عبدالله الساورة
أثارت ذات مرة قبلة بسيطة في فيلم «سبايدرمان» (الرجل العنكبوت)، ضجة كبرى في الأوساط المغربية، على متن طائرة بين القاهرة والدار البيضاء، بين الأطراف المتنازعة، كادت أن تسقط الطائرة لولا لطف الألطاف.
وحدث ذات مرة أخرى خلال هذه السنة، أن أثار فيلم «الزين لي فيك» أكثر من ضجة اجتماعية وإعلامية، وتعرضت بطلته لاعتداء شنيع. قُبل «الزين لي فيك» تنأى عن الاستعمالات السينمائية المعروفة بقتل القبلة في أمدها القصير بطرق شتى، أما إطالتها فيعني شيئا واحدا أن الفيلم يتحول إلى منحى بونوغرافي يخدش الحياء، ويقدم الإثارة على الفن. وبين الفينة والأخرى تطرح قضية القبلة في السينما العربية موجة كبيرة من التعليقات والصخب الإعلامي المرافق والدعاوى والقضايا في ردهات المحاكم، ويصل بعض الأحيان إلى نشر بعض المثقفين العرب لقبل تجمعهم مع خطيباتهم أو مع زوجاتهم، في تحد مفتوح ومعركة مستمرة بين دعاة الحداثة ودعاة المحافظة، في دفاع ودفاع مضاد.
السينما العربية تحاول أن تجد مخرجا، وتجد نفسها مغلوبة على أمرها «مهيضة الجناح» ولكنها تجد نفسها مكرهة في اختيارتها أحلاها مر.. رقابة ذاتية تتبعها رقابة دينية صارمة تتبعها رقابة الرقيب، تتبعها شيزوفرنية قاتلة بين من يحب ممارسة القبلة سراً، ولا يحب مشاهدتها جهراً حتى لو عبر شاشة السينما..
أشهر القبل في السينما العالمية
كانت أول قبلة في السينما في فيلم بالعنوان نفسه «القبلة» سنة 1886. واحتلت بعد ذلك القبلة في السينما العالمية الكثير من الجدل بين مؤيد لها، يرى فيها قيما للتسامح وللتقدم ومعارض لها يراها وبالا وخزيا وعارا لا ينمحي. وقد كتبت الكثير من الرسائل والأطروحات الجامعية حول موضوع القبلة في السينما العالمية، من زوايا مختلفة سياسية ونفسية ومجتمعية وتقليدانية، وهناك فرق وبون شاسع بين القبلة البورنوغرافية التي تتعمد الإثارة وتهييج المشاعر، والقبل العابرة في السينما، التي تأتي منسجمة مع تصاعد وتيرة الحكي.
وقد تم تصنيف هذه القبل الشهيرة على ما يربو من نحو 20 قبلة، خلقت الكثير من الجدل والنقاشات، اختلفت حسب رؤية الثقافات والمثقفين ودرجات التزمت والرؤية الدينية. نقدم هنا لائحة لأشهر هذه الأفلام التي تناولت القبلة، سواء كثيمة مركزية في الفيلم، كما هو حال فيلم «سينما براديزو» أو «جبل بروكباك» الذي أثار قبلة الرجل للرجل، أو قبل تأتي في السياق الدارمي للعمل يتحايل عليها المخرجون، بقتل عمرها الافتراضي حتى لا تلهب المشاعر.
هذه القائمة على الشكل التالي:
1ـ قبلة بطلي فيلم «تيتانيك» للمخرج جيمس كامرون (1997)، بطولة كيت ونسليت وليوناردو دي كابريو، يتناول الفيلم قصة غرق السفينة تيتانيك في عباب المحيط الأطلنطي، ومن خلالها قصة حب جارفة بين شاب فقير وحسناء تنتمي لعائلة أرستقراطية.
2 ـ فيلم «يوميات نوا» من إخراج روبير فرايس، إنتاج 2004 المدة 124 دقيقة، يتحدث الفيلم عن قصة حب مكتوبة في دفتر ملاحظات قديم، قصة مراهقين من ولاية كارلورينا الجنوبية، الفتاة تدعى نوا كالون والشاب يسمى ألي نيبسون ينتميان إلى بيئتين اجتماعيين مختلفتين تماما، أحبا بعضهما بعضا وأمضيا معا صيفا لا ينسى قبل ان ينفصلا بسبب والديهما وبعد ذلك بسبب الحرب احتلت هذه القبلة المرتبة الثانية لما أضافته إلى السياق العام للفيلم.
3 ـ فيلم «فتاتي» للمخرج: هوارد زيف (1991) ومن بطولة: ماكولاي كولين، دان أيكرود، آنا شلومسكي.
قصة الفيلم تتمحور حول الفتاة فادا سولتن فوس، فتاة مهوسة بالقتل، توفيت والدتها، ووالدها يشتغل في صالون للجنائز، بالإضافة إلى كونها مغرمة بأستاذها لمادة اللغة الإنكليزية. وحينما يلتقي والدها بشيلي وهي خبيرة في فن الماكياج ويغرم بها، تحاول ابنته بشتى الوسائل وبغضب شديد نسف تلك العلاقة بكل ما هو ممكن.
4 ـ فيلم «خسوف» ( (twilightللمخرجة كاترين هاردويك (2008)
بطولة كريستين ستيوارت وروبير باتنسون، يتحدث الفيلم عن موت إدوارد الذي يترك الشابة بيا في حالة من الاكتئاب، وتدخل في علاقة حب ما فوق طبيعية (خوارقية) هذه المرة مع الإنسان الذئب جاكوب الأبيض.
5 ـ فيلم «روميو وجولييت» للمخرج باز لورمان (1996)، بطولة ليونارد دي كابريو والممثلة كلير دانيس، يحكي الفيلم عن قصة عاشقين، ويحاول المخرج تحديث القصة المعروفة للكاتب الإنكليزي وليام شكسبير وذلك باستبدال السيوف بالبنادق، وكذلك رجال العائلات الغاضبة بين بعضهم بعضا.
6 ـ فيلم «جبل بروكباك» للمخرج أنوج لي (2005)، الحائز ثلاث جوائز للاوسكار وثمانية ترشيحات للأوسكار والعديد من الجوائز العالمية. للفيلم كذلك عنوان اخر «قبلني»، ويطرح الفيلم موضوعا شائكا ومعقدا، قصة علاقة بين رجلين إينيس وجاك أتيا للعمل في مزرعة للماشية سنة 1936 بغية البحث عن حياة الاستقرار والزواج وتكوين عائلة، ويتم إرسالهما صحبة القطيع إلى جبل بروكباك، وهناك تتطور علاقتهما، وبعد انتهاء الصيف يأخذ كل واحد منهما مسارا مختلفا في حياته. فيلم يطرح إمكانية العلاقة بين رجلين، وما أثاره الفيلم من قبل تخدش الحياء ومن موجات للمعارضة ووصفه بالشذوذ وبالمثلية، وبين جناح آخر رأى فيه اختيارا حسنا لهذا النوع من العلاقات المعقدة والشاذة.
7 ـ الفيلم الشهير «ذهب مع الريح» للمخرج فيكتور فليمين (1939) بطولة كلارك غيبل وفيفيان لي. حصد العديد من جزائز الأوسكار. ارتكز على رواية بالاسم نفسه للروائية مارغريت ميتشل، التي حصلت على جائزة البوليتزر. وتم تصوير الفيلم في 125 يوما، واعتبر الفيلم من أهم أفلام السينما العالمية.
8 ـ الفيلم الأمريكي «فطور مع زمردة» للمخرج بلاك إدواردز (1961). وهو من الأفلام الكوميدية وكان للفيلم حضور قوي للأدوار الثانوية.
9 ـ فيلم «هل تعرف جو بلاك» للمخرج مارتن بريست (1989) بطولة الثلاثي براد بيت والممثل أنطوني هوبكنز والممثلة كلير فولاني. يحكي الفيلم قصة سيد على أهبة أن يودع الحياة، والموت يأتي ويتيح أقدارا خفية، يتبرع لمحامي شاب بأعضائه وفي غضون ذاك تلقى ابنته سوزان باريش (كلير فولاني) حتفها.
10ـ فيلم «من هنا إلى الخلود» للمخرج فريد زينمان (1953) (113 دقيقة) بطولة مونغمري كليفت والممثل الشهير بيرت لانكستر، يحكي الفيلم قصة الجندي برويت (مونغمري كليفت) الذي يصل إلى القاعدة العسكرية بيرل هاربور(هاواي) وهو ملاكم سابق تخلى عن الحلبة. ويعلم الكابتن هولمز (فليب أوير) بمهارته ويرغب في ضمه إلى الجيش، ولكن الجندي الملاكم يرفض العرض، ويتعرض من قبل رؤسائه لشتى أنواع الإذلال والمهانة.
وبالصدفة يتلقى مجموعة من الدعم من قبل بعض الجنود ومن زوجة أحدهم كارين (ديبورا كير)، ويعيش قصة حب زانية معها، لكن الحياة لا تمهل وتتغير على نحو غريب ويتعرض الجميع لهجوم ياباني في قاعدة بيرل هاربور إبان الحرب العالمية الثانية.
11 ـ فيلم «ماتش بوان» أو «الإثارة» للمخرج العالمي وودي ألان (2005)، القصة نفسها للمخرج. عرض الفيلم في مهرجان «كان» الدولي خارج المسابقة الرسمية. يحكي الفيلم قصة لاعب تنس إيرلندي شهير يتحول إلى مدرب ويلتقي بلاعبة تنس وتبدأ صداقة بينهما.
12ـ فيلم «قصة سندريلا» للمخرج مارك روسمان (2004) (120 دقيقة)، فيلم رومانسي عن علاقات عاطفية بين مراهقين.
13ـ فيلم «السيد والسيدة سميث» للمخرج دوغ ليمان (2005) بطولة أنجلينا جولي وبراد بيت، يحكي الفيلم عن بداية زواج بين البطلين وتغير حياتهما بعد أن يحاول كل منهما قتل الآخر، باشتغال كل واحد منهما مخبرا سريا في منظمتين مختلفتين.
14ـ فيلم «قبلة للذكرى» للمخرج آدم شانكمان (2002) (100دقيقة)، بطولة شين ويست وماندي مور. يحكي الفيلم عن قصة حب خالدة وصادقة بأبعاد إنسانية.
15ـ فيلم «هاري بوتر» للمخرج كريس كولمبس (1997)، يحكي المغامرات السحرية والعجيبة لهاري بوتر في الأجزاء الأربعة للفيلم بين 1997 و2007. من بطولة رادلي راد كليف والممثل روبير غرانت والممثلة إيما تومسون.
16ـ فيلم «المدرسة العليا للموسيقى» للمخرج كيني أورتغيكا (2006) من إنتاج قناة والت ديزني، بطولة زاك إيفرون والممثلة فانيسا هودجونس، عرف هذا الفيلم خمسة أجزاء آخرها كان في سنة2011.
17ـ فيلم «جيلدا» للمخرج شارل فيدور (1946) بطولة جيلدا (غيتا أتواي) يحكي الفيلم عن جوني فاريل لاعب صغير في الوقت، يصل إلى عاصمة الأرجنتين، ينجو من الموت بأعجوبة ويقرر مالك كازينو تشغيله ويرتبط بجيلدا ومن ثمة تسود علاقات الكراهية بين المالك والمستخدم.
18ـ فيلم إيطالي «الممر الأخير» للمخرج الإيطالي غابرييل موتشني (2002) (115 دقيقة) من بطولة ستيفانو أكورسي وجوفانا ميزوجورنو. تدور أحداث الفيلم عن شخصيات متعددة تتقاطع في ما بينها عن الشابة فرنسيسكا (18 ربيعا) تقع في حب كارلو (30 عاما).
19ـ الفيلم الإيطالي الشهير «سينما برا ديزو» من إخراج غويسبي توناتوري ومن بطولة فيليب نواري والممثل جاك بيران تدور أحداث الفيلم حول طفل مهوس بالسينما وعن الإجراءات المعقدة والرقابة المفروضة على الأفلام لحذف جميع القبل من الأفلام المعروضة في تلك الفترة.
هناك ملاحظة أساسية، أن من بين 20 فيلما من هذه اللائحة الشهيرة 18 فيلما أمريكيا منها، وفيلمين إيطالين، ولاغرابة أن تحتل السينما الأمريكية هذا الموقع، وهذه مدعمة بترسانة هوليوود الإنتاجية وكقوة ردع سياسي إعلامي للولايات المتحدة وعن هامش الحرية الممنوحة.
أما ما يخص السينما العربية والقبلة، فهذه السينما أمام رقابات متعددة، الأولى رسمية والثانية ذاتية والثالثة مجتمعية والرابعة دينية، ومع ذلك انسلت الكثير من الأفلام العربية من هذه الرقابات، وخلقت الحدث كما هو الشأن للفيلم التونسي «حلفاوين»، وأفلام عربية أخرى بكل من سوريا ومصر ولبنان وفلسطين والمغرب. ويعتبر الكثير من النقاد أن الحضور القوي للقبلة في الأفلام العربية كان إبان سنوات الأربعينيات إلى حدود السبعينيات من القرن الماضي، بعد ذلك بدأ زمن التراجع.
أما ما يخص السينما المغربية، فعرفت القبلة في إطار السينما الاستعمارية، وتناولت العديد من الأفلام القبلة ضمن إكراهات المجتمع، ولكن في سنة 1991 بدأ تاريخ آخر للقبلة في الفيلم المغربي، بعد الفيلم الشهير «حب في الدار البيضاء» وما تخلل الفيلم من كسر التابو وما عرفه الفيلم من إقبال جماهيري منقطع النظير، وما سال حوله من كتابات تناولت القيم المجتمعية والهوية المغربية. وتوالي حضور القبلة في الأفلام المغربية، أثار الكثير من الجدل والسجال والبوليميك وصولا إلى «حجاب الحب» عزيز السالمي وفيلم «موشومة» (2012) للحسن زينون، ثم الفيلم المثير «الزين لي فيك» ( 2015) في إطار صراع مستمر بين دعاة الحداثة والعقلانية والتنوير وذوي النظرة الدينية الذين يرون في القبلة خروجا عن الدين وزندقة لا تغتفر.
______
*القدس العربي