فاتن وحدها تكفي


*هيام الدهبي



«فاتن وحدها تكفي… لقد وجدت أن الاسم الوحيد اللائق بهذا الكتاب هو «فاتن». هكذا قال الناقد السينمائي طارق الشناوي في مقدمة كتابه الصادر ضمن مطبوعات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السابعة والثلاثين والتي كانت مهداة إليها.
يقول الشناوي في الفصل الأول «لكل زمن إيقاعه ومفرداته وقانونه ونجومه وأيضاً جماله إلا أنه تظل دائماً هناك استثناءات، إنه الفنان الذي يعيش معنا في زمن ويظل محتفظاً بمكانته في زمن آخر. فقد عرف الجمهور فاتن حمامة باعتبارها طفلة خفيفة الظل قادرة على الاستحواذ على اهتمامه فكان الحب من أول لقطة، فهي ليست في حاجة لكي تقول لنا بين الحين والآخر نحن هنا لأنها دائماً في قلوبنا، إنها الطفلة الصغيرة في فيلم «يوم سعيد» للمخرج محمد كريم التي لم تبلغ التاسعة عام 1940 حتى وصلت إلى مسلسل «وجه القمر» 2000 للمخرج عادل الأعصر حيث كان آخر ظهور لها منذ قرابة 15 عاماً.
ويكمل الشناوي «فاتن حمامة هي نموذج للطفلة الاستثناء التي سمح لها الناس بأن تواصل مشوارها معهم وبنفس البريق لأنهم اعتبروها فنانة من العائلة تربطهم بها صلة شخصية وليست مجرد حالة مرحلية ولهذا بمجرد أن تعدت سنوات الطفولة واصل مكتشفها محمد كريم مشواره معها لتشارك في فيلم «رصاصة في القلب» أمام راقية إبراهيم ومحمد عبدالوهاب ثم يمنحها بعدها بطولة فيلمه «دنيا» وهو أول فيلم عربي يشارك رسمياً في مهرجان «كان» في أولى دوراته 1946 ثم قدمها حسن الإمام في أول أفلامه الروائية «ملائكة في جهنم « وهي في الخامسة عشرة من عمرها ثم في فيلم «اليتيمتين».
أما في الفصل الثاني فيرصد الشناوي بعضاً من نقده لأفلامه، قائلاً «المزج بين الدمعة والابتسامة هو ما برعت فيه فاتن في فيلمها «موعد مع الحياة» ويرى أن براءة الروح تسكن إحساسها قبل أن تنطق ملامحها في موعد مع السعادة ولها القدرة أن تهمس بالنظرة قبل الكلمة في طريق الأمل كما أنها استطاعت أن تتجاوز عمرها الزمني في الاختيار فاتسعت أمامها دائرة الإبداع في «بين الأطلال»…إلا إنها استطاعت أن تجسد بأدائها في «نهر الحب» إحساس الشفافية بينما كان أداؤها في «أريد حلاً» هو الأداء الهامس الذي يشي ولا يبوح وحافظت على تباين الانفعالات بأستاذية في «ليلة القبض على فاطمة» واستطاعت فاتن أن تتوارى تماماً ولا يتبقى سوى «نرجس ريحان» في «أرض الأحلام».
وفي الفصل الثالث يلتقط الشناوي بعضاً مما قالوه عنها ويبدأ بوالدها أحمد حمامة الذي قال: «كانت ابنتي لامعة الذكاء منذ طفولتها. كانت أذكى طفلة في العائلة وموضع حب كل أفرادها». بينما قال الفنان عبدالسلام النابلسي: «ولدت وعلى جبينها نجمة وعاشت وفي عينيها طموح، الحياة عندها فن والفن عندها حياة». وقال الكاتب يوسف إدريس: «تأمل أي صورة لفاتن حمامة أو شاهد لها أي فيلم وثق أنك من أول لحظة ستقف إلى جانبها وتتحمس لها لا لجمالها وأناقتها ولكن لأن الشخصية التي ظهرت بها فاتن في أفلامها هي شخصية الفتاة الضعيفة وتساءل: لماذا لا تترك التمثيل بكل ضعفها كامرأة وتمثل بكل قوتها وكامرأة أيضاً؟».
وفي الفصل الرابع، رصد الشناوي بعضاً من الشخصيات التي ارتبطت معها في أفلامها سواء مخرجين أو مديري تصوير أو فنانين وفنانات، وكان أكثر المخرجين ارتباطاً بها هنري بركات فقد أخرج لها 19 فيلماً وحسن الإمام 12 فيلماً وعز الدين ذو الفقار 9 أفلام وأكثر مدير تصوير عمل معها وحيد فريد 27 فيلماً وعبد الحليم نصر 11 فيلماً ومصطفى حسن 10 أفلام ومن الفنانين عماد حمدي فشاركها بطولة 19 فيلماً وشكري سرحان 14 ومحسن سرحان 9 وأحمد مظهر 9 ورشدي أباظة 8 ومن الفنانات زهرة العلا شاركتها بطولة 12 فيلماً وهند رستم 5 أفلام وشادية 4 أفلام كما قدمت فاتن 3 مسسلسلات إذاعية «افواه وأرانب، كفر نعمت، ليلة القبض على فاطمة» وفي التلفزيون «ضمير أبلة حكمت» 1991 و«وجه القمر» 2000.
كما أن هناك أفلاماً من بطولتها أعيد إنتاجها مرة أخرى مثل: «لك يوم يا ظالم» 1951 وأعيد باسم «المجرم» في 1978 و«حب فوق البركان» 1978 و«الملاك الظالم» 1954 أعيد باسم «القضية المشهورة» 1978 و«قلوب الناس» 1954 أعيد باسم «الساحرة الصغيرة» 1963 و«ارحم دموعي» 1954 أعيد باسم «حب وكبرياء» و«أيامنا الحلوة» 1955 أعيد باسم «وداعاً للعذاب» و«بين الأطلال» 1959 أعيد باسم «اذكريني» 1978.
ويختتم الناقد السينمائي طارق الشناوي قائلاً «فاتن هي الفنانة التي اختارها الجمهور والنقاد بإرادة حرة لتحمل لقب أيقونة الفن، ففي عام 1996 أقيم أول استفتاء لأفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية حظيت هي بالمركز الأول ورصيد 11 فيلماً سينمائياً وهي أفلام (رصاصة في القلب – ابن النيل – لك يوم يا ظالم – المنزل رقم 13 – صراع في الوادي – ايامنا الحلوة – بين الاطلال – دعاء الكروان – الحرام – امبراطورية ميم – أريد حلاً)».
إن الفنان الاستثنائي مثل فاتن حمامة (1931 – 2015) لا يغيب… قد يحتجب قليلاً ليشرق مجدداً في أعماقنا ولن تغيب أبداً شمس فاتن لأن كل قيم الخير والجمال والاحترام تتجسد أمامنا بمجرد أن ننطق اسم «فاتن».
_______
*الحياة

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *