روايات الجيب.. حكايات مؤلفيها



روان مسعد*


منذ ما يقرب من 20 عاما، كان الطفل الصغير ممسكا بكتاب في حجم كف اليد، بشغف بالغ يتابع تلك الرواية البوليسية التي تفتح ذهنه على أحداث لا يمكن لأحد أن يفعلها سوى “رجل المستحيل”، بينما تجلس أخته على مقربة تتابع تسلسل أحداث إحدى الروايات الرومانسية بتفاصيلها الجميلة على صفحات “زهور”، وفي وقت المذاكرة وبينما تنتشر الكتب الدراسية على أرفف المكتب، هناك كتاب معنون بـ”فلاش”، مطوي بشكل خفي بين الكتب، لا يراه أو يعرف عنه سوى الفتى وأخته، يطالعونه بين الحين والآخر وقت المذاكرة، فهذا الجيل المتمرد الذي قام بالثورة وأصبح يعيش في مجتمع ثري أدبيا به “الصالح والطالح”، قضى أوقات فراغه وتسليته في القراءة، حيث كانت “روايات مصرية للجيب” داخل كل بيت مصري آنذاك.
كان هذا حال كثير من جيل الثمانينيات والتسعينيات، الذين تشكلت مخيلتهم الأدبية على يد المبدعين من الكتاب مثل الدكتور نبيل فاروق والدكتور أحمد خالد توفيق، والمؤلف والرسام خالد الصفتي والكاتب شريف شوقي، كتاب كانوا ثمرة مشروع “روايات مصرية للجيب”، الذين اكتشفهم حمدي مصطفى، مالك ومدير “المؤسسة العربية الحديثة” التي تولت الإشراف على تلك الروايات ونشرها وتوزيعها في الأسواق، ربما هو المشروع الأدبي الأبرز في القرن العشرين وفق الكثير من المفكرين، فليالي الصيف، وأيام معرض الكتاب، عجت بهؤلاء الفتيان والفتيات الذين وضعوا القراءة في مكانتها الصحيحة.
“الوطن”، حاورت بعضًا من هؤلاء الكتاب، الذين رووا كواليس كتابة روايات مصرية، وكيف كانت البداية والمواقف الطريفة التي تعرضوا لها، كما تطرقوا للحديث عن الساحة الأدبية للشباب ومستقبل الكتب.

“حمدي مصطفى”.. جوكر الروايات المصرية للجيب
كانت فكرة لمعت في ذهن حمدي مصطفى آنذاك، بعد نجاحة في إصدار الكتب التعليمية لكل الأجيال منذ الحضانة وحتى الثانوي، وهي إصدار عدة سلاسل متنوعة لـ”روايات مصرية للجيب”، يستمتع بها الكبير والصغير كان هو أول من ابتكر هذا الشكل والحجم من الروايات المصرية، تكون جميعها “تأليف مصري خالص دون نقل أو اقتباس” وفق ما كتبه هو بنفسه عنها، فأعلن عن حاجة المؤسسة لكتاب شباب يكتبون في كل المجالات الرومانسية والبوليسية وغيرها وتم اختيارهم في مسابقة.
شهد حمدي مصطفى بنفسه النجاح الذي حققته تلك السلاسل قبل أن يتغمده الله برحمته في سبتمبر عام 2011، عدة مواقف جمعت هؤلاء الكتاب به، الدكتور نبيل فاروق، خالد الصفتي، الدكتور أحمد خالد توفيق، شريف شوقي، تثبت أن لحمدي مكانة خاصة عندهم، وأنه المكتشف الحقيقي لتلك المواهب التي نجحت في الوصول للشباب والتأثير فيهم.
لم يختلف عليه أحد ممن عملوا معه في الثمانينيات والتسعينيات، الدكتور نبيل فاروق قال عنه خلال حديثه لـ”الوطن”: “كنت محظوظ إني اتعاملت مع حمدي الله يرحمه”، فبعد مشاركة الدكتور نبيل فاروق للكتابة البوليسية في المسابقة التي أعلن عنها حمدي مصطفى اقتنع به على الفور، ولم يحدد له القالب الذي يكتب فيه، فهو لم يقتنع بالكاتب المتخصص، بل ترك له عدة سلاسل أدبية والفكرة التي يبتكرها الدكتور نبيل سوف توضع في القالب المخصص لها سواء كانت رومانسية في “زهور”، أو بوليسية في “رجل المستحيل”، أو خيال علمي في “ملف المستقبل”، تلك الفرصة اعتبرها الدكتور نبيل فاروق استثنائية، ولم تتاح لكثير من الكتاب كانوا دوما يسعون وراء دور النشر لعرض أفكارهم المتدفقة، لذا يعتبر نفسه محظوظًا للتعامل مع حمدي مصطفى.
أما المؤلف والرسام خالد الصفتي فكانت له قصة مختلفة عن الدكتور نبيل فاروق، ويروي ما حدث لـ”الوطن”، بأنه دخل المؤسسة في البداية كرسام لقصص يكتبها الدكتور نبيل فاروق، وعندما شاهده الراحل حمدي مصطفى اقترح عليه المشاركة في كتابة روايات مصرية للجيب، وأن يبتكر فكرة جديدة ويؤلف لها القصص والرسوم، ولأن هواية خالد الصفتي في الأصل هي الرسوم، ابتكر فكرة كتب “فلاش” و”سماش”، ولم يتردد “مصطفى” عن خوض تلك التجربة معه، يقول خالد، “هو قالي أنت بتعرف تألف، معرفش هو شاف موهبتي إزاي لأن قبل كدة كنت برسم وبس”، لم يشك خالد الصفتي يومًا في موهبته في التأليف وإنما احتار من ثقة حمدي مصطفى به، التي يقول إنها كانت في محلها وأفضل شيء على الإطلاق حدث هو عمله معه.
موقف آخر لا يستطيع خالد الصفتي نسيانه عندما توفى حمدي مصطفى، وكان وقتها خارج مصر، انتابته حالة حزن شديدة بسبب عدم استطاعته حضور جنازته أو حفل تأبينه، ما دفع الدكتور أحمد خالد توفيق في ذلك الوقت إلى اقتراح بأن يلقي خطاب تأبين عن طريق حديث تليفوني ليكون به حاضرًا هذا الحفل، وهو موقف يوضح أهمية حمدي مصطفى عند الدكتور أحمد خالد توفيق.
“المؤسسة هي البيت الكبير الذي احتضن موهبتي” بتلك الكلمات عبر الكاتب شريف شوقي عن مكانة المؤسسة وحمدي مصطفى لديه، فهو يصفه بـ”الأستاذ” الذي يكن له كل احترام وتقدير وسيظل يدين له بكل الفضل فيما وصل إليه الآن واستمراريته في الكتابة وشهرته بين جيل كامل من الثمانينيات والتسعينيات، لا سيما ما قدمه في سلسلتين لهما جمهور عريض وشعبية كبيرة، بفضل الإمكانيات التي أتاحها له وعدم الحجر على الأفكار أو تغييرها، ما غرز حب القراءة عند الأطفال والشباب وجعلهم يرتبطون بالكتاب، “جزاك الله عنا كل الخير يا أستاذي”.
كاتب “زهور”: دخلت مجال الأدب من مسابقة للشباب.. وبدأت كتابة وعندي 11 سنة
هو كاتب استطاع الجمع بين نقيضين، فرغم دخوله المؤسسة العربية الحديثة عن طريق مسابقة للقصص البوليسية، إلا أنه نجح في القالب الرومانسي أيضا وشارك في سلسلة “زهور” بعدة روايات متجددة وأفكار لا تنضب، إنه شريف شوقي الذي به اكتملت سلسلة الكتاب وأصبحت الروايات أكثر تنوعًا بين المغامرات والقصص المصورة والألغاز.
بـ”الانفجار المجهول”، تم اختيار الكاتب ليكون جزءًا من جيل كتاب الثمانينيات والتسعينيات الذين يكتبون روايات مصرية للجيب، اختيرت قصته التي أصبحت فيما بعد جزءًا من سلسلة “المكتب 19” مع قصة أخرى للدكتور نبيل فاروق، بين 96 رواية عرضت عن المؤسسة آنذاك إذعانا ببدء فترة جديدة في عالم الأدب الذي يخاطب الأطفال والشباب، يقول شريف شوقي في حديثه لـ”الوطن”، “بعد شهر واحد من إرسال قصتي تم التواصل معي وأبلغني مندوب المؤسسة برغبتهم في التعاقد معي”.
كان ذلك الولد الصغير في الحادية عشرة من عمره لم يعلم بالمستقبل الكتابي الذي ينتظره، عندما بدأت موهبته في الكتابة تتفتح، وجد في نفسه شغف خاص في القصص البوليسية وتأليفها، ما أهله للحصول على الدرجات النهائية في التعبير والإنشاء، فأصبح محط إعجاب الأساتذة في تلك المرحلة المبكرة من العمر، وكانت كتب أجاثا كريستي، وأدجار آلان، وشرلوك هولمز، المغذي الرئيسي لموهبته، والتي دفعته لابتكار شخصيات بوليسية في سلسته “المكتب 19″، حيث شعر بالغيرة من هؤلاء الأبطال الغربيين وعدم وجود نموذج مصري لمخيلة الأطفال والشباب، فكان ممدوح عبدالوهاب بطل “المكتب 19”.
مؤلف “فلاش”: “المواطن المطحون” خرج من القوات المسلحة
صورة صغيرة رسمية في الجزء الخلفي من الإصدار لكاتب شاب هو من ألف ورسم، جيل كامل ارتبط به عن طريق كتاباته الواقعية التي لمست الشارع المصري، تبويب متميز للكتاب جعله “لكل الأعمار” وحجبه عن بعض الفئات ليكون “للمتفائلين فقط”، شخصيات مثالية وأخرى خيالية، منها المتفائل والبخيل، الكاتب خالد الصفتي صاحب كتب “فلاش” والتي كانت الأكثر انتشارًا ولها كثير من الإصدارات غير الإصدار الأصلي، تحدث لـ”الوطن” عن تجربة اختلفت عن سلاسل الروايات لجيل الثمانينيات والتسعينيات.
يستهل خالد الصفتي حديثه مستعيدًا الذكريات التي ولت عن نشأة كتاب خرج من كنف كاتب جاء للعمل في المؤسسة العربية الحديثة بداية كرسام لروايات الدكتور نبيل فاروق، ليأتي حمدي مصطفى ويكتشف الموهبة الوليدة في خالد الصفتي الشاب الحاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة ديكور، ويكلفه بتأليف كتاب كامل كتابة ورسوم وفكرة، فابتكر شخصيات واقعية جاءت من المجتمع المصري “فلاش مش طبيعته رواية تتقري من الغلاف للغلاف ده كتاب منوع، والناس ارتبطت بالشخصيات والشخصيات كانت مرتبطة بالأحداث”.

كاتب “فلاش”: دخلت العمل الأدبي كـ”رسام” لنبيل فاروق
إصدار فلاش وأخواته من “سماش وسوبر فلاش ومغامرات فلاش”، في التسعينيات كان في الموسم الصيفي ومعرض الكتاب، وتتوقف طوال العام لانشغال المؤسسة العربية الحديثة بإصدارات الكتب الدراسية، وتوقف الكتاب من عام 2006 وحتى 2013، يقول الصفتي، “انا كسول شوية سافرت برا مصر فبطلت اكتب”، ولكنه عاد لتأليف الكتاب في صيف 2014، وخلال تلك الفترة فكر الصفتي في تأليف رواية أخرى لكنه توقف عنها بعد أن فوجئ بسرقة فكرتها من قبل كاتب شاب بنفس العنوان والفكرة، لذا عاد في العام 2016 بمعرض الكتاب بقوة، بشكل جديد للكتاب، وحقق مطالب طالما عج بها البريد فيما مضى، “عدد صفحات أكتر وورق قوي أبيض، وطبع جديد وغلاف عصري”، ويقول الصفتي أنه سيزيد عدد الكتب لتكون 10 أعداد كل عام.
الكاتب الذي استطاع أن يمزج الخلطة السحرية في كتاباته يقول عنها إنها أثرت في الجمهور لأنه ابتعد عن “التابوهات” التربوية التي وجدت في معظم كتب الأطفال، بل اعتمد على سرد الحقائق دون تزييف أو تلوين، فارتبط الجمهور بالكتاب من خلاله، وهاجم النظام السياسي بشكل غير مباشر في طريقة تسلسل المغامرات، وكان يجد صدى لذلك عن طريق “بريد فلاش” الجزء الذي وثق تفاعل الجمهور الكبير مع الكتاب، رغم عدم ارتباطه بأحداث متسلسلة مثل بقية الإصدارات، ودلل الصفتي على كلامه بمجلة “سمير” التي تربى عليها ولكنها أصابها الروتين الحكومي فاختفى تأثيرها من الساحة الأدبية، عكس تأثير كتاب “فلاش” الذي ظل طوال تلك السنين وتأثر به كثير من مبدعي الوقت الحالي، مثل إسلام جاويش الذي ابتكر رسومات مستوحاة من رسومات الكتاب.
ويروي خالد الصفتي بدايته مع الكتابة وكيف خرجت شخصية “المواطن المطحون” من مجلة النصر، الصادرة عن الشؤون المعنوية للقوات المسلحة، “وقت دخولي الجيش بعد فشل وساطة عمي، قلت هتصرف بموهبتي كلمت العميد شوقي حامد المسؤول عن المجلة، وقلتله إني رسام وليه المجلة مفيهاش حاجة للأطفال” وافق العميد على عمل “الصفتي” معه في المجلة، وقضى جيشه في رسوم للمواطن المطحون التي رحبت بها المجلة العسكرية، وأفرد لها صفحتين يتذيلان باسم المؤلف، وتقاضى عنها راتبًا شهريًا قدره مائة جنيه، و5 آلاف جنيه مكافأة نهاية الخدمة.
مواقف المؤلف مع الجيش لم تنتهي عند هذا الحد، فقد طلب منه العميد شوقي في وقت لاحق رسم “بورتريهات” لشخصيات قيادية أمريكية في الثمانينيات، وتم الاتفاق بالفعل على رسم 50 لوحة لشخصيات هامة، منها رونالد ريجان الرئيس الأمريكي، وجورج بوش الأب النائب آنذاك، وحصل الصفتي مقابل هذا العمل على 5 آلاف جنيه لكل لوحة وهو مبلغ مالي كبير وقتها، وخطاب شكر من الإدارة الأمريكية على الهدية رغم أنه لم يكن مشهورا في هذا الوقت.

الصفتي: ثورة يناير عمقت الظلم الاجتماعي.. ومن ينادي بسقوط حكم العسكر مغيبون
ثم احترف “الصفتي الكتابة، وكان كتابه “فلاش” من أكثر الإصدارات التي تأتي لها رد فعل عن طريق “البريد”، انحاز في كتاباته للمرأة، فهو يرى أن “المجتمع الذي نعيش فيه متخلف وبه كبت”، لذا يلجأ إلى ظلم المرأة رغم خلو الدين من تلك التفرقة التي تعانية المرأة مع زوجها والبنت مع أخيها، “لما الولد بيبقى عنده علاقات عاطفية أهله بيبقوا مبسوطين، البنت لو عرفوا أن فيه حد بعتلها جواب، يسودوا عيشتها”، “علام” كانت الشخصية الأكثر تواجدا في كتب “فلاش”، وهو ليس من فراغ فهي أقرب شخصية لقلب الكاتب، يرى فيها انعكاسات الشارع المصري، بل أن معظم الإعلاميين “شبه علام”، خاصة فيما يفتون به، فالمجال مفتوح لأي شخص كي يكتب في الإعلام سواءً على شاشات التليفزيون أو الجرائد، ولم يعد هؤلاء ملتزمون، بكلية “الإعلام”.
واستلهم الكاتب خالد الصفتي شخصيتي “خليل وعدلات”، من الأفلام المصرية القديمة التي كانت تعرض شخصية الرجل اليهودي دون طائفية، باعتبارهم كانوا جزءًا من نسيج الشعب المصري، يقول “الأفلام دي كانت بتوضح التعايش بين المسلم واليهودي، كان البطل يهودي والسنيد بتاعه مسلم”، حاول الصفتي بالشخصيتين إزالة نمطية الإعلام، والتفكير الجمعي، ففي رأي الكاتب العدو الحقيقي لمصر ليس إسرائيل أو اليهود إنما أمريكا، التي تمثل حلم المجتمع الذي يرغب في السفر إليها بعد الجنة، “علم أمريكا بيتلبس تيشيرت”، وذلك رغم أن مصر هي هدف أمريكا من الشرق الأوسط، ويضيف، “25 يناير كانت بداية لمخطط يهدف إلى أن يدمر المجتمع نفسه لكنه فشل بفضل القيادة المصرية والجيش والمخابرات والشعب”.
كاتب “فلاش”: انحزت للمرأة لأننا في مجتمع عنده كبت.. وأرى شخصية “علام” في معظم الوجوه الإعلامية
رغم وجوده وقت ثورة يناير في قطر، فوجئ الصفتي باتصال تليفوني من أحد الشخصيات، “اتقالي كلام جميل جدًا وإن فلاش له دور بارز في تكوين الشباب اللي قاموا بالثورة، لانهم اتربوا عليه وعرفهم سلبيات المجتمع والنظام من رشوة ووساطة وتوريث وهي الأمور التي حاربتها فلاش عن طريق مغامرتها قديما”، الثورة في عيون كاتب المغامرات على الرغم من ذلك كأنها لم تكن، فهو يقارن بين مصر والمجتمعات المتحضرة حيث معنى لكلمة مواطن وحقوقه، “ثورة يناير عملت حاجة سيئة إنها قضت على العدالة الاجتماعية تماما وعمقت الظلم الاجتماعي”، لا يهاجم الكاتب -الذي اعتاد السخرية اللاذعة- الرئيس، بينما يهاجم النظام السياسي الذي يراه رأس الفساد، وما الرئيس بالنسبة له سوى اختيار الشعب الفاسد، ولا يوجد من مؤسسات الدولة الحالية جهاز قوي يهابه الخارج “سوى الجيش اللي مسبب ألم نفسي وحقدوغيظ للقوى العظمي”، لذا فالمنادون بإسقاط حكم العسكر يعتبرهم الصفتي شباب مغيب.
وعن الكتب والمستقبل الأدبي في مصر يقول الصفتي: “مستقبل الكتاب مش مبشر، لولا معرض الكتاب كان زماننا في خطر”، انتعاشة سوق الكتب وفق الصفتي يأتي من المهرجان السنوي الذي يحضره غالبية المصريين بكل مستوياتهم، وكل من يتوقف عن القراءة يعود للكتب مرة أخرى بمجرد دخوله معرض الكتاب وشراءه كتب جديدة، يرى الصفتي ضرورة وجود الكتاب مدى المستقبل حيث أنه لا بديل عن الكتب، فأوروبا التي تسبق مصر بعشرات السنين لا يزال الكتاب لديها بأهميته.
مؤلف “رجل المستحيل”: دور النشر رفضت مغامرات “أدهم صبري”.. ولم أتوقع لها هذا النجاح
هو الأيقونة التي ابتكرت فن الكتابة الجاسوسية والبوليسية والخيال العلمي، وجزء من جيل الكبار الذي شكل في البدء كيف تكون الروايات التي تعتمد على التوقعات والنظريات والخيال، ابتكر “رجل المستحيل” أدهم صبري، أول بطل مصري خارق يخلد ذكراه في جيل الثمانينيات والتسعينيات، وفتح “ملف المستقبل”؛ أسعفته مخيلته الواسعة وشغفه بالكتابة إلى تأليف أكثر سلاسل كتب الجيب نجاحًا رغم دراسته المختلفة كليًا، حيث تخرج من كلية الطب جامعة طنطا، إنه الدكتور نبيل فاروق، الذي أطلق عليه محبوه لقب “الأسطورة”.
يروي الدكتور نبيل فاروق لـ”الوطن”، بدايته حيث لم يضع له أحد سقفًا لكتاباته، فقد أتاح له حمدي مصطفى مدير المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر، حينئذ الفرصة كاملة لخوض التجربة، ولا يزال مؤلف “ملف المستقبل” يتذكر الأسباب التي دفعته لتأليف قصص لأبطال معاصرين، حيث اختفى من الساحة المصرية في ذلك الوقت الأبطال الخارقين وكان القراء قد اكتفوا بشخصيات تراثية مثل “الزناتي خليفة”، و”أبوزيد الهلالي”، وعند عرضه لمغامرات “أدهم صبري” على دور النشر رفضت جميعها هذا البطل الخيالي الذي يقدمه نبيل فاروق ما أصاب الكاتب بالإحباط ودفعه للتوقف عام 1979، ليعود مرة أخرى بفكرة لا يعلم كيف امتلكت مقومات النجاح لكن حمدي مصطفى وافق فورًا على طباعتها، “أنا معرفش إزاي رجل المستحيل حقق نجاح رغم إن كل دور النشر رفضتها”.

نبيل فاروق: القراء اكتفوا بـ”الزناتي” و”أبوزيد” فاخترعت “رجل المستحيل”
شهد عام 1994 صدور أول سلاسل نبيل فاروق لدى المؤسسة العربية الحديثة، بعد أن تفرغ تمامًا للكتابة تاركًا مدينة طنطا التي نشأ فيها عام 1990، استطاع الكتابة في كل الألوان سواء رومانسي أو غيره، “كل حاجة كتبتها هي قريبة لقلبي”، حتى الآن وبعد 30 سنة من التعامل معها يقول إن المؤسسة العربية الحديثة لا تزال ترعى جيل الشباب وتعيرهم اهتماما خاصا، لأنها تدفع للكتاب الذين يعملون لديها، عكس دور النشر الأخرى، ويوضح “الساحة مشكلتها أن النشر مبقاش حرفة قد ما بقى سبوبة”، فكل دار نشر تأخذ الآن من الكاتب تكلفة نشر الكتاب وأرباحه أيا كان نوعه، عكس فيما مضى حيث كانت تعتمد على الكتب الذي توزع أكثر.

مؤلف “ملف المستقبل”: معرض الكتاب حقق نجاحا ساحقا.. ودور النشر “فاكرة الأدب سبوبة”
رغبته في الاستقلالية جعلته يتوقف عن كتابة تلك السلاسل منذ أربع سنوات، ليتفرغ للكتابة الحرة، ولكنها ليست في مجال بعيد حيث ألف 7 روايات الفترة الماضية كلها خيال علمي، وثلاثة كتب في السياسة، لذا تحمل أعماله الكثير من الشخصيات والأسماء مختلفة الجنسيات والثقافات، ويرجع هذا إلى سفر الكاتب وترحاله، ويحاول إصلاح فكرة غياب الواقعية عن أعماله بأنه يؤلف القصة حسب طبيعة الشخصية وليس طبيعة القارئ، لذا فتلك الروايات هي طبيعة رجل الصاعقة وطبيعة الموظف، فهي اجتماعية أيضا.
فاروق: تركت سلاسل “روايات مصرية” لأتفرغ للكتابة الحرة
يسعد نبيل فاروق بالتطور الكبير الذي شهده معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث شارك بخمسة إصدارات منهم 4 في المؤسسة وإصدار آخر عن نهضة مصر، والإقبال الجماهيري على روايات الجيب الذي فاق السنوات الماضية، “لما عملت حفل توقيعي الأعداد الضخمة أدهشتني”، كذلك التطور الذي شهده الكتاب وغلافه وأساليب الطباعة، حيث تم عمل مجلدات لسلسة “رجل المستحيل” وملف “المستقبل”، لذا فإن مستقبل الكتب عموما، لن يتأثر بوجود أدوات بديلة مثل الإنترنت، فهو يقول، “التلفزيون مقتلش الراديو والنت مش هيقتل الكتاب، والدليل معرض الكتاب أنا بحضره من سنة 76 أول مرة أشوف الإقبال ده وكان إقبال إيجابي متزايد”.
يبتعد العقل الذي شكل معظم مخيلة الشباب الجاسوسية عن القراءة لهم في الوقت الحالي، “دلوقتي بقرأ في حاجات أكبر شوية”، لكنه في ذات الوقت يرى أن شخصية الشباب متفردة وتتبع نهجًا مختلفًا عنه في الكتابة ولولا هذا التغيير ما أخذ هؤلاء مكانهم في الساحة الأدبية، وهو الأفضل لهم وفق نبيل فاروق حيث يحقق لهم التميز، فهو يرى أن التأثر أو التكرار وكأنه ينظر إلى مرآة ليرى نفس الشكل والوجوه في عدة أشخاص، ولكن الكاتبة التي قرأ لها وعجبه اسلوب كتابتها بشدة كانت شيرين هنائي وكتاب حمل اسم مصطلح طبي هو “نيكروفيليا”.
* الوطن.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *