“أرواح كليمنجارو”.. شهادة على الإرادة الفلسطينية

“أرواح كليمنجارو”.. شهادة على الإرادة الفلسطينية

توفيق عابد

تمثل رواية “أرواح كليمنجارو” لإبراهيم نصر الله تحديا أدبيا لأنها الشهادة الوحيدة على مقاومة فلسطينية فريدة أبطالها أطفال فقدوا بعض أطرافهم برصاص الجيش الإسرائيلي، صعدوا برفقته إلى أعلى جبل في أفريقيا.

وتنتمي الرواية -التي نشرتها دار بلومزبري- لأدب الطريق أو الرحلة، وهذه ليست المرة الأولى في مشوار نصر الله الإبداعي، فقد كان السفر سببا في كتابة روايته الأولى “براري الحمى”، لكن الملفت هو معايشته أبطاله وتسجيل أحلامهم وهواجسهم وسلوكهم.

وتحكي الرواية قصة يوسف ونورة اللذين يصعدان جبل “كليمنجارو” في تنزانيا بصحبة متطوعين ليثبتوا للعالم قدرتهم على هزيمة المحتل بالإرادة والتصميم والرغبة في الحياة.

 

القمة والهاوية

وإذا كان نصر الله بدأ روايته بقوله “في كل إنسان قمة عليه أن يصعدها وإلا بقي في القاع”، فهو يجسد قول الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابي “ومن يتهيب صعود الجبال/يعشْ أبد الدهر بين الحفر”.

وفي حديث خاص للجزيرة نت، يقول نصر الله إنه كتب ذات مرة في “السيرة الطائرة” أن كل رحيل في البعيد لا تكتشف به داخلا.. ليس رحيلا.. ورحلة صعود جبل كليمنجارو كواحد من أعلى قمم العالم ليست أمرا عابرا في حياة الإنسان، خاصة أن من يحالفهم الحظ في الوصول إلى القمة هم نصف الذين يقصدون الجبل.

وأضاف نصر الله أن الرواية مختلفة لأن الرحلة مختلفة في جوهرها ومشقاتها، فهي الأولى لكاتب عربي والأولى لأطفال عرب فقدوا أطرافهم “كما أن وجود خليط إنساني من ثلاث قارات بمعتقدات دينية متنوعة وأفكار متنوعة عن العالم ساهم في منحي عالما جديدا أعيش تفاصيله لأول مرة، وإذا ما تذكرنا أن العيش لفترة ضمن مجموعة معينة ليلا ونهارا وأحلاما وتحديات يساعدك في تكثيف فهمك للحياة البشرية، فإن الرواية كانت مجالا رحبا”.

قبل أن يستدرك قائلا “صحيح أنها تنتمي لأدب الطريق أو الرحلة ولكنني حررتها تماما على المستويين الفني والإنساني”.

 

تحدٍّ أدبي

وحول تكيفه مع المكان، يرى نصر الله أن الرحلة كانت “تحديا أدبيا لأنها الشهادة الوحيدة عن بطولة فلسطينية فريدة أبطالها أطفال فقدوا بعض أطرافهم بسبب العدو الصهيوني، ولو قام بالرحلة ذاتها أطفال إسرائيليون لكتب عنها الكثير وأُخرجتْ أفلام ربما فاز أحدها بالأوسكار”.

وأضاف الروائي الفلسطيني بالقول “من هنا كنت حريصا على أن تكون الرواية وفية لمعنى الرحلة الفني الأدبي الذي يرتقي بها من المعنى البسيط للصعود باعتباره تحديا ومشقة إلى المعنى المجازي لفكرة الصعود إنسانيا”.

وحول اقتراب روايته من قصة همنغواي “ثلوج كليمنجارو”، أوضح نصر الله أنه لا توجد علاقة بين العملين، لأن قصة الروائي الأميركي كانت حول الصيد في السهل الواقع تحت الجبل، وأبطاله لم يصعدوا الجبل ولا هو أيضا.

ويضيف صاحب “الأمواج البرية” أن “أرواح كليمنجارو” هي بمثابة تعبير عن الهواجس، ولكن حسّا عميقا انتابه بأن الدنيا سلسلة هائلة من القمم، وكل خطوة يخطوها الإنسان هي قمة إن كانت في الاتجاه الذي لا يخون فيه الآخرين ويخون نفسه.

“فالراوي -والحديث لنصر الله- هو الراوي العليم، والشخصيات كلها رئيسة والبطولة جماعية، وشخصيتي غير موجودة، وفي هذا أمانة لمعنى الرحلة والصعود الذي حققته شخصياتها”.

ويكشف نصر الله أن روايته الجديدة تختلف كثيرا عن تجاربه السابقة، معتبرا إياها واحدة من روايات “الملهاة الفلسطينية”.

——

الجزيرة نت

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *