سمر الزعبي
خاص ( ثقافات )
زن، زن، زن؛
كيف تنام وهذا الطنين يؤرّقها؟ لكن مصدره لم يكن حشرة تدور حتى يذوب سمعها؛ هي دماغها التي تؤرّقها فكراً، تتوالى الساعات وشريط الحياة يمر أمامها، ينغز تحت الجفون، فيقطع حتى أمَنة النعاس. ضجِرَ الفراشُ من التقلّب: ذات اليمين، ذات الشمال، على الوجه، ثمّ تدور عيناها تتفحصان السقفَ، تتأملان رسوماتٍ أبدعها تشقّق الدّهان.
زن، زن، زن؛
كل ليلة يعود الطنين؛ فقدَت قدرتها على التركيز، والتخيل، واتخاذ القرارات، فما وجدت حلاً بعد أن جرّبت الأعشاب الطبيّة المهدّئة للأعصاب، و أقلعَت عن القهوة والسجائر وسائر المنبهات.. أو حشوَ فمها بعدّة أقراص منوّمة.. إلاّ أن تقطعها!
نعم! لم يكن صعباً، الرأسُ التي أرهقتها أرقاً؛ فكّتها، وضعتها جانباً، واستغرقت بالنوم؛ تنعُمُ بليلة مميزة خالية من الكوابيس. صباحاً أعادت تركيبها، وهي تحاول استذكار شيء مما مضى، فوجدت الذاكرة مفرَغة تماماً، لكنّها أبدت استعداداً لأيّ جديد.
استقرّ بها الأمرُ على هذا الحال، إلى أن جاء يومٌ عصيَ إعادتها مكانها.. بدى أن المسنّنات في رقبتها قد تآكلت، فتركتها، ومضت في اكتشاف الحياة بلا رأس:
ياللهول!
الجارة بلا رأس، اللحام كذلك، أمّا أطفالُ الحيّ فلديهم رؤوس، لكن بلا ظل، والحكيم الذي لا يبرح شرفته المطلّة على الحديقة العامة، بلا رأس أيضاً، “كونترول الباص” والركاب ذك الصباح برؤوس.. لكن فارغة، الزملاء بلا رؤوس..
متى انتشرت هذه العدوى؟.. كيف لم تكتشف ذلك من قبل؟.
________
* العين الثالثة: هي إحدى الشاكرات السبع، وتقع في منتصف الجبهة، بين العينين، وهي المسؤولة عن القدرة على التركيز، والتخيل، والتصور، الحكمة، التفكير، والقدرة على اتخاذ القرارات.