«حرب النجوم 7 ـ يقظة القوّة».. لعبة المليارات


نديم جرجورة


في معرض حديثه عن المخرج السينمائيّ وس كرافن (1939 ـ 2015)، عند تحقيقه «كابوس في شارع إلم» (1984)، يقول الكاتب جون غريفن في كتابه «جوني ديب، متمرّد هوليوود» «لماذا تُصنع تتمّة (للفيلم)، في حين أن الفيلم هذا مكتفٍ بذاته؟»، متسائلاً: «كم مرّة يُفترض بالقصّة هذه أن تُروى، قبل الانتهاء منها؟» 


التعليق معقودٌ على الفيلم المذكور أعلاه، الذي يُمثّل فيه جوني ديب أحد الأدوار الثانوية في بدايات مشواره السينمائيّ. لكنه قابلٌ للطرح إزاء «السلاسل السينمائية»، أي الأفلام التي تُنجز أجزاء عديدة منها، مباشرة بعد النجاح التجاري الكبير للفيلم الأول، أو تكون التتمة حاضرة في المشروع قبل إنجاز الجزء الأول، تماماً كما يحصل لاحقاً مع جوني ديب نفسه، عند إقرار تحقيق جزءين اثنين من السلسلة السينمائية «قراصنة الكارايبي»، الواحد تلو الآخر. سلاسل تُشكّل حلقات متتالية يستكمل بعضها البعض الآخر (ثلاثية «العرّاب» لفرنسيس فورد كوبولا مثلاً)، أو تكون نسخاً إضافية يُمكن مشاهدة كل واحدة منها على حدة، أو من دون أن تكون هناك حاجة لمتابعتها بالتسلسل الزمني لإنجازها («الحديقة الجوراسية»، وإن يحتاج المُشاهد إلى بعض المعطيات لإدراك اللعبة الأساسية منذ بداياتها). سلاسل سينمائية تبلغ حدّاً كبيراً من النجاح التجاريّ (مليارات الدولارات الأميركية)، ويحصل بعضها على نجاح نقديّ يُساهم في مزيد من الترويج الجماهيري لها هنا وهناك، في أصقاع مختلفة من العالم.
التوقّف عند السلاسل السينمائية هذه نابع من حملات ترويج إعلاميّ لـ «حرب النجوم»، إحدى أكثر السلاسل نجاحاً دولياً. ففي 18 كانون الأول 2015، تبدأ العروض التجارية لجزء سابع، يأتي بعد «ثُلاثيّتين»، أي فصلين اثنين يتألّف كلٌّ منهما من 3 حلقات: فصلٌ أول مُنجَزٌ بين العامين 1977 و1983، وفصلٌ ثانٍ (تدور أحداثه قبل زمن أحداث الثلاثية الأولى) مُنجز بين العامين 1999 و2005. الجزء السابع هذا، «حرب النجوم، الحلقة السابعة: يقظة القوّة»، يُشكّل أول حلقة من الثلاثية الثانية. أما ولادة السلسلة، فتتمّ على يديّ جورج لوكاس، الذي يجد نفسه «مضطرّاً» ـ بعد أعوام عديدة على تحقيقه الجزء الأول في العام 1977، بميزانية تساوي 11 مليون دولار أميركي فقط (إيراداته الدولية تبلغ 775 مليوناً و398 ألفاً و700 دولار أميركي) ـ إلى «إعادة» تحقيق أفلام الثلاثية الأولى بتقنيات أحدث وأجدد وأكثر تطوّراً، لأنه لم يستطع تحقيق ما يصبو إليه، حينها.
لا يتّسع المجال هنا لقراءة معمّقة لمضامين الأفلام ونصوصها المكتوبة وعوالمها المُصوّرة بخيال بديع، وحيوية تشويقية محمّلة على مفاهيم أخلاقية وأسئلة حياتية ووجودية وفكرية مختلفة. لكن طرح الموضوع هنا نابعٌ من أن القدرات التقنية الهائلة، الموظَّفة في خدمة السلسلة هذه، معطوفة على مزيد من طرح مفاهيم وأسئلة متنوّعة، تقول عكس ما تفشل سلاسل أخرى في صناعته: الإبداع في المتخيّل المكتوب للقصص أداة وحيدة لنجاح التقنيات الحديثة في صناعة السينما. هذا يعني أن «جمال السينما» يبقى مرتبطاً ببراعة المتخيّل الكتابيّ، معطوفاً على براعة المتخيّل البصري ـ الشكلي.
تقول الأرقام مساراً آخر لـ «حرب النجوم». فالنجاح التجاري الكبير يُفضي، لاحقاً، إلى بيع جورج لوكاس حقوق «الملكية الفكرية» للسلسلة إلى شركة «والت ديزني»، في تشرين الأول 2012، بأكثر من 4 مليارات دولار أميركي بقليل. لن يكون الرقم مثيراً للدهشة، إذا كانت إيرادات الجزء الأول من الثلاثية الثانية «حرب النجوم، الحلقة الأولى: تهديد الشبح» (1999) للوكاس، تبلغ ملياراً و27 مليوناً و44 ألفاً و677 دولار أميركي، هو الذي تبلغ ميزانيته 115 مليون دولار أميركي فقط. علماً أن إعادة عرضه مجدّداً بتقنية الأبعاد الثلاثة في العام 2012 حقِّقت إيرادات دولية بقيمة 533 مليوناً و827 ألفاً و888 دولاراً أميركياً.
جي. جي. أبرامز يُخرج الجزء 7، عن قصّة لجورج لوكاس طبعاً، في حين أن أبرامز ولورنس كاسدان يضعان السيناريو انطلاقاً منها. أما التمثيل، فموزّع على «أبطال» أساسيين يعرفون نجاحاً دولياً بفضل السلسلة، كهاريسون فورد وكاري فيشر، إلى جانب ممثلين «جدد» في السلسلة: جون بوييغا، وديزي ريدلي، وأوسكار إسحاق، وآدام درايفر وغيرهم. تروي القصّة ما يجري بعد 30 عاماً على معركة «إندور» الحاصلة سابقاً. الكوكب معرّض لمزيد من الاعتداءات والتحرّشات. أعضاء «تحالف المتمرّدين»، الذين يُشكّلون «تجمّع المعارضة»، يحاربون بقايا الإمبراطورية الموحَّدة تحت جناح «الأمر الأول». غير أن مقاتلاً «غريباً» يُدعى كيلو رين (درايفر) ـ يبدو متأثّراً بشخصية دارك فيدور، المشهورة في الحلقات السابقة ـ يُطارد أعداء «الأمر الأول» في الكوكب كلّه.
بانتظار إطلاق العروض التجـارية الدولية لـ «يقظة القوّة»، لا يملــك محبّو السلسلة إلاّ الانتظار، وهم كثر يتوزّعون في أنحاء مختلفة من العالم.
——–
السفير

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *