محمود الدسوقي
تتجه أنظار العالم خصوصًا المهتمين بعلم الآثار صوب مصر، وتحديدًا نحو “وادي الملوك” بالأقصر، حيث التجربة التي سيجريها عالم المصريات البريطاني نيكولاس ريفز، بشأن دفن الملكة نفرتيتي داخل إحدى الحجرات الخلفية لمقبرة الملك توت عنخ آمون بوادي الملوك بالأقصر، والتحقق من نظرياته التي أطلقها منذ عدة أشهر.
وأكد نيكولاس في مقترح دراسته أن نظريته غير قابلة للتحقق ما لم يتم فحص مدفن توت عنخ آمون ومسحه وتحليله على أرض الواقع، لكشف الأدلة بشأن الممرات المؤدية لما يعتقد أنها الغرفة السرية التي دفنت فيها الملكة نفرتيتي التي عاشت في القرن الـ14 قبل الميلاد.
السيرة الذاتية العلمية لنيكولاس، كما أكد أثريون ، تؤكد أن وادي الملوك ليس غريبا عليه، فهو أول من استخدم الأشعة للكشف عن المقابر غير المعروفة بوادي الملوك.
وقد سبق له أن أوضح أن المنطقة الواقعة على يمين مقبرة توت عنخ آمون تحوي فراغين تم الكشف عنهما فيما بعد، وهي البئر رقم 63 والتجويف الصخري رقم 64.
تجربة نيكولاس اليوم ستكون باستخدام جهاز الرادار “جي بي آر” في التحقق من نظريته على أيدي خبراء يابانيين، والجهاز لن يسبب أي تدمير أو اختراق للجدار، فموجاته الرادارية تخترق جدار المقبرة، وهي من صخر الحجر الجيري، للكشف عن وجود أي فراغ وراء الجدار وتحديد ماهيته بسهولة.
الدكتور أحمد صالح المتخصص في التحنيط أن التجربة اليوم ستكون فريدة ومهمة للكشف عن الآثار بدون الطريقة التقليدية أي الحفر، مضيفا أنه لابد من نقل الحدث على وسائل الإعلام المرئية.
وأوضح صالح أن نيكولاس من المؤمنين بأن مقبرة توت عنخ آمون كانت معدة للملكة نفرتيتي إلا أنه تم تأهيلها للملك توت عنخ آمون، مشيرا إلى أن التجربة مهمة حتى لو لم يتم الكشف عن وجود مقبرة لنفرتيتي.
ويبقى السؤال: هل ما سيجده نيكولاس مقبرة نفرتيتي أم نوعا من الودائع الأثرية النادرة؟ الباحث الأثري فرنسيس أمين أكد أنه غير مؤمن بأنه سيتم الكشف عن مقبرة نفرتيتي في التجربة، مشيرا إلى أن المصريين أطلقوا على نفرتيتي وأخناتون الملاعين والمجرمين، مما يؤكد أنها لم تدفن بحسب التقاليد الفرعونية المعمول بها، مما يجعل وجود مقبرة لها تضاهي مقبرة توت عنخ آمون من المستحيلات.
وأضاف أنه ربما الذي سيتم الكشف عنه هو من نوع ودائع الأساس، مشيرا إلى أن ودائع الأساسات تم وجودها في أكثر من هرم وأكثر من مقبرة وأكثر من معبد، مضيفا أن مقبرة توت عنخ آمون توجد في تجويف صخري مما يجعل وجود مقبرة خلفها في حكم المستحيل لدى بعض الأثريين.
وأشار إلى أن كل مقابر مصر لها ودائع الأساس، وقد تكون ودائع الأساس عبارة عن أدوات من بلطات وأدوات نحاسية تستخدم في قطع الأحجار ونماذج تماثيل أو قطع ذهبية، مضيفا أن أشهر ودائع الأساس الأثري كنز دهشور الذي تم العثور عليه في نهاية القرن التاسع عشر من ودائع الذهب الأساسية بالقرب من ضلع أضلاع الهرم، وتعتبر من حيث دقتها أجمل أدوات الزينة الذهبية في مصر القديمة على الإطلاق.
وقد حفظت في المتحف المصري بالقاهرة كما وجدت ودائع الملكة حتشبسوت في الكرنك خراطيش من الذهب كما عثر على كنز من الفضة وأحجار اللازورد في معبد الطود.
ويبقى السؤال مفتوحا بلا إجابة: هل سيجد نيكولاس مقبرة نفرتيتي التي شغلت العالم لأكثر من قرن من الزمان؟ أم ماذا سيجد؟ هذا ما ستوضحه لنا الساعات المقبلة.
——
بوابة الأهرام