منة الله الأبيض – محمد فايز جاد*
يضج الوسط الثقافي العربي بشكاوى الناشرين من سرقة حقوق الملكية الفكرية، التي يقوم بها المزورون، سواء ورقياً، أو إلكترونياً، وهو ما انتشر بشكل واضح في الفترة الأخيرة، ولكن أن تتهم إحدى دور النشر داراً زميلة بسرقة حقوقها، فهذا أمر غير مألوف.
هذا هو ما حدث مع دار “مصر العربية” التي يمتلكها الناشر المصري وائل الملا، الذي اتهم دار “طوى” السعودية بسرقة حقوق الملكية الفكرية لكتاب “صلاة تشرنوبل” للكاتبة البلاروسية سفيتلانا أليكسيفيتش، الحاصلة على جائزة نوبل في الآداب لعام 2015، التي كانت “مصر العربية” قد تعاقدت مع وكيلتها الأدبية على حقوق نشر الكتاب.
ومما زاد الأمر سوءاً أن “طوى” كانت قد طرحت الكتاب في معرض الرياض الدولي للكتاب، ليتصدر قائمة الأعلى مبيعاً، الأمر الذي دفع الملا للتحرك ومطالبة الدار بالتعويض.
يقول الناشر وائل الملا لـ”بوابة الأهرام” إنه اتصل بالمسؤولين عن “طوى” لمحاولة حل المشكلة بشكل ودي، ومطالبتهم بتعويض مادي، وهو نصف المبلغ المتفق عليه في التعاقد مع ألكسيفيتش، بخاصة أن “جزءاً كبيراً من سوق الكتاب قد أغلق”.
ويتابع: ولكن الدار، بعد تجاهل لفترة طويلة وتهرب من الزملاء الذين تحدثوا باسمنا في الرياض، رفضوا المبلغ، ووصفوه بأنه “عقاب” للدار، وكأنهم كانوا يتوقعون جائزة على حسن الأداء.
وأضاف الملا أن عادل الحوشان، مدير دار طوى، تواصل معه عبر موقع التواصل الاجتماعي مستنكراً لجوءه للصحافة، وذلك بعد محاولة إحدى الصحف الاتصال بالحوشان للوقوف على موقفه من القضية.
واستطرد: أنهى الحوار معي قائلاً “وليكن”، وهو ما يعد “تهديداً”، أو كما يقول المثل الدارج “اخبط دماغك في الحيط”.
كانت مصر العربية قد أرسلت شكوى لمعرض الرياض، وكذلك اتحاد الناشرين العرب، الذي، حسب الملا، رد طالبا المزيد من البيانات.
ويضيف الملا: المشكلة أن “طوى” كيان زئبقي، غير ممسوك، الترخيص لبناني، وعنوان الدار في إنجلترا، والهاتف سعودي، وهم ليسوا أعضاء في اتحاد الناشرين العرب، وكذلك الأمر بالنسبة لنا أيضاً.
وعن احتمالية لجوئه للقضاء لا يستبعد الملا الأمر قائلاً: في النهاية هناك طرف خيط وهو الترخيص اللبناني، من الممكن أن تكون الدعوى ضده.
ويتابع: استنتاج أن الترخيص لبناني جاء من خلال أن العلم الخاص بتعريف جنسية الجناح في معرض الرياض هو العلم اللبناني، كما أن عنوانهم الموجود في صفحة بيانات معرض أبو ظبي لبناني أيضاً، فالمسألة لن تبقى زئبقية للأبد.
وعلى الجانب الآخر يبقى رد دار طوى على هذه الاتهامات معلقاً، بعد رفضهم التعليق على القضية في الصحف، كما حاولت “بوابة الأهرام” التواصل هاتفيا مع الناشر عادل الحوشان لمنحه حق الرد، إلا أنه لم يرد.
اتحاد الناشرين المصريين لا يستطيع البت في الأمر؛ ذلك أن داري النشر من بلدين مختلفين، وهو ما قاله الناشر عادل المصري، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، الذي قال لـ”بوابة الأهرام”: حينما يكون هناك نزاع بين داري نشر، لهما جنسيتان مختلفان، يتم عرض الأمر على اتحاد الناشرين العرب، وهو ما حدث.
من جانبه قال الناشر محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب، إن الملا بالفعل قدم شكوى رسمية ضد طوى، وهي “محل بحث”، وأن كون الأمر غير واضح فيما يتعلق بحقوق الملكية، وأن تستمر قضية كهذه معلقة لا يعرف حتى المنخرطون في أعمال النشر ما ستئول إليه، يدفع للتساؤل حول مدى وضوح القوانين الخاصة بحقوق النشر وحقوق الملكية الفكرية في الوطن العربي، من كافة الجهات، فهل تدفع هذه القضايا للتفكير في إعادة النظر في القوانين المنظمة لحقوق النشروالملكية الفكرية؟
ـــــ
* الأهرام.