زليخا الأخيرة!


*الشيخ نوح


خاص ( ثقافات )
. وفي هذه اللحظة المصطفاة ؛تدخل الأرض في غيبوبة الصلاة الموسيقية؛ على إيقاع خطوات تلك الأنثى التي أنجبها زواج البخور وأفروديت. إنه موسم الخضرة السخية،موسم الدهشة والنسيان والذوبان، موسم لا يحتفي بالألم والملح، ولا يحتفي به أحد كما احتفى به اثنان: الصحراء؛ ومجابات قلبي الظمئة!
هي الحياة ممزوجة بلون سحري راقص يتجلى دوما في اللحظات الأكثر شبها بنا؛ فنسميه اللامتوقع، وهل اللامتوقع سوى حلم قديم حلمناه ودسه الوقت في جيبه إلى حين؟!..
اللامتوقع هو أحلامنا العتيقة؛ التي عرجت إلى المطلق في حمامات دعاء نسيناها؛ وظلت معلقة ترفرف؛ حتى عادت إلينا مضرجة بزرقة السماء، محمولة على أجنحة الملائكة والشياطين!
كانت الساعة الواحدة عشقا؛ والليل يتثاءب كسكير عاد للتو من الحانة، وكان الزمن يولد من جديد نقيا من هرمه وشيخوخته الأبدية ؛فابتكر لي عمرا جديدا حرصت على الإقتار في إنفاق لحظاته، إن لحظة من ذلك الزمن الآيروسي تعادل دهرا كاملا ومجرة حبلى بالسنين والأمكنة.. نعم الأمكنة مجرد خدعة ذهنية لا تستطيع كبت هذا التدفق العرم.. المكان لا يتحكم في سفرنا في عوالم الموت الشهي، ولا يقدر على كبح هدير البحر الثائر في أعماقنا معا، لا وجود للمسافة إلا حين نخلقها، فالله يخلق الأشياء ونحن نضفي عليها من أوهامنا الأنيقة؛ إلا المسافات والأمكنة ؛فنحن من نخلقها..!
متسربلا بشهوة التفاح مددت أصابع غوايتي فانهارت الشاشة أمام التجاذب المغناطيسي القوي؛ وهنا عصرتُ نهود الغيم حتى انتبذ الوجود وترنحت اللحظات سكرى معلنة قداسا طينيا لا يحضره إلا اثنان ؛تواطئا على اقتراف الصمت المثرثر والخطيئة المقدسة.
نعم هناك في محراب الجسد تشتعل فراشات التماهي بعد ذلك الحدث الكوني الذي لن يتناسل.
هكذا ..وبدون مقدمات يرتبك شرخ السماء؛ وتتباعد ضفتاه لتندلق من رحم الجنة زليخا الأخيرة.
والسؤال الكبير الذي ظل مشتعلا في رأسي هو: أين كنتِ كل هذه السنين التي مضت وكيف قضيتها؟
حقا الحياة محفظة هائلة تكتنز ما يتصور وما ليس.. وما لن..!
______
المصدر: كاتب وشاعر من موريتانيا

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *