آلاء عثمان*
“أجبرت السيدات على الحديث عن الحب فتوقفت بعد العدد الخامس”
في نوفمبر من عام 1892 وتحديداً من مدينة الإسكندرية، أقدمت شابة لُبنانية على مُغامرة صحفية من طراز فريد، مُغامرة خُلدت باسمها، هي هند نوفل، صاحبة «الفتاة» أول مجلة نسائية في الشرق الأوسط تصدر باللغة العربية.
خفت نجم «الفتاة» بعد بزوغه بأشهر قليلة، وتوقفت عن الصدور، وانتهى حُلم المجلة النسائية قرب مهده، إلا أنه مهد الطريق لأخريات رفعن أصواتهن ونقشن كلماتهن في عشرات المحاولات الصحفية النسائية اللاحقة.
تختلف التجربة السكندرية المذكورة عن أخرى لندنية في أواخر القرن الـ17، وشهد الـ27 من فبراير عام 1693 صدور أول مجلة نسائية في العالم أجمع وليس القطر العربي على وجه التحديد، إلا أن الإلهام الذي خلفته التجربة البريطانية لم يكن نسائياً خالصاً، لأن أول مجلة نسائية في العالم أصدرها «رجل».
تبدأ القصة من عام 1690، حين قرر الكاتب والناشر، جون دونتون، إصدار صحيفة نصف أسبوعية يُطلق عليها The Athenian Mercury، معنية بشكل رئيسي بالتفاعل مع القارئ دون تلقينه المادة الصحفية الإخبارية، وذلك عن طريق حث الجمهور على إرسال أسئلة متنوعة تُثير فضولهم في شتى المجالات للمجلة، التي تعمل هيئة تحريرها على إجابتها ونشرها من خلال الأعداد التي باتت تُحرر مُباشرة من قائمة أولويات الجمهور.
وبحسب موقع صحيفة New York Times لم يكن «دونتون» ليخطو خطواته الأولى في مشروعة المُبتكر دون أن يستحوذ على انتباهه حضور نسائي مُميز بين أوائل التساؤلات المُرسلة إلى الصحيفة الناشئة، جاء في مُقدمته تساؤل من سيدة عمّا إذا كان مسموحاً للسيدات بمُراسلة الجريدة بالأصل، مُذيلة استئذانها بسؤال يُحيك في صدرها: «هل الجمال حقيقة أم خيال؟!». في 23 من مايو عام 1691 أجابت المجلة مؤكدة أن وجود السيدات على صفحاتها مُرحب به من خلال نشرها السؤال والإجابة عنه.
لم تنقطع السيدات عن مُراسلة مجلة «دونتون» حتى أن كثافة الحضور النسائي بتساؤلات فلسفية وعلمية وأخرى تتعلق بالعلاقات العاطفية ورباط الزواج المُقدس، دفع المجلة لتخصيص يوم الثلاثاء الأول من كل شهر للسيدات فقط، لتُصبح بذلك أول صفحة نسائية مُتخصصة في عالم الصحافة، وبعد عامين من تدشين صفحة ثلاثاء السيدات واستثماراً لما حققت من نجاح، قرر «دونتون» الخروج للنور بمطبوعة نسائية خالصة، فكانت Mercury The Ladies.
صدر العدد الأول من المجلة المُتخصصة في فبراير من عام 1693، ورغم تنوع فئات ومجالات الأسئلة التي طرحتها السيدات لمجلة «دونتون» الأم في الأصل، إلا أنه أصر على تحجيم السياسة التحريرية لمجلته النسائية، وذلك بنشره تنبيهاً في العدد الثاني من المجلة بأن الأسئلة التي تهتم المجلة بالإجابة عنها هي تلك المُتعلقة بالحُب والزواج والشؤون الأسرية، مُعلناً تخليه بحسب الـ New York Times عن قضايا التعليم والفلسفة والمُناقشات الدينية.
دب الملل في صفحات The Ladies Mercury وتكررت موضوعات بشكل مُلفت، وحُجبت أغلب الموضوعات ومجالات المُناقشة عن قارئاتها، الأمر الذي أدى لتوقف حتمي للمجلة بعد 5 أعداد فقط خلدت فيها كتجربة هي الأولى من نوعها.
* المصري اليوم لايت.