رسائل ت. س. إليوت إلى زوجته الأولى تكشف عن حزنه


* إعداد وترجمة/ ابتسام عبد الله


تلك المراسلات ستنشر في خلال هذا الشهر، وهي تشير إلى أن مشاعره لزوجته الأولى فيفيان كانت باردة.

إن خيبة، إليوت، في التهرب من زوجته الأولى فيفيان، كانت أشبه بمسرحية قبيحة، ورفضت فيفيان أن تصدق أن علاقتهما قد وصلت إلى الفصل الأخير، كما جاء ذلك عبر الرسائل المتبادلة بينهما، والتي لم تُنشر آنذاك.
العذاب الكبير عانى منه الطرفين، يبدو هذا واضحاً عبر الرسائل التي تم تبادلها عبر أصدقائهما المقربين، وما بينهما أيضاً. والتي تلقي ضوءاً جديداً على واحد من أشهر كتاب القرن العشرين. 
وهذه العلاقة التي تبيّنت أخيراً، وتشير إلى العلاقة الباردة بين الزوجين، فإذا كان إليوت بارداً تجاه زوجته، فيما كانت هي آنذاك، تعاني من انحراف عقلي.
وتعود هذه المراسلات إلى عام 1932، و1933،وهي مرحلة مهمة، قرر فيها “إليوت” المولود في اميركا، الانفصال عن زوجته فيفيان بعد 18 عاماً من الزواج، متخذاً قراراً بالعودة إلى الولايات المتحدة الأميركية، لإلقاء المحاضرات.
وفي رسالته في عام 1933 إلى صديقته اليدا مونرو، كشف إليوت عن زواجه الأول قائلاً: “إن تاريخ تلك العلاقة كان مجرد مسرحية فكاهية ومضحكة”.
“إن الولايات المتحدة الاميركية لم تغيّر شيئاً، ما عدا، أن الافكار أوحت لي أن حياتي ستكون هنا، افضل بعيداً عن فيفيان، لأني لم أعد اطيق تلك الحياة التي أمضيتها في لندن”.
وأثناء اعتقاده أن فيفيان لا تعرف شيئاً عن رغبته بالافتراق عنها، يكتب، “من الأفضل لي تلقي ضربة قوية مفاجئة، أتحملها، بدلاً من أن نجرّ الأمور لعدة أشهر حتى تدرك الحقيقة التامة وهي رغبتي في الانفصال عنها، ولا أنوي العودة”.
ومع ذلك فقد أبدى إليوت مشاعره تجاه تدهور عقلها، وعرض عليها تحمل النفقات التي تحتاجها في خلال فترة العلاج، والاهتمام أيضاً بحياتها من دونه.
وفي آب عام 1933 يكتب إليوت إلى صديقته الليدي اتولين موريل، نجمة المجتمع، “أنا قلق من أن تفقد فيفيان عددا من أصدقائها”. 
أما رسائل فيفيان فقد عكست تدهور وضعها الصحي، ففي آذار 1933، كتبت لموريل: “أجل أنا اعتقد، أن ذهابي إلى ساناتوريم.. مثلما أنا، اسوأ مراحل حالتي الصحية.. أبدو في حالة سيئة جداً. وقد اغتسلت مرتين أو ثلاث، بعد ذهاب توم، لقد غسلت شعري مرتين، ولديّ أقذر مجموعة من الثياب”.
إن هذه المراسلات ستنشر في 800 صفحة من كتاب يصدر عن دار فيبر آند فيبر في الثامن عشر من هذا الشهر.
رسائل ت ، س ، إليوت، الجزء السادس، هي جزء من مسلسلة يتم نشرها في 20 جزءا، في مجلد قريباً. 
وإليوت الذي كان قد منح جائزة نوبل للآداب في عام 1948، استقر في انكلترا عام 1915، العام الذي تزوج فيه من فيفيان.. وقد تدهورت صحة فيفيان تدريجياً بعد عام 1925. ولم يتم معرفة فيما ان كانت تعاني من الشيزوفرينا ام اضطراب عقلي. ولكن العلائم التي ظهرت عليها كانت اتباعها سلوكاً عدائياً تجاه الآخرين. 
وقد وصفتها فيرجينيا وولف في عام 1932 بـ “مسكينة، حزينة، تتناول الأدوية”.
توفيت فيفيان في عام 1947 وهي في الـ 58 من عمرها، بعد نقلها إلى مصحة عقلية، في عام 1938، بعد أن عثر رجال الشرطة عليها وهي تجوب شوارع لندن. وسألت ذات مرة شقيقها موريس: “أحقاً ان إليوت قد تم إعدامه!”.
والرسائل المتبادلة ما بين 1932 – 1933، تشير إلى شدة الألم الذي كان يعاني منه الاثنين. ويقول الاكاديمي جون هافيندين “انه أمر فظيع لكلا الطرفين” ويوميات إليوت، التي يراجعها حالياً عدد من النقاد، تشير إلى التصرف السيء تجاهها من طرف إليوت، انه في الواقع كان يعاني من الكرب. وتقول الرسائل المتبادلة بينهما، انه كان يعاملها بمودة وحنان كبيرين. وينصحها عبر الرسائل الاهتمام بنفسها.
وفي احدى مذكراته يقول إليوت: “ان هذا الأمر قد يصل إلى نقطة تشير إلى تضحيته”. وفي شباط عام 1933، يكتب إليوت إلى مونرو، عن خطته للانفصال عن فيفيان، وان لا يلتقي بها بعد الآن، إذ هدفي الحقيقي هو العمل والكتابة، وسأكرس نفسي لعملي.
 عن: الغارديان/ المدى 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *