المهرجان القومي للسينما المصرية يحتفي بأركانها الراحلين


وئام يوسف

ما ميّز الدورة الـ 19 للمهرجان القومي للسينما المصرية ـ دارت فعالياته في صالات الأوبرا المصرية بين 7ـ16 (تشرين الأول ـ أوكتوبر الجاري) تحت شعار «أفلامنا مرآتنا» ـ احتفاؤها بصنّاع السينما المصرية الذين غابوا مؤخرا، لكنهم خلّدوا أسماءهم عبر أعمال شكلت خريطة السينما المصرية والعربية.

وبرغم تفاوت جودة العروض السينمائية، والثغرات التنظيمية إلا أن المهرجان نافذة واسعة لمتابعة الأفلام المحلية، فضلا على أنه تقييم سنوي للأفلام، من خلال المسابقة التي يضمها ويمنح فيها 11 جائزة للإنتاج والإخراج والمونتاج والتصميم الفني والسيناريو والتصوير والتمثيل والصوت والموسيقى والإخراج عمل أول أو ثانٍ، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، إلى جانب مسابقة الأفلام التسجيلية والقصيرة والتحريك.

يعتبر رئيس المهرجان المخرج السينمائي سمير سيف أن المهرجان القومي للسينما هو أوسكار السينما المصرية، مشبها إياه بالأوسكار الأميركي وبمهرجان سيزار الفرنسي، ويضيف لـ «للسفير» أن المهرجان استعراض للأفلام التي أُنتجت خلال هذا العام، ما يتيح متابعتها لمن فاتته، فضلا عن أن المهرجان مسابقة محلية يخوضها 14 فيلما روائيا، وأكثر من 100 فيلم تسجيلي وروائي قصير، لافتا إلى تضاعف قيمة الجوائز المادية هذا العام التي وصلت إلى 894 ألف جنيه، بعدما كانت 447 ألف جنيه، بهدف دعم صنّاع السينما لتقديم الأفضل والارتقاء بالذوق السينمائي المصري.
مئوية صلاح أبو سيف
تزامنت الدورة التاسعة عشرة للمهرجان مع مرور 100 عام على ميلاد المخرج السينمائي الراحل صلاح أبو سيف، فتخلل المهرجان افتتاح معرض ضمّ مجموعة من الوثائق والصور والمقتنيات النادرة، التي سمحت لمحبي السينما أن يعيشوا أجواء وتفاصيل السينما في عصرها الذهبي. شارك في المسابقة فيلم «الفيل الأزرق» تأليف أحمد مراد وإخراج مروان حامد، وفيلم «أسوار القمر» تأليف محمد حفظي وإخراج طارق العريان، فيلم «لا مؤاخذه» تأليف وإخراج عمرو سلامة. إلى جانب فيلم «ديكور» تأليف محمد وشيرين دياب وإخراج أحمد عبدلله. الفيلم نال الجائزة الكبرى لمهرجان سينما المرأة الدولي في المغرب بداية الشهر الجاري.

وكرم المهرجان هذا العام كوكبة من نجوم وصانعي السينما المصرية، عبر إصدارات كتبها عدد من الكتاب والنقاد السينمائيين، ومن بين هذه الأسماء يحيى الفخراني، ليلي علوي، السيناريست مصطفى محرم، عصام فريد، محمود محسن.
فاتن حمامة، نور الشريف، رأفت الميهي، عمر الشريف، أسماء غابت عن عالم الفن المصري، لكن وهجها حاضر من خلال إبداعات صنعت السينما المصرية، فاستحقت أسماؤهم الخلود، المهرجان القومي للسينما في دورته هذه يحتفي بهم من خلال من خلال سلسلة ندوات يقدمها نقاد وسينمائيون.

واعتبر سمير سيف، أن هذه الندوات تستحضر أولئك الراحلين وتقف عند إنجازاتهم وإسهاماتهم التي أغنت السينما المصرية، لافتا إلى أنه بمثابة عرض وتثقيف لمن لم يطلع عليهم، كما أنه استلهام للقيم من خلال سيرهم التي تجعلهم قدوة للكثير من محبي السينما. «يا صفايح السمنة السايحة يا براميل القشطة النايحة.. يا حلو يا لوز.. عفركوش ابن بطركوش» عبارات خلدتها السينما المصرية ويتداولها الشارع المصري حتى اللحظة، ألفها الفنان أبو السعود الإيباري 1910-1969، موليير الشرق، وصانع السينما الضاحكة في مصر، من خلال أعمال كتبها وخلدت اسمه، شكّل مع الراحل اسماعيل يس ثنائيا متألقا فكتب له سلسلة (اسماعيل يس في…)، عبقرية استحق من خلالها أن يصدر عنه كتاب يرصد قيمته وإنجازاته بقلم محمود قاسم. ذلك ضمن سلسلة الخالدون التي يقدمها المهرجان كل عام.
نبيهة لطفي
«نبيهة لطفي منحة إنسانية وفنية قدمها لبنان لمصر»، عبارة يختصر فيها الناقد السينمائي المخرجة اللبنانية نبيهة لطفي، والتي قدمت إلى مصر1969 ودرست فيها الإخراج السينمائي ثم قدمت عددا من الأعمال التسجيلية الرائدة. يضيف رمزي للسفير «نبيهة لطفي مناخ من الإبداع الذي احتوى العوامل الإنسانية التي تقرب منها جميع الناس، فضلا عن الإنسانية التي فاضت بها أعمالها، مسلطة الضوء على الإنسان العادي، كفيلم «تل الزعتر» الذي رصد آمال أطفال المخيمات وآلامهم، وفيلم لعب عيال، ويدور حول ألعاب أطفال الفلاحين، والذي يظهر جليا قدرة الاطفال على استجلاب البهجة وصنع السعادة».

تخلل المهرجان ندوة لتكريم المخرجة نبيهة لطفي تحت عنوان «نبيهة لطفي مصرية من لبنان» شارك فيها الناقد كمال رمزي والمخرج سمير سيف والمنتجة ماريان خوري. استُعرضت خلال الندوة رحلة لطفي منذ كانت شابة في حركة الثوريين اللبنانيين في ستينيات القرن الماضي، ثم قدومها إلى مصر، لتبني فيها عالما من الإبداع والحضور المميز الذي جعلها من رواد السينما التسجيلية.

حصد فيلم «لا مؤاخذة» ست جوائز خلال حفل اختتام المهرجان الذي كان مساء الجمعة، بحضور وزير الثقافة حلمي النمنم ورئيس المهرجان المخرج سمير سيف. نال «لا مؤاخذة» جائزة الإنتاج الأولى (300 ألف جنيه مصري) وجائزتي الإخراج (50 ألف جنيه) والسيناريو (30 ألف جنيه) والجائزتان ذهبتا إلى كاتب السيناريو والمخرج عمرو سلامة. ونال الفيلم ثلاث جوائز أخرى قيمة كل منها 20 ألف جنيه وهي الموسيقى لهاني عادل والمونتاج لباهر رشيد والصوت لأحمد جابر.

جاء فيلم «الفيل الأزرق» تاليا بأربع جوائز هي جائزة الإنتاج الثانية (200 ألف جنيه) وجائزتا أفضل تمثيل لبطليه كريم عبد العزيز ونيللي كريم وقيمة كل منها 30 ألف جنيه وجائزة التصميم الفني (20 ألف جنيه) لمحمد عطية.

ونال فيلم «بتوقيت القاهرة» جائزة الإنتاج الثالثة (150 ألف جنيه) وجائزة التمثيل دور ثان رجال (20 ألف جنيه) وفاز بها شريف رمزي الذي أهدى الجائزة إلى كل من أبيه المنتج الراحل محمد حسن رمزي والممثل الراحل نور الشريف بطل الفيلم.
وفاز فيلم «أسوار القمر» بجائزة أفضل تصوير (30 ألف جنيه) وفازت بجائزة أفضل تمثيل دور ثان نساء (20 ألف جنيه) أروى جودة عن دورها في فيلم (الجزيرة 2).
——–
السفير

شاهد أيضاً

العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية

(ثقافات) “طربوش أبو عزمي العلي”:   العلاقة بين الشخصية الحقيقية والروائية في مسلسل التغريبة الفلسطينية زياد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *