لو أنكِ كنتِ أقلّ جمالاً


*خالد صدقة

لو أنكِ كنتِ أقلّ جمالاً،

لكانت الامور أسهل عليَّ!
4:25 صباحاً
حسناً… أنا لا أنام تقريباً
أفكر في النهوض، ليس لديَّ ما أرتديه
ثيابي كلّها في الغسيل
هناك جبلٌ من الغسيل في الحمّام
لم أتعلم بعد كيفية تشغيل غسالتي الأوتوماتيك!
حمّالة صدركِ الزرقاء، لا تزال معلّقة على يد الباب من الداخل
(هذا من أصعب الأمور التي عليَّ مواجهتها كل صباح!)
كتلٌ من الصابون الذائب تسدّ المغسلة
فرشاة أسناني التي لا أستعملها
المرآة المكسورة عند الزاوية
علبة معجون الأسنان التي بلا غطاء
أفكر كثيراً في ما حصل
وكيف توقف كل شيء
وأقول لنفسي
لو أنك كنتِ أقلّ جمالاً، لكانت الأمور أسهل
لكنتُ استطعتُ تدبر أمري.
* * *
4:28 صباحاً
الجو بارد، ليس لديّ سجائر
عليَّ أن أنتظر ساعة تقريباً بدون سجائر حتى يطلع الضوء
هل تعرفين كيف يمضي رجلٌ وحيد ساعات الفجر بلا سجائر؟
أنظر الى وجهي في المرآة
كنت أفكر في شراء قطة بيضاء في عيد ميلادكِ القادم
أين أنتِ الآن؟!
تمضين في حياتك؟
آمل هذا
أمدّ يدي تحت المغسلة أتحسس حرارة الماء
لا يزال الماء بارداً.
* * *
4:28 صباحاً
عشر نصائح للكتّاب الشباب،
ثلاث قواعد لكتابة القصة،
كيف تصبح كاتباً في عشر دقائق، ههه
السبعة آلاف قاعدة الأساسية لكتابة الشعر!
ما هذا الهراء!
أكره النصائح الأدبية،
أكرر،
أكره هذه النصائح الأشبه بوصفات الأطباء المنتفخي الوجوه
هؤلاء الجالسين في عياداتهم، يظنون أنفسهم رائعين
القواعد، والمباني الجاهزة للسكن!
على الشاعر أن يخترع نفسه،
أن يبني بيته بنفسه
أن يشيّد جحره الخاص وحده!
ما الذي أفكر فيه؟!
انظري الى هذا الشاعر،
انظري الى رشاقته وخفته، وليام كارلوس وليامز:
“ملاحظة صغيرة
أكلتُ
الخوخات
التي كانت
في الثلاجة
والتي ربما كنتِ
احتفظتِ بها
للفطور
سامحيني
فقد كانت لذيذة
وحلوة جدا
وباردة جدا”.
هذا ما أسميه شعراً
ههه… أنا أشعر بحلاوة الخوخ على لساني!
كيف يأتي الشعر؟!
أعتقد أن علينا أن نكفّ عن هذا السؤال
إنه يأتي،
فقط يأتي،
وعلينا فقط أن نكون مستعدين لهذا المجيء الكبير.
* * *
4:32 صباحا: أمدّ يدي، لا يزال الماء بارداً
أخشى أن “البويلر” معطوب.
أتعرفين: كان جسدكِ غاية في الذكاء
كان ذكياً ومثقفاً،
يقول كل شيء، بلغة نظيفة وبالغة التكثيف،
مثل قصيدة لوليامز!
أتذكر وضعيتكِ البليغة في السرير،
مشيتكِ في الممر، “مشية الشيطان “
شعركِ المرفوع
رائحة جلدكِ،
حركات وجهكِ
أصابعكِ…
* * *
4:35 صباحاً
الجو بارد، وليس لديَّ سجائر
عليَّ أن أنتظر ساعة تقريباً بدون سجائر حتى يطلع الضوء
هل تعرفين كيف يمضي شاعرٌ ساعات الفجر بلا سجائر؟
وأقول لنفسي:
لو…
لو أنكِ كنتِ أقلّ جمالاً،
لكانت الأمور أسهل
لكنت على الأقلّ، على الأقلّ
استطعتُ تدبّر أمري!
______
*النهار

شاهد أيضاً

قصة “الظل” لإدغار آلان بو

(ثقافات) قصة الظل[1]. إدغار آلان بو ترجمة: عبد القادر  بوطالب                أنت الذي تقرأ ما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *