د. بو تشي وو ترجمة: آماليا داود
خاص ( ثقافات )
ماذا يحدث عندما تضطر القيادات إلى تتبع تدفق المعلومات؟
“عصر المعلومات” قد مات، ونعيش الآن عصر اللامركزية والمعارف الموزعة.
ما هو جديد وجدير بالملاحظة هو أن التواصل وتبادل المعلومات ينموان بمعدل هائل، ونحن مطالبون بإيجاد معنى لها في حياتنا الشخصية والعملية كل يوم، من أجل البقاء على قيد الحياة، وهذه طبيعة أدمغتنا، فكل معرفة نواجهها نسعى لإيصالها مع أجزاء أخرى من المعرفة، هذا هو المبدأ الأساسي للتعلم، والتعلم هو رغبة لمحاولة فهم المعلومات، وهذه العملية تصل نقاطاً معرفية بعضها ببعض بمعدل هائل، كل هذا يحدث في أدمغتنا سواءً أدركنا ذلك أم لم ندركه.
ألا ينبغي علينا أن نكون أكثر وعياً؟ من نحن، كأفراد، وكمجتمع، وكيف سنواكب التحديات التي تصاحب تلك التغيرات الهائلة في التكنولوجيا؟ نحن لسنا معتادين على التغيير بهذه السرعة، كلنا يقاوم التغيير، إلى حد ما في معظم جوانب حياتنا، هل نعلم كيفية التكيف بسرعة كافية؟ ماذا يمكن أن يحدث إذا لم نحاول؟
تاريخ التطور المجتمعي قد تبع اختراع أدوات جديدة، عندما واجهنا مهام أكبر من طاقاتنا الجسدية، طورنا الآلات لتقوم بعمل لا تستطيع أجسادنا أن تعمله، وقمنا بتوجيه تلك الآلات بدقة متناهية، والخطوة التي تلتها أننا قمنا بتطوير آلات تستطيع القيام بالمهام العقلية، وتستطيع أن تعمل أسرع من العقل البشري، لكننا ما زلنا نتحكم بعمل تلك الآلات.
حتى أواخر القرن العشرين، مع تطور التعليم هناك مثال ذو نمط مماثل، بدءاً منذ مئات السنين كان المتعلمون تعليماً عالياً يتحكمون بالهياكل التنظيمية حيث أفراد معينين في مناصب معينة تسيطر على تدفق المعلومات، وسيطرت على المعلومات في نموذج مركزي وتم توزيعها في قنوات محددة.
ما الذي حدث للتعليم وللنظام الاجتماعي خلال الثلاثين سنة الماضية؟
تفخر الدول النامية بزيادة نسبة المتعلمين فيها في المدارس الثانوية والشهادات الجامعية، وانعكس ذلك على النظام الاقتصادي القديم، حيث فَهم العمال أن باستطاعتهم القيام بأكثر من العمل اليدوي، ما الذي يحدث عندما يتعلم القسم الأكبر من السكان التفكير وطرح الأسئلة، خاصة حول السلطة؟ وكيف تستجيب الدكتاتوريات المستبدة لهذا النمو الفكري؟
حرق الكتب في الإسكندرية، والنازية، والثورة الثقافية الصينية؟ ما هذه المحاولات إلا محاولة تدمير التدفق الحر للمعلومات والأفكار، باسم الحفاظ على البينية الاجتماعية.
اليوم، الهياكل الاجتماعية والحكومية والاقتصادية لديهم شعور متناقض حول انفجار المعلومات، فمن ناحية هو يمثل تقدماً، ومن جهة أخرى يسمح للعناصر التخريبية للوصول إلى السلطة والنفوذ.
على سبيل المثال، وسائل الإعلام والقيادات الحكومية، بدأت تفهم وتعترف أن داعش تستخدم وسائل الإعلام الاجتماعية وموارد الإنترنت الأخرى بطرق متطورة لتجنيد الآلاف من الأتباع في جميع أنحاء العالم، قوة المعرفة اللامركزية.
وهذا الوضع يسبب تحدياً جديداً اليوم.
المؤسسات العالمية تَعلم اليوم أن القيادة يتم توجيهها من أجل متابعة تدفق المعلومات، فالهيكل التنظيمي لم يعد مسيطراً على التدفق، كما كان سابقاً.
ولذلك يجب على القيادة أن تكون مرنة قابلة للتكيف، ومحددة السياق. يتم تعريف الفريق على نوعية المعلومات التي يحتاجها للعمل ومشاركتها، عادةً، بعض أعضاء الفريق ليسوا موظفين رسميين ولا يكونون عرضة للخطوط التقليدية للسلطة، كيف نستطيع إدارة الناس عندما لا نستطيع السيطرة على معلوماتهم لنستطيع تحريرها؟ وخاصة بالنسبة لمبادرات الابتكارات، نحن نحتاج إلى فرق “عالية الأداء”، وتكون القيادة هي مسؤولية مشتركة حيوية تركز على النتائج وتعتمد على البيانات، وهذا المفهوم مهم للغاية حيث إن هذه الجهود تواجه دائماً تحدياً كبيراً يتمثل بمقاومة التغيير.
مقاومة التغيير سوف تكون حتى داخل الفريق الواحد، لكن لا بد أن نعترف بقيمة الابتكارات الناجحة، حتى لو كنا من المنافسين.
كيف يمكن للإنسان أن يُعدَ النظام البيئي لقبول التغييرات التي هي جزء من الابتكارات الجديدة؟ يجب أن يتم الاستفادة من الربط والمعرفة المشتركة من قبل العديد من الناس في جميع أنحاء النظام العالمي، فهناك دلائل واضحة على أن ما كان يعدُ بالأمس مشكلة صار اليوم كارثة، فالنظام الذي نعيش فيه هو نظام متوازن ويستمد استمراريته من الإنسان، وأي زيادة أو نقصان في المكونات قد يضر بالتوازن.
وهذه المبادرة لن تكون فعالة إلا عندما يقدر جميع الأفراد والجماعات المساءلة عن النتائج.
أليس هذا هو المعنى الحقيقي للمعارف اللامركزية؟ كيف يمكن أن تكون مثل هذا الاتجاه علامة على التطور الاجتماعي الإيجابي؟
المصدر: psychologytoday