تلاحم رياح الشرق برياح الغرب


معتز محسن عزت


خاص ( ثقافات )


في أكتوبر من العام 1938 كان موعد إعلان جوائز نوبل في مجالاتها الخمس أربعة منها تعلن بإستكهولم العاصمة السويدية وكانت أنظار العالم تترقب على وجه التحديد جائزة الآداب التي أعلن عنها بفوز أول أديبة أمريكية، وهي بيريل باك كامرأة تفوز بالجائزة وثالث أديبة في تاريخ الأدب الأمريكي تفوز بالجائزة بعد لويس سنكلر 1930 ويوجين أونيل 1936 وتزامن فوزها بجائزة الآداب مع فوز الفيزيائي الإيطالي الكبير إنريكو فيرمي بجائزة الفيزياء وفوز الكيميائي الألماني بجائزة الكيمياء ريتشارد كوهين وفوز الطبيب البلجيكي فرانسواه هايمنز بجائزة الطب.
عند قدوم موعد تسليم الجوائز في 10 ديسمبر يوم وفاة ألفريد نوبل قام ملك السويد جوستاف الخامس بتسليم الجائزة لمن حضر من أهلها حيث لم يحضر في القاعة الملكية باستكهولم سوى بيريل باك وإنريكو فيرمي حيث لم يحضر ريتشارد كوهين لضغوط هتلر عليه وتهديده بقبول الجائزة في أن يكون رهن الاعتقال وفرانسواه هايمنز لم يحضر لبعض المشاكل السياسية فكانت اللحظة المحتفى بها في القاعة الملكية بعروس الآداب بيريل باك وعريس الفيزياء إنريكو فيرمي.
في بروتوكول الجائزة يقوم كل فائز بإلقاء خطاب موافقته على الجائزة وجاء الدور على عروس الآداب لتتسلم جائزتها من الملك جوستاف الخامس وتقوم بإلقاء خطاب من أجمل خطب تاريخ الجائزة التي قالت فيها:
(حينما أتيت إلى هنا وأنا أفكر فيما سأقوله لكم في تلك المناسبة فأنا أمريكية المولد والإقامة وأنا أمكث بها وبالتالي ستقولون أنني تشبعت بالفن القصصي من وطني الأم ولكني أقول لكم أن تشبعي الرئيسي من الفن القصصي أتى من الأدب الصيني والرواية الصينية أساس الفن الروائي على مستوى العالم وإني لأتعجب لمدى تأثر أدباء الصين بالفن الروائي الغربي وهم أصل فن الرواية عبر حضارتهم العريقة).
تلك الكلمات لا تخرج إلا من أديبة تستحق هذا اللقب عن حق وبشكل عملي لأنها أرجعت الحق لأصحابه على عكس تيار الرياح الغربي المألوف بإنسابه كل شيء له دون إعادة الصواب والحق لأصحابه لتفوز باحترام الجميع بجانب فوزها بالجائزة، والتي أتت حيثيتها على النحو التالي:
(لأدبها الثري الذي عبر بصدق عن حياة الريف بالصين ولملاحمها المهمة في التعبير عن حياتها وعن حياة الآخرين).
بيريل باك قدمت للمكتبة العالمية أروع الملاحم التي عبرت على وجه التحديد عن الحياة الصينية في الريف علاوة على كتابتها عن كوريا قبل التقسيم واليابان والهند لكي تغير نظرة الشرق للغرب عبر القلم الصادق والحر.
اشتهرت بيريل باك بأعمالها المهمة التي تهدف لتلاحم الشرق مع الغرب من خلال:
(غادة اليابان – رياح الشرق ورياح الغرب – الأرض الطيبة – الأبناء – انقسام البيت – الثائر الصغير – الزوجة الأولى وقصص أخرى – الأم – آلهة أخرى – المنفى – سماء الصين – بذور التنين – الوعد – ماذا تعني أمريكا بالنسبة لي).
لقد جسدت بيريل باك أسمى معاني العدل والحيادية كتابةً وفعلاً فقد حولت خماسين الرياحين بين الشرق والغرب إلى عطور وأريج ينادي بالإنسانية والحيادية نحو عالم أفضل حتى ولو كان ذلك حلماً بعيد المنال.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *