“أعلام وإعلام”.. سيرة مهنية من الورقية إلى الرقمية


سماح المغوش


خاص ( ثقافات )

ليست مجرّد مقالات صحفية أو سيرة ذاتية ما يقدمه الكاتب الصحفي تاج الدين عبد الحق، بل عصارة أربعين عاماً من عمل الصحافة والإعلام شهد فيها مسيرة تأسيس الصحافة العربية في منطقة الخليج وتطورها، من الأساليب والوسائط البدائية إلى عصر الإنترنت والتقنيات، ورحلة من الصحافة الميدانية والمكتوبة إلى الإلكترونية والعصر الرقمي.

كتاب “أعلام وإعلام” هو مجموعة من المقالات إلا أنه جاء أقرب إلى التجربة الحياتية للكاتب خاضها بين أروقة الإعلام وبرفقة كبار الشخصيات المؤثرة العربية والعالمية، بأسلوب صحفي شيق وببوح شفاف وصادق من القلب يرقى إلى الذوق الأدبي الرفيع.

ويحمل العنوان “أعلام وإعلام” في دلالته مقارنة بين “أعلام” أخلصوا للكلمة وناضلوا في سبيلها، وبين “إعلام” التوك شو وتجار القلم، ويتوزع الكتاب الصادر عن دار “نهضة مصر” المصرية إلى عدة أقسام، بين سيَر كبار أعلام الصحافة الذين عرفهم الكاتب في رحلته، إلى رصده ومشاهداته العالم من خلال عينه الإعلامية، إلى حوارات شيقة غنية جمعته بشخصيات أثرت في منطقتنا.

منذ بدء تجربته وقدومه شاباً مليئاً بالطموح، ولقائه بمؤسسي الصحافة العربية الحقيقيين، يستعرض لنا تاج الدين، في القسم الأول من الكتاب “أعلام”، سيرة كبار الإعلاميين الذين التقاهم، وكيف كانت بداياتهم، ليقرّبنا من تفاصيل حياتهم، وكيف أثروا عربياً وشخصياً به، ويسلط الضوء أيضاً بكل شفافية وإنسانية على علاقته بأخيه الإعلامي بدر عبدالحق، وكيف كان مثلاً يحتذى به حتى بعد أن وافته المنية وكيف رغب أن يصنع لنفسه اسماً بعيداً عنه، في بوح نادر من القلب ومواجهة مع النفس ليضيء لنا جانباً إنسانياً فيه سواء من الناحية الشخصية أو المهنية.

في القسم الثاني من الكتاب “رحلات” نبحر مع الكتاب حول العالم ولكن ليس على الطريقة التقليدية في وصف المكان، بل في وصف خبايا عن بلدان قلّ ما يعرفها المرء، بأسلوب كاتب ساخر يمزج بين الرشاقة في الكتابة وحس الفكاهة.

أما القسم الثالث “إعلام” اختار لنا الكاتب مجموعة من مقالاته تمثل عصارة أربعين عاماً من العمل الصحفي، كتبت في مناسبات مختلفة، ولا يزال بالإمكان القول إنها تبدو وكأنها تناسب أحداث اليوم، برغم تغيّر المعطيات، بعين محترفة مستشرفة للمستقبل.

في القسم الأخير من الكتاب “حوارات” يختار لنا تاج الدين عبدالحق ثلاثة شخصيات، التقى بها، من بينها الشاعر المصري عبدالرحمن الأبنودي، ليطلعنا على جوانب من حياتهم وعملهم من خلال الأسئلة التي تناولت كل جوانب الشخصية، لنتعرف على أسماء كبيرة عن قرب، كأنها تتحدث إلينا.

يتميز الكتاب بلغته السهلة الممتعة، ما يجعل القارئ يغرق في تفاصيله كأنما يقرأ في قصص أدبية أو حتى رواية، ترصد مراحل حياة وكفاح وطموح لصحفي وإعلامي يعتبر أحد مؤسسي الصحافة الخليجية وأحد أبرز الشاهدين على نهضتها وتطورها.

شاهد أيضاً

فصل من سيرة عبد الجبار الرفاعي

(ثقافات)                       الكاتب إنسان مُتبرع للبشرية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *