جيف دي كراف ترجمة: آماليا داود
خاص ( ثقافات )
“إجابة الابتكار هي إغراء الوهم”
إجابة الابتكار هي إغراء الوهم، نحن جميعاً نريد حلاً سريعاً وسهلاً لمشكلاتنا المعقدة، لكن الإجابات في الواقع لا تقدم حلاً، لأنه في عالم الابتكار، سوف يكون هناك دائماً سؤال آخر أو حاجة نريد أن نحققها، فبدلاً من التشتت بسبب الحلول المنظمة، نحن بحاجة إلى تعلم كيفية تقدير تعقيد الأسئلة الكبيرة.
وهذا بالضبط ما تعلمته خلال ثلاثين عاماً من الخبرة: السؤال هو الإجابة، فعندما نتعرض إلى سؤال كبير نقضي معظم الوقت في الإجابة عنه هو نفسه، ونحاول جعله منطقياً والغوص في معانيه الدقيقة وآثارها.
صنع المعنى هو المهارة الأساسية للابتكار، تفسيرنا للقصص هو كيفية رؤيتنا لهذا العالم، وصنع المعنى للقصص بحاجة إلى عنصرين رئيسين: الحركة المعرفية واستراتيجيات التحقيق، الحركة المعرفية تشمل قدرتنا على رؤية شيء من وجهات نظر متعددة، والربط بين مجموعة متنوعة من العناصر المترابطة، أما استراتيجيات التحقق هي الأسئلة التي نسألها لاختراق قضية، والسؤال المثالي يكون سؤالاً تحليلياً وتوليدياً، والذي يحفز التفكير النقدي والإبداعي.
ومن أجل أن نبتكر الأسئلة الكبيرة، نحن بحاجة للمرونة، والاستعداد للنظر إلى الشيء الواحد من خلال وجهات نظر متعددة وثقافية متنوعة، مع ذلك، الأهم هو الصبر والتسامح، الأسئلة غالباً ما تكون محبطة ومربكة، وأحياناً تسبب الجنون، فالأسئلة تؤدي إلى المزيد من الأسئلة، وأحياناً تجلب لنا الأشياء التي لا معنى لها، أو الطرق المسدودة، لذلك كن مستعداً لبذل المزيد من الجهد والوقت لتجرب مغامرة الأسئلة، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات لتأخذها بعين الاعتبار أثناء تنقلك بين الأسئلة.
معرفة حدود تحيزاتك الخاصة
كل ما تراه يتحدد من خلال موقفك المميز: ثقافتك، وتعليمك، وانضباطك الشخصي، لكن معظم الناس لديهم مشكلة في رؤية ماضي تجاربهم وتاريخهم، لذا فعليك أن تعي انحيازاتك جيداً، خذ بعين الاعتبار مثلاً: الخطأ الشائع الذي تقترفه الشركات بأن نفس العمليات والتقنيات التي يستخدمونها في البلدان المتطورة ستكون صالحة للاستخدام في البلدان النامية، وقد دمر هذا المفهوم الخاطئ مسيرة العديد من المديرين الذين لم يستطيعوا النظر إلى الأمور من وجهة نظر خارجية متنوعة لشركاتهم، ولم يطوروا الوعي الذاتي من خلال طرح هذه الأسئلة: كيف ستتغير هذه الحالة إذا فُسرت من قبل وجهة نظر مختلفة؟ ماذا ستكون ردة فعلي العاطفية لهذه القضية؟ وكيف تؤثر تلك الحالة على كيفية تفسيري لتلك القضية؟
غير مكان الشخصيات المؤثرة في هذه القضية
القصص هي تفاعلات الإعداد، أفعال الشخصيات، والدوافع، ومن أجل إعطاء المعنى لهذه التغيرات المعقدة قام علماء النفس واللغة والفلكلور والمنظرين الحيويين باستعارة تقنية التشكيل من علم الأحياء، والتي هي في الأساس ممارسة تفكيك وإعادة بناء الأشياء، وتنطوي على تحديد خمسة عناصر، وهي: من، ماذا، أين، لماذا، متى، بالإضافة إلى “كيف”، كعنصر سادس، ومن ثم أخذ تلك العناصر وتدويرها، على سبيل المثال في مصنع للسيارات، مدير التسويق قد يكون مسؤولاً عن القرارات المتعلقة بمواصفات السيارات الجديدة، لكن عندما يتعلق الموضوع بصناعة السيارة وتقييم جودتها، القرار يصبح بيد مهندسي التصميم، وهذا المثال فقط لتوضيح الرؤية الحاسمة في التحول لاتخاذ القرارات، لذا عليك أن تتدرب على التفكير التشكيلي لطرح هذه الأسئلة: من الشخص غير الموجود في القضية وعليه أن يكون موجوداً؟ ماذا لو تغير تسلسل الأحداث؟ الأجوبة قد تفاجئك.
اسحب الخيط
الأسئلة تجعلنا نرتجل لأننا لا نعلم إلى أين سوف تقودنا، وعلينا أن نكون على استعداد لفعل أشياء لم ندرك بعد إمكانية الحاجة إلى القيام بها، وهذا يتضمن التعلم الحواري، والذي يعني فهم معنى الأشياء عن طريق مناقشتها مع أشخاص آخرين، والتعلم الحواري يقودنا إلى ملايين الاتجاهات المختلفة. في جميع القضايا والقصص، هناك درجة عالية من الغموض. وكل مرة نفكر فيها بالسؤال، سوف نأتي بتفسيرات وصلات جديدة، تختلف عن تلك التي نستجيب بها للأمثال الدينية.
على سبيل المثال: القائد العديم الخبرة سوف يقوم بطرد موظف متميز بسبب تأخره المتكرر، لكن القائد الخبير يستفسر عما يجعل هذا الموظف يتأخر، وربما يكون هذا الموظف يعمل في عملين لتغطية نفقاته ومع زيادة صغيرة قد يستطيع الموظف ترك عمله الآخر، لذلك القائد الخبير يستطيع أن يسحب الخيط، بدلاً من إطلاق النار هو يعلم تماماً ماذا يستطيع أن يفعل، وعليك أن تسأل تلك الأسئلة لتعرف متى يمكنك أن تسحب الخيط: ماذا يعني هذا؟ ماذا نفعل؟ وهذه هي أكثر وأهم الأسئلة المتشابكة من بين جميع أسئلة الابتكار التي يمكنك أن تسألها.
الابتكار هو عملية دائمة قيد التنفيذ، إنها تجربة دائرية وليست تجربة الخط المستقيم، عليك البدء بسؤال والانتهاء بسؤال، وإذا كنت تبحث عن إجابات، فأنت تضيع على نفسك فرصاً غير متوقعة، والناس الذين يعتقدون أنهم وجودوا الحل النهائي أو الحل الصحيح هم الأشخاص الذين سوف يتأخرون لحل القضايا اللاحقة، أو التحدي الجديد الذي ظهر ولن يروه.
المصدر psychologytoday