مهند النابلسي
خاص ( ثقافات )
رؤية عصرية مسلية للأسطورة!
في القرن الثامن عشر يقوم عالم طب متطرف يدعى “فيكتور فرانكشتاين” (الممثل جيمس ماكافوي)، وتلميذه اللامع المطيع “إيجور شتراوس” (دانيال رادكليف) باختراع كائن حي تحقيقاً لرؤيتهم النبيلة “العلمية” الاستبصارية لخدمة الإنسانية، وينغمسان بعمل بيولوجي جريء وخارق (على أساس أنه إذا كانت الحياة مؤقتة فيمكن للموت أن يكون مؤقتاً أيضاً)! لكن التجربة تأخذ منحى كابوسياً بالحالتين، الأولى عندما نجح فيكتور بتخليق “مسخ” حيواني هجين (كريه ومنفِّر)، وقد جمع أعضاءه من بقايا “المسالخ”، والأخرى عندما استغل فيكتور جثة صديقه المدمن “المقطوع”، وحولها لمسخ أسطوري بشري (يدعى بروميثيوس بالأساطير اليونانية، ويتشابه بالشكل تقريباً مع نفس الكائن الأسطوري بفيلم “بروميثوس” لريدلي سكوت)، بعد أن قلع عيني الجثة قبل ذلك ليجري عليها تجارب عصبية بمعونة صديقه… وقد قام بكل ذلك بتمويل سخي من صديقه الثري البريطاني المهووس الذي يضمر بأعماقه الشر له ولصديقه للاستئثار بالاختراع المذهل واستثماره للهيمنة والسيطرة…. وقد تم كل ذلك بقلعة اسكتلندية منعزلة أسطورية، مستعيناً بشحنات الكهرباء الهائلة المولدة من البرق، التي تمكن من تسخيرها تقنياً بواسطة المناطيد وجلبها لمركز العملية بغرض شحن قلب “الوحش البشري” بالطاقة الكهربية اللازمة لإحيائه، ولكنه يدخل في صراع ضارٍ معه بعد أن يعتقد بالخطأ أنه يحمل روح أخيه الأكبر المتوفى مبكراً، وينجح بصعوبة كبيرة مع صديقه المخلص لقتله نظراً لقوته الخارقة ولتمتعه يوجود “قلبين” نابضين داخل جوفه، ثم يتخلى يائساً وربما مؤقتاً عن مشاريعه، تاركاً صديقه الوفي لكي يستمتع مع صديقته الجميلة “لاعبة السيرك السابقة” التي كان قد أنقذها من الموت بفضل معلوماته الطبية المتقدمة!
رد أيجور”الجميل لصديقه طالب الطب المهووس الثري بعد أن أنقذه هذا الأخير من ملاحقة عمال السيرك بعد هروبه، وقد اكتشف شغفه وموهبته لينقذه من “حدبة تشويه مزمنة بظهره” ويعالجها مكتشفاً أنها مجرد “خراج” مزمن لا غير، ولكن طبيعة أيجور الطيبة والمخلصة قادته لتعقب صديقه وتحذيره من نوايا الثري المهووس “المتوحد”، ومن ثم إنقاذه من “المخلوقين المتوحشين” (بروميثيوس الأول والثاني)، كما أنقذه من جنون محتمل…
هذا الفيلم “المسلي” يعيد إحياء الأسطورة القديمة بطريقة عصرية تحفل بالمؤثرات والاستعراض والنمط “الحركي-البوليسي” المعهود، وكأنه يذكرنا بأسلوبية “شارلوك هولمز” بالفيلم الشهير، أخرج الفيلم “باول ماجوجان” ونال تقييماً سينمائياً متدنياً، ربما لمعالجته السطحية لثيمة الشريط، ولتكرار نفس القصة التي سبق معالجتها سينمائياً بالعديد من الأفلام (كما بموضوع دراكولا مصاص الدماء) دون أن يأتي بجديد، وربما لم يوفق كاتب السيناريو كذلك واسمه “ماكس لانديس” بتركيب ودمج الرواية الأسطورية المكونة من مزيج من “الأكشن والرعب والكوميديا السوداء والدراما المؤثرة”، وقد خلطها “سطحياً” بكل من عناصر الفانتازيا والفلسفة واللاهوت والإيمان والإلحاد، حيث لاحظنا إصرار الشرطي المحقق (الممثل أندرو سكوت بدور لافت) على ملاحقته وتقويض مشروعه لأنه يعتبره “كفراً” وتحدياً للخالق القدير، ولا ينجح العالم المهووس بإقناعه بوجود هذه الإمكانية، وخاصة أن المحقق متأثر وحزين لفقدانه زوجته الشابة بالسرطان، كما لا يتخيل أبداً إمكانية عودتها للحياة، بل ينتظر بفارغ الصبر الانظمام لها بالجنة الموعودة!
لم يكن الفيلم مشوقاً وجدياً للحد الذي يستقطب الإعجاب والنقاد، ولكني شخصياً وجدته مسلياً ويستحق المشاهدة، وقد نجح الممثل (جيمس ماكافوي) بسرقة العرض بهوسه التعبيري، كما بدا تمثيل “دانيال رادكليف” طريفاً وجاذباً وخاصة شغفه بالطب ووفاءه المخلص لصديقه، وقصة حبه “البريئة” لصديقته لاعبة السيرك الجميلة (الممثلة جيسيكا براون).