توزيع جوائز دبي الثقافية واقتراح جائزة جديدة


*محمد الحمامصي


وسط حضور لافت من المبدعين والمثقفين العرب والإماراتيين، شهدت دبي حفل توزيع جوائز مجلة “دبى الثقافية” للإبداع، الدورة التاسعة 2014 – 2015، حيث بدأت وقائع الاحتفال بافتتاح معرض للوحات المشاركين في المسابقة فرع الفنون التشكيلية، تلاه حفل توزيع الجوائز الذي قدمته الشاعرة سهام الشعشاع التي أكدت أن دبي تعمل على دعم دعوات الحداثة والتجديد، وأن مجلتها الثقافية تعدّ انعكاسا للغليان الفكري لأمة تبحث عن هويتها الثقافية، وتنتصر للحداثة وقيمها دون أن تقطع صلتها بالتراث العريق، حيث تلعب دور المحرك والمحرض والراعي للتقنيات الأدبية والطروحات الإنسانية والحضارية، وترى في الشعر والرواية والفن قدرة على تغيير العالم، في وقت تتراجع فيه الثقافة أمام الخسارات.
عرض بعد ذلك فيلمان، الأول فيلم خاص بالجائزة في دوراتها السابقة، تحدث فيه الشاعر والكاتب سيف المري رئيس دار الصدى للصحافة ورئيس تحرير مجلة دبي الثقافية، مؤكدا أن مجلة دبي الثقافية وجدت من أجل المثقف العربي من الخليج إلى المحيط، تحمل أحلامه وتبري أقلامه وتتألق به ومعه، ماضية إلى مستقبل أفضل للواقع العربي.
والفيلم الثاني هو الفيلم الفائز بالجائزة الأولى فرع الأفلام التسجيلية، فيلم “فنار الروح” للتونسية لبنى ظافر الخطيب، والذي يؤكد أن الإعاقة مهما بلغت قسوتها لا يمكن أن تحول بين الإنسان وتحقيق وجوده وأحلامه والمشاركة في صنع واقع أفضل للإنسانية، من خلال مواطن تونسي قدّر له أن تبتر ساقه ويمشي على عكازين.
الحوار الفعال
وقبل توزيع الجوائز على الفائزين كانت كلمة لجان التحكيم التي ألقاها الروائي الجزائري واسيني الأعرج الذي قال فيها “تثمن لجان التحكيم جهود مجلة دبي الثقافية وفريق عملها النشيط والحيوي، وعلى رأسه الأستاذ سيف محمد المري، الذي جعل من دبي الثقافية منارة، استطاعت أن تجمع حولها الكثير من المثقفين العرب من كل الأجيال. دبي الثقافية بهذا المعنى ليست مجلة فقط، لكنها مؤسسة راهنت على الكتاب والكتابة بوصفهما الوسيط الأبقى للحوار الفعال. يكفي أنها أصبحت أكبر دار نشر عربية، وإن لم تقل ذلك. الكتب القيمة التي نشرتها، بأعداد هائلة، تشكل اليوم مكتبة عربية حديثة ومتفتحة للكثير منا. فأيّ دار عربية قادرة اليوم على مغامرة النشر بهذا الاندفاع، وبسعر لا يغطي حتى الحدّ الأدنى من النفقات؟ لقد أدركت دبي الثقافية في وقت مبكر أن لا شيء أجلب للخراب مثل التطرف الذي يبنى على بقايا معرفة هزيلة ومبتورة عن أيّ سياق. فهي تدرك أن الثقافة لم تعد رفاها ضافيا، ولكنها حاجة حيوية استراتيجية، وربما كانت القناة الوحيدة المتبقية التي نستطيع من خلالها محاورة الآخر”.
وأضاف الأعرج “في هذه الدورة التاسعة 2014 ـ 2015 لم تتخلف دبي الثقافية عن موعد جوائزها في الشعر، والقصة القصيرة، والرواية، والفنون التشكيلية، والحوار مع الغرب، والتأليف المسرحي، والأفــلام التسجيليــة، وشخصيـة العام الثقــافية الإماراتية، والمبحث النسوي العربي، وأخيرا جائزة أفضل كتاب لمؤلف إماراتي. ولم تتخلّ المجلة عن رهاناتها القومية الأساسية، فكان الفوز والتنويه عربيين بامتياز، اشتركت فيه الإمارات العربية المتحدة، بجانب فلسطين، مصر، الجزائر، المغرب، تونس، الأردن، السعودية، سوريا، اليمن، الكويت، السودان، العراق ولبنان. وقد انتصرت لجان التحكيم في عملها الجاد والموضوعي، للإبداع العربي المميّز ولكل ما يؤصّل الثقافة العربية ويضعها في المدارات الإنسانية، وكم هي في حاجة ماسة إلى ذلك؟”.
واقترح الأعرج أن تضاف إلى هذه الجوائز القيمة، جائزة الجهد الأجنبي تجاه العالم العربي، وقال “هناك مثقفون عبر العالم، في أميركا وأوروبا وآسيا، يستحقون كل التكريم، لأنهم يخوضون حربا تكاد تكون يائسة، ولكنهم مؤمنون بها، ضدّ الكليشيهات الغربية الجاهزة عن العربي وتاريخه ومآله”.
وفي كلمته توجه سلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي الفائزة بجائزة شخصية العام الثقافية الإماراتية، بالشكر إلى دبي الثقافية لاتساع رؤيتها وعطائها ونبل رسالتها الفكرية والثقافية والإعلامية باختيارها ندوة الثقافة والعلوم شخصية العام الثقافية، مؤكدا أن الاختيار يؤكد أهمية تضافر الجهود وتكامل العمل الثقافي والإبداعي والعلمي في الإمارات الفتية والذي يشكل في النهاية ملحمة وطنية من الإنجازات تخلد للأجيال القادمة.
فتنة المبدعين
وألقى الشاعر ناجي حرابة الفائز بالجائزة الأولى في الشعر كلمة الفائزين حيث قال “ليس بمقدورنا أن نحرف قطار الأقدار عن سكته، ولكن بمقدورنا أن نجعل الرحلة أكثر سعادة، وليس في طاقتنا أن نقطف زهرة الخلود، ولكن في طاقتنا أن نختزل في دواخلنا أعمار الآخرين، وعصيٌّ عناقُ المستحيل، ولكن ليس عصيّا على المبدع أن يقصّر المسافة بينه وبين المستحيل، ولكي تكون الأرض أجمل لا بدّ من أدب وفن وفكر، ليكتمل فعل المثل السماوية، ولكي ينحسر طوفان الإرهاب الذي يجتاح العالم لا بدّ أن تظل شمس الجمال مشرقة ساطعة، ولكي تنمو أشجار السلام، لا بدّ من تربة خصبة، وللجوائز فتنة تحفّز المبدع على خوض الفتوحات الثقافية، والإشراقات القلمية، وعلى صقل مرآة روحه حدّ التجلي، كي يعانقها حدّ الفناء، لتقول هي له: ما تحت الجبّة إلا الإبداع. ومن بين تلك الجوائز الكبرى في عالمنا العربي، نلمح جائزة دبي الثقافية أعلى كعبا، وأشفّ حيادية، فلا غروّ أن يتكاثر على خِطبتها المبدعون، وأن تمسي حلم كلّ كاتب لا يقنع بما دون النجوم”.
وفي كلمته رحب الشاعر سيف المري رئيس دار الصدى للصحافة ورئيس تحرير مجلة دبي الثقافية بالاقتراح الذي طرحه واسيني الأعرج، وذلك بتخصيص جائزة بقيمة مئة ألف دولار لأفضل كتاب غربى مكتوب بإحدى اللغات الأجنبية بدءا من الدورة المقبلة. وطالب باقتراح شروطها على أن تسعى إلى التعرف على الغرب المستنير والتحاور معه بعيدا عن جدالات السياسة والساسة وقال “مللنا من ساسة الغرب، ونسعى للتحاور مع مثقفيه ومبدعيه”، على أن يترجم العمل إلى اللغة العربية.
وأعقب ذلك تسليم الجوائز لشخصية العام الثقافية الإماراتية إلى ندوة الثقافة والعلوم بدبي، شخصية المبحث النسوي إلى الكاتبة سحر خليفة، وجائزة أفضل كتاب لمؤلف إماراتي إلى ليلى محمد يوسف البلوشي عن كتابها “السرديات النسوية الحديثة في الإمارات: مقاربات نقدية في الرؤية والتشكيل”.
وتم تسليم جوائز الشعر والقصة القصيرة والرواية، وجائزة الفنون التشكيلية، إضافة إلى جائزة الحوار مع الغرب، وجوائز الأفلام التسجيلية، ووزعت كذلك جوائز على الفائزين في فئة النصوص المسرحية.
كما تمّ تكريم أعضاء لجنة التحكيم: حيدر حيدر، واسيني الأعرج، نبيل سليمان، أحمد البرقاوي، هيثم الخواجة، إبراهيم محمد إبراهيم، يوسف أبولوز، حسين درويش، عزت عمر، صالح هويدي، عبدالفتاح صبري، وائل الجشي، محمد سيد أحمد، إسلام أبوشكير، عمر عبدالعزيز، إبراهيم سالم، أحمد أبورحيمة، علي العامري، وعصام أبوالقاسم.
___
*العرب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *