكن بأسمائها الحقيقية ، سواء في الأحياء الكبرى ، أو الأزقة والدروب الضيقة الملتوية ، كما يتوقف ليقدم لنا صورة متكاملة عن المدينة ، فلا يكتفي بوصف الجدران والأزقة ، بل يعمد إلى تصوير السقوف المدعمة بالأعمدة الخشبية القديمة. ويقتحم المقاهي الشعبية التي يرتادها مدخنو الكيف ولاعبو لعبة الورق ولعبة الدومينو وغيرهما في الأحياء القديمة ، كما يدخل المساجد ، ويذكر جل الزوايا الصوفية المنتشرة بالمدينة بأسمائها المعروفة ومن أشهرها ( الزاوية الحراقية ) . وإذا كان المؤلف من خلال ذاته الثانية الساحلي ، يهتم بالفضاء اهتماماً ينم عن عشقه لمدينته ، فإن ذلك لايعني أن اهتمامه ينصب على الفضاء باعتباره فضاء جامداً، وإنما يصفه وصفاً ضاجاً بحياة الناس فيه ، ملتحماً بالإنسان بمختلف نشاطاته وممارساته اليومية ، وسلوكاته في الحياة.يقول محمد أنقار بهذا الخصوص : ” لقد قصدت إلى أن تكون ” المصري ” رواية الحياة ، وليس رواية الصنعة وكفى.” ( ) ، وبضيف مؤكداً نفس المعنى : ” إن كل ما أكتبه أريد أن يكون نابضاً بالحياة، صادقاً في تصوير أحاسيسها وعواطفها.” ( ) 
والملاحظ أن السارد يبدو مفتونا بفضاءات مدينته العتيقة التي تمثل مظاهر الحضارة العربية الإسلامية ذات السمات الأندلسية ، يحيا في أحضانها أناس يحملون قيماً حضارية أصيلة ، وتقاليد اجتماعية إيجابية ، كما يبدي تعاطفه مع أناس بسطاء مهمشين ، يمثلون واقع البؤس والفقر والعوز والفراغ التي تعاني منه شريحة عريضة من المجتمع في الأحياء الشعبية داخل هذه المدينة العريقة. 
القضايا التي تعالجها الرواية : 
1 ـ الهوى المصري : 
في دراسته التي خصصها د. محمد مشبال لرواية ” المصري ” في كتابه ” الهوى المصري في المخيلة المغربية ” ، ذهب إلى أن أرض الكنانة بما كان يصدره كتابها وأدباؤها الكبار من إنتاجات فكرية وأدبية كانت وحدها مصدراً لإلهام المثقفين والأدباء المغاربة ، حيث كان للهوى المصري أثر السحر على مخيلتهم . 
بيد أنني أرى رأياً آخر، مفاده أن الهوى المشرقي بصفة عامة ( بلاد الشام وأدباء المهجر الأمريكي ) كان أيضاً مصدراً لمشروعات بعض المثقفين والأدباء المغاربة ، وليس الهوى المصري وحده. وأنصع مثال نستدل به في هذا الصدد ، هو الأديب البارز محمد الصباغ ( وهو أحد أبناء مدينة تطوان ) فقد كان هواه مهجرياً لبنانياً ، ولم يكن مصرياً. بل إن ثمة رأياً آخر بدا لي أثناء قراءتي لرواية ” المصري ” ، وهو أن الهوى الذي كان يستهوي صاحب الرواية نفسه هو” الهوى التطواني “. وهذه قراءة تدخل في إطار القراءات المتعددة التي تتيحها النصوص الغنية المتميزة. فـــ”علاقة الاستكشاف والتحليل التأويلي … تجعل الناقد يقر بأن النص الروائي قابل لعدة قراءات واستكشافات ، وهو لذلك ذو طبيعة حركية متجددة، ولا يمكن أن نسجنه داخل خانات وأحكام نهائية.” ( ) لقد كان الهوى التطواني هو الذي حفز الكاتب إلى الكتابة عن مدينته الأثيرة التي عشق دروبها وأزقتها وحواريها وكل ركن فيها منذ طفولته .
إن ما قام به محمد أنقار في روايته هو إجراء حوار ثري وذكي مع بعض أعمال نجيب محفوظ الروائية التي كان مجال فضاءاتها القاهرة القديمة ، وكذلك مع أعمال أدبية أخرى عربية ومغربية وأجنبية استحضرها قصد توظيفها فنياً . ( ) ، فالنصوص التخييلية ـ كما يقول الأستاذ محمد برادة :” تشتمل..على إمكانات واسعة لما يسميه باختين ” إعادة التنبير ” أي محاورة المبدعين لنصوص وأعمال مميزة بقصد إبراز دلالات مهمة ضمن سياق زمني مختلف. ” ( )
والجدير بالذكر هو أن الرواية العربية في كثير من نصوصها تعتمد على العالم السحري للرواية المحفوظية الزاخر بوصف المكان ، ورصد الشخصيات المتنوعة ومن بينها الشخصيات المهمشة والشخصيات الغريبة الأطوار. يقول الناقد المغربي محمد برادة : ” من النافل القول بأن الحديث عن الرواية العربية أخذت تحتل مكانة بارزة منذ الستينيات ، إنما يمر عبر استحضار التجربة المحفوظية والاتكاء على منجزاتها التي مهدت الطريق أمام نصوص مغايرة تعلي صرح الرواية وتربطه بالآفاق اللامحدودة لهذا الشكل المرن المتجدد. ” ( ) 
لقد أدرج الأستاذ محمد برادة نص ” المصري ” لأنقار ضمن ما أسماه بالقراءة الحوارية بحيث جعل فيه نجيب محفوظ شخصية روائية تعيش في فضاء مدينة تطوان المغربية .. ( ) 
وقد أشار د. محمد مشبال إلى مسألة الحوارية مستشهداً بآراء باختين ورونيه روجيه في هذا المضمار ، فالسارد ـ المشارك الساحلي ” لن يكون عمله الروائي سوى حوار كبير مع هذا العالم المشكل من خطابات الآخرين. ” ( ) وهذا في اعتباري هو الرأي الصواب الذي يمكن أن نطمئن إليه في تحليلنا لهذه الرواية .فالأمر لا يتعلق بمسألة المحاكاة والاستنساخ ؛ وإنما يتعلق بإقامة جسر للتواصل والحوار والتناص بين النصوص الروائية المحفوظية وبين رواية ” المصري “. 
إن عنوان الرواية نفسه (المصري) يدخل ضمن إطار هذا الحوار الفني بين المتنين الروائيين (المصري) وروايات نجيب محفوظ. فالعنوان ( المصري ) حيلة فنية يتم من خلالها إيهام المتلقي بأنه إزاء عمل روائي بطله شخص مصري ، ولكننا حين ندخل إلى الكون الروائي ، لا نجد بطلا مصرياً قاهرياً ، بل إننا نجد البطل السارد ـ المشارك أحمد الساحلي المغربي التطواني. وهكذا يخرق المؤلف أفق انتظارنا. فالبطل تطواني حتى الصميم ، مرتبط أيما ارتباط بمدينته. يعرف كل ركن من أركانها باسمه. ( ) شديد الهوس بها . يتوق إلى كتابة رواية عنها تخلدها وتخلده قبل أن يحين حينه. وذلك ما فعله ذلك المصري الحقيقي نجيب محفوظ بأعماله الروائية الخالدة. يقول المؤلف على لسان سارده الساحلي معبراً عن فكرة تحدي الموت بواسطة الكتابة والإبداع : “.. المهم أن الخطوط الكبرى واضحة للغاية ..جمع صور العتاقة في رواية طويلة .. إن ذلك ممكن ..فكر في الأمر ..وستكون فرصتك الذهبية لتحدي الموت ..” ( ص : 34 ). إن الهوى التطواني ، حسب رأيي ، هو الذي جعل أحمد الساحلي متشبثاً بكتابة رواية عن مدينته بشكل يتسم بالإصرار والعناد ، مواجهاً كل المعوقات التي تحول بينه وبين تحقيق رغبته متحدياً الموت الفيزيقي الذي يلاحقه ، والموت المعنوي للمدينة الحبيبة إذا ما تخلى عن الكتابة عنها. والملاحظ ، بصدد حبه العذري لمدينته ، الغيرة التي يبديها الساحلي نحو هذه المدينة الجميلة الأصيلة ، عندما أخذت تطولها يد التشويه سواء على المستوى المعماري أو على المستوى الأخلاقي والاجتماعي والثقافي. ( )
حقيقة إن المؤلف من خلال راويه الساحلي استحضر بعض أعمال نجيب محفوظ الروائية بأجوائها وشخوصها ، وجعله يسمي ابنيه نجيب وكمال ليعرب عن إعجابه وتيمنه بشخص نجيب محفوظ الكاتب العبقري المبدع ، وحبه لأحد شخصياته الرئيسة في الثلاثية ” كمال ” ابن أحمد عبدالجواد ، بل إنه ليقدم في بعض المقاطع السردية ملخصاً أو تعليقاً أو اقتباساً لفقرة سردية من بعض هذه الروايات ( ) ، ولكنه مع كل ذلك لا يحاكي ، ولا يستنسخ ، وإنما يقدم عملاً روائياً ذا نكهة خاصة تعبق بأجواء مدينة تطوان المغربية المتميزة. ويؤكد ذلك الروائي المصري جميل عطية إبراهيم بقوله : ” وعلى صفحات الرواية يكشف الدكتور محمد أنقار عن دراسة عميقة لشخصيات عمنا نجيب محفوظ وهو يطلقها في شوارع تطوان وأزقتها في مقابلات وتناص ويتساءل عن حيوات ومصائر شخصيات عمنا نجيب في سياقات تحتفظ بحلاوة الأصل وعراقة مدينة تطوان. ” ( ) ويبدو أن الروائي محمداً أنقار باستدعائه لأعمال نجيب محفوظ الروائية بالشكل الذي ذكرناه ، يرى مع الأستاذ محمد برادة أن ” المطلوب أمام إنتاج روائي مميَّز وغنيّ، هو أن تحتضنه قراءة حوارية تجدد نسوغه وتستكشف أبعاد متخيَّـلِه الواصل بين الأرض والسماء.” ( ) 
2 ـ زمن الهزيمة :
يلتقي أحمد الساحلي بطل رواية ” المصري ” في تجربة الخيبة والإحباط مع بطلين هما : ” دون كيخوطي ” ، وسعيد مهران في عملين روائيين استحضرهما المؤلف في روايته : الأول رائعة سرفانتيس والملاحظ أن هذا العمل تم التعامل معه باعتباره نصاً غائباً إذ لم يأت ذكره في المتن الروائي . والثاني رواية “اللص والكلاب” لنجيب محفوظ ، وقد ورد ذكره وذكر أهم شخصياته ، بل وحضرت بعض مقاطعه السردية. .فالساحلي يخرج إلى إلى عالم المدينة العتيقة من أجل جمع مادة لروايته. ودون كيخوطي يخرج خرجتين ( ) ، فارساً مغواراً متأثراً بما قرأه في روايات الفروسية والرعوية والشطارية لمحاربة الظلم وإقامة العدل على الأرض ، ولكن إمكاناته كانت أقل من طموحاته ، فلم يتمكن إلا من مصارعة طواحين الهواء. وإذا كان هذا الأخير مهووساً بقراءة كتب الفروسية ، فإن الساحلي كان مغرما بقراءة روايات نجيب محفوظ ، وخاصة رواياته المحتفية بتصوير الفضاء الروائي . وقد بين د. محمد مشبال بعض نقاط الاتصال والانفصال بين هاتين الشخصيتين الروائيتين من خلال تلك المقارنة التي عقدها بينهما أبان فيها عن فهم عميق لشخصية ” كيخوطي “ولعمل ” سرفانتيس ” الخالد. وأهم ما ورد في هذه المقارنة ينسجم مع سياق حديثنا ،هوأن كليهما كانا يعانيان من داء ألم بهما : “دون كيخوطي ” كان يعاني من داء الفروسية .أما الساحلي فقد ألم به داء الكتابة. ” بينما كان بطل ثربانطيس مصاباً بداء الفروسية ، كان بطل أنقار مصاباً بداء الكتابة.” ( ) وكلاهما خرجا للمقارعة والصراع كل في ميدانه ( ) ، بيد أنهما كانا يعودان من مغامراتهما يجران أذيال الخيبة والهزيمة. 
أما ” سعيد مهران ” ، فيخرج ليثأر من أعدائه وخصومه ، بيد أنه كان في كل خرجة من خرجاته الانتقامية يعود خائباً مهزوماً مأزوماً ، لانه بدل أن يصيب عدوه الحقيقي ، يلفي نفسه وقد أصاب شخصاً بريئاً لاعلاقة له به لا من قريب ولا من بعيد . وتتكرر المأساة في كل محاولة لأخذ الثأر من أعدائه الألداء. 
وكأنني بالكاتب هنا يقول لنا إن الزمن لم يعد زمن الفروسية والبطولة .فلم تعد الفروسية وقيم النبل والبطولة الفردية ذات جدوى فيه ( ) ، فالقيم أضحت مبتذلة حتى في مدينة عريقة أصيلة محافظة مثل مدينة تطوان .وثمة إشارات وأحداث في الرواية تومئ إلى حدوث تغير وتشوه خطير على مستوى القيم والأخلاق والمستوى الحضاري العام.
ولا يخفى أن تيمة الهزيمة والخيبة تيمة هيمنت على الرواية العربية منذ هزيمة يونيو67 وغيرها من الهزائم و الخيبات المتكررة التي حاقت وما تزال تحيق بالأمة العربية إلى يوم الناس هذا.
3 ـ إشكالية الإبداع : 
لا شك أن إشكالية الإبداع عموماً والإبداع الروائي تحديداً ، كانت من أبرز القضايا التي أثارها المؤلف في روايته ، فلطالما أرقت كبار المبدعين شرقاً وغرباً. وقد عبر عنها الكاتب في غير موضع من الرواية.( ) و استطاع أن يصور لنا هذه المعاناة من خلال صراع خفي دار بين المؤلف الفعلي وذاته الثانية السارد ـ المشارك الساحلي. ويتجلى هذا الصراع في اللعبة الفنية التي استخدمها المؤلف في بناء روايته. فثمة صراع بين العجز عن الفعل والقدرة عليه. ضعف الموهبة وقوتها . عقم الخيال وخصوبته. وهكذا تنتهي اللعبة بعجز الساحلي عن اقتحام عالم الإبداع بكتابة رواية عن مدينته ، وقدرة المؤلف على إنجازها.فرغم أن صوت الشخصية كان أبرز من صوت المؤلف المتواري في الخلفية ( ) ، فإن هذا الأخير انتصر على الشخصية الساردة، وحقق ما عجزت عنه. وهاهنا سحر اللعبة الفنية التي أمتعنا بها الروائي محمد أنقار في روايته “المصري ” .
____________
الهوامش :
* النسخة المعتمدة في الدراسة : المصري ، محمد أنقار ، سلسلة روايات الهلال ، العدد :659 ، نوفمبر 2003 م.
ـ الهوى المصري، في المخيلة المغربية ، قراءات في السرد المغربي الحديث ، ط.1 ، منشورات بلاغات ، القصر الكبير ، 2007 ، ص : 174 .
ـ أحمد فرشوخ ، ورش الكتابة : أنموذج السرد ، مجلة الراوي ، العدد : 20، ، ربيع الأول 1430 هـ ـ مارس 2009 م. ص : 85 .والجدير بالذكر معاناة فلوبير أثناء كتابته رائعته ” مدام بوفاري ” . و” مراسلاته حافلة بالملاحظات واللمحات حول معاناته وعذابه أمام الصفحة البيضاء ” ) انظر المرجع السابق نفسه والصفحة نفسها ( 
ـ الهوى المصري في المخيلة المغربية ، م. س . ذ ، ص : 132 .
ـ عبداللطيف محفوظ في دراسة له بعنوان : ” الميتاسرد ” في ” رواية ” عين الفرس ” للميلودي شغموم. شارك بها في الملتقى الروائي الذي نظمه مختبر السرد يات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية / بنمسيك بالدار البيضاء ، وذلك يوم الجمعة 28 مارس 2008. تغطية التظاهرة من إنجاز : عبدالقادر كنكاي ، نقلاً عن موقع ايست أونلاين ، وعنوانه : www.middle-east-online.com.
ـ أحمد اليبوري ، أسئلة المنهج ، حول رسائل وأطروحات جامعية ، ط.1 ، شركة النشر والتوزيع المدارس ، الدار لبيضاء ، 2009 ، ص : 85 .
ـ المرحوم الدكتور أحمد الإدريسي الأستاذ الجامعي : اعترف بنبوغه وحدة ذكائه وقوة حافظته وتفوقه في اللسانيات المشارقة والمغاربة. يقول د.عزيز الحسين :” لم أر أحفظ من الدكتور مولاي أحمد الإدريسي لشعر صديقه الحميم الشاعر الأستاذ أحمد المعداوي ( المجاطي ) انظر هذه القولة التي أوردتها بتصرف في : كتاب : ” خصوصية النص الشعري الطليعي، شعر أحمد المجاطي نموذجاً .. ” ، ط.1 ، مطبعة دار النشر المغربية ، الدار البيضاء ، 2008 ، ص : 10 .
ـ ـ انظر الحوار الذي أجراه مع الكاتب د.محمد مشبال في مدونته على الإنترنيت بتاريخ : 24 أكتوبر 2008 . وعنوان المدونة : medmechbal.blogspot.com
ـ نفس المرجع السابق.
ـ د.محمد برادة ، الرواية ذاكرة مفتوحة ، ط.1 ، آفاق للنشر والتوزيع ، القاهرة ، جمهورية مصر العربية ، 2008 ، ص : 18
ـ نشير هنا على سبيل التمثيل إلى نص الرافعي حول الحب المثالي/ رائعة ميكيل دي سيرفانتيس ” دون كيخوطي دي لامانشا ” التي تم توظيفها في الرواية باعتبارها نصاً غائباً تتناص معه .
ـ الرواية ذاكرة مفتوحة ، م . س . ذ ، مقدمة الكتاب ، ص : 7 .
ـ نفسه ، ص : 140 .
ـانظر المرجع نفسه ، ص : 141 .
ـ الهوى المصري ، م . س. ذ ، ص : 135 .
ـ وهذا ما أشار إليه د. محمد مشبال بقوله : ” تعد الرواية من هذه النواحي الواقعية أيضاً وثيقة أدبية لأمكنة المدينة العتيقة ، حيث لا يوجد ركن عتيق لم تتطرق إليه بالتسمية إن لم يكن بالوصف ” ( الهوى المصري ، ص : 141 )
ـ انظر التحليل الذي أنجزه د. محمد مشبال لدى دراسته لصورة الفتاة اللعوب مع الفتى الذي كان يغازلها بجانب قنا الماء بحي السويقة في كتابه ” الهوى المصري ” حيث يؤول المشهد تأويلاً جنسياً ، يشير من خلاله إلى التحول الذي طرأ على أخلاق الناس في المدينة التي كانت معروفة بمحافظتها وحشمة أهلها في عهد شباب الساحلي. ص : 155 وما بعدها. 
ـ انظر على سبيل المثال حديثه عن رواية ” القاهرة الجديدة ” : ” أية صراحة وأية تعرية للأوضاع الاجتماعية العفنة.الرشوة والقوادة وبيع الذمم والعهر والتنازل السهل عن المبادئ.فلسفة ” طز ” والمتاجرة بالثقافة والأخلاق والقيم ” ( ص : 13 وما بعدها / اقتباس فقرة سردية كاملة من رواية ” قصر الشوق ” ( ص : 33 ) / انظر كذلك إشارات إلى بعض شخصيات محفوظ : عمر الحمزاوي في “الشحاذ ” عثمان بيومي في ” حضرة المحترم ” ص : 37 ؛ أحمد عاكف في ” خان الخليلي ، ص : 61 … )
ـ عن مقالة للكاتب الروائي المصري كتبها من جنيف بعنوان : ” محمد أنقار .. والمربي الفاضل ” بتاريخ 22 يوليو2007 ، نقلا عن موقع بالإنترنيت وعنوانه : www.alwarsha.com .
ـ الرواية، ذاكرة مفتوحة ، م. س . ذ ، ص : 142 .
ـ انظر مقدمة رواية “دون كيخوطي “لمترجم الرواية الدكتور عبدالرجمن بدوي ، ط.2 ، دار المدى للثقافة والنشر ، لبنان ـ بيروت ، 2007 ، ص : 16 وما بعدها.
ـ د.محمد مشبال ، الهوى المصري ، م. س . ذ ، ص :143
ـ انظر : المرجع نفسه ، ص : 127 .
ـ استأنست في هذه الفكرة برأي ذ. محمد برادة ورد في كتابه : الرواية ،ذاكرة مفتوحة ، م.مذكور ، انظر ص : 69 . 
ـ تمت الإشارة إلى هذه القضية في مستهل الدراسة.
ـ انظر بهذا الخصوص : د.صبري حافظ ، الرواية العربية ، ممكنات السرد ، أعمال الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي الحادي عشر ،عالم المعرفة ، نسخة مجانية توزع مع العدد :359 ، دولة الكويت ، 2009 ، ص : 191. 
_______________
** كاتب من المغرب

شاهد أيضاً

العتبات والفكر الهندسي في رواية “المهندس” للأردني سامر المجالي

(ثقافات) العتبات والفكر الهندسي في رواية «المهندس» للأردني سامر المجالي موسى أبو رياش   المتعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *