طالب عباس الظاهر
” لا… ليست مصادفة أبداً إنّا كنا معاً منذ البدئ والى الأبد “
أستميحك عذرا أن حاولت كشف سوءاتك، وتعرّية نوازعك حدّ الخجل. و…… ما بك؟ ألا تعلم كم تكون قبيح الشكل حينما يعتليك الغضب هكذا؟ ما أسرع عطبك يا أنت؟
حسناً… سأعمل بأخلاقي فقط، ولا تحسبه غرورا كما عهدتك بتسفيه الأشياء التي لا تعجبك، أو تظن كياستي حرصاً مني لاستمرار علاقتنا التي امتدت زهاء النصف قرن تقريبا، قل تلاحمنا حدّ الذوبان… لا تقلق فقد شهدت اليوم موت تلك العلاقة، ونفضت يدي وملابسي، والأهم ذاكرتي من أتربة الدفن وغباره.
باختصار شديد تحررت منك.
أجبني هيا ولا… لا تلوذ الى هذا السكوت. والقي بعصيك … علّها تلقف عصاي، دافع عن نفسك بكل حرية… الحرية التي توصلت لها أنا توا.. بعد تحرري من سطوة حضورك الطاغي. وليست تلك الشوهاء التي عودتني عليها واوهمتني بها… تلك الأمرُّ من الدكتاتورية نفسها..!
اهدأ، فلا يلجمك الذهول، نعم هذا أنا الذي يحدثك، فلا تدع المفاجأة تسلبك حق الدفاع. فقط جد لصراحتي عذراً.. أي عذر مما تملك… وأنا واثق بأنك لن تعجزك الحيلة..!
يا أنت… سمّ هذا البوح وهذه الفضفضة بما شئت… ما عاد رضاك أو غضبك يعنيني كثيراً، أو حتى فحوى التسميات تثيرني بعد أن تكشّف لي لبّها. ولا تنسى فأنت أقدر مني في المناورة في المناطق الآسنة في روح الحياة، قل في جسدها!.
تبا لي… هل عدت الى ذات الأسلوب في التدليس والتلبيس.. عاودت التستر والمناورة من وراء عموميات حتى في التعرية.. أليس ذاك محل سخف وسخرية مني؟
هل تنكر بانك من كتب هذا : ” لعلّه تعبنا كله من الحاح رغائب هذا الجسد اللعين (السجن)!
فلماذا لا نتحرر الى مجرد أرواح عائمة في سديم الفراغ؟
ولكي تسقط من حساباتنا أغلال الزمن،
وتتحطم فينا قيود المسافة… والكينونة.
وندفع عن أحلامنا كابوس الفناء، وعن أمانينا زيارة شبح الموت.
ونستغني عن حاجات كثيرة مزعجة!”
إذن بعد هذا ما بالي أخشى عليك؟ بل ما بالك تستغربني؟!
عرفتك سليط اللسان … دلق الحجة … حاضر التبرير خلال مسيرتنا وعشرتنا الطويلة، حداً تستطيع أن تجد الأعذار دون اعتذار بكل سهولة لجميع أنواع الحماقات والمطبات والانزلاقات… خاصة الجنسية منها!، لتبرر لنفسك أي فعل وقول وتصرف، كأن الحقيقة عندك… كل رؤوسها أقدام، وكل أقدامها رؤوس… أنّى سقطت سيكون الحق معك وفيك ومنك!
طفح بأعصابي يا أنت تعب الكتمان، وإضفاء الترتيشات اللازمة على قبحك، قد كانت ترعبني أدنى نظرة شك تجاهك، وأضعف إشارة اتهام توجه اليك… الآن ما عاد كل ذلك يهمني ، فجأة اكتشفت بعد غور هوة الهراء في وجودنا، قصدت وجودي معك … وجودنا معاً، فإن وجودك كله لا قيمة له البتة… تكشّف لبصيرتي زيفك فوجدتك مجرد جسد نتن آيل للتراب، سيظل لاهثا خلف اشباع غرائزه فقط. أفكر أن أبدأ مسلسل التعرية من النهاية … نعم، يعني لا أعدد المساوئ، بل ربما أشتغل على المحاسن أولاً سيكون الأمر أسهل عليّ بكثير.
عجبا، هل تمتلك محاسن حقاً … وأنا قررت تسميتك الآسن؟
ولعله أفضل ما فيك إنك لا تأتي الخطأ مثلي ثم تقعد تجلد ذاتك وتوبخها… تلوك بأعصابك، وتعضّ أصابع الندم، تمضغ حتى جوانب الصح في الفعلة… ليصير الخليط أسود لا بياض فيه. وأنا أعجب من قدرتك على ارتكاب الحماقات بأعصاب هائجة … فجلّ ما ارتكبت من حماقات وسخافات جاءت نتيجة العاطفة، أنت تسمي الأمر برمته انسياق خلف الفطرة… فطرة الله. لكنك كالعادة تخلط المفاهيم… ليضيع عليك وجه الحقيقة، كمن يغطي وجهه بأصابعه ليحمي وجهه من فورة حمى جنون العالم.
لم تقل مثلا فطرة الله، وفطرة الشيطان. ألا تدري بأنه انحدارا، وانسياقا خلف فطرة موبوءة بالشهوات… بدل التسامي؟
فحينما تمحى وجوه الأشياء في خضم ثورة الغرائز؛ يضيع صوت العقل وتحذيراته، ويبدأ مسلسل التهاوي نحو حضيض الخيارات. ويحوّلك ذلك الى مجرد حيوان هائج، خاصة عندما تتملكك الرغبة حدّ الاحتلال… فتبحث عن إشباع نزواتك، واسكاك صراخ الجوع غرائزك … بأية طريقة كانت، وعلى حساب أية قيمة وفضيلة وأخلاق… لأنك ستظل أتعس من الحيوان!
وأنا سأحلم أن اكون أفضل من الملائكة.