سماح ابراهيم
أكدت التشكيلية الكويتية منى الدويسان رفضها الالتزام والتقيد باتجاه أو أسلوب فني معين؛ حيث إن الفن المعاصر مزيج من مجموعة أساليب واتجاهات.
وأشارت “الدويسان” في حديثها إلى تعاملها أحيانًا مع الأسلوب التجريدي وأحياناً أخرى بالأسلوب التعبيري، كونها تلتزم بالفكرة والموضوع في اختيار الأسلوب.
واستطردت: لاشك في أن الموضوع أو الفكرة في اللوحة هي التي تطرح الاتجاه المطلوب. ففي تجربتي تعاملت كثيرا مع التعبيرية والتلقائية القريبة من فنون الطفل والفنون الفطرية لأصل إلى نوع من البساطة والصدق في التعبير والصراحة في اللون والبساطة في التكوين.
وعن الإبداع في اللوحة وهل هو عمل مخطط له تقول “الدويسان”: بالنسبة للفنون المكتوبة في الآداب والقصص تختلف اختلافاً تاماً عن الأعمال الفنية أو في اللوحة، فالفنان يعتمد على عدة مقومات منها خبرته وتجاربه وأيضاً ثقافته ومعرفته ودرايته بالمدارس التشكيلية والأساليب والاتجاهات والأعمال الإبداعية للفنانين العرب والأجانب.
وتضيف: كما يتعين على الفنان أيضاً أن يشكل إبداعه ضمن المقومات السابقة الذكر. ويلتزم في أسلوبه واتجاهاته في كل تجربة والاستفادة منها في الحذف أو الإضافة، إذن الأسلوب التشكيلي يختلف.
وترى أنه كلما اقترب الفنان للاتجاه الأدبي انخفض إبداعه وتراجع؛ لذلك يجب أن يبتعد الفنان كل البعد عن الأدب والقصص. لافتة إلى أن الفن التشكيلي ليس كالمسرح أو الشعر ولكنه، من وجهة نظرها، أقرب إلى الموسيقى في اللحن والإيقاع.
وتتابع: كما لا أعتقد أن العمل الفني يخرج بتخطيط مسبق من الفنان ولكنه حالة فنية يعيشها الفنان أو فكرة تستثيره ويترجمها من خلال أساليبه وأدواته في الترجمة للوحة.
وفيما يتعلق برؤية “الدويسان” للمشهد التشكيلي العربي عامة والكويتي خاصة قالت: لا شك أن المشهد الكويتي جزء من المشهد التشكيلي العربي.
أما بالنسبة للمشهد العربي أعتقد أنه في أكثر الأقطار العربية في نهاية جيل الرواد وبداية الجيل الجديد، بخاصة من نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين.
وأوضحت: فالرواد الذين ظهروا من منتصف القرن الحادي والعشرين حاولوا تأكيد لغة تشكيلية رسمية للفن العربي من خلال تجارب ناجحة تستحق الإشادة. ولا شك أنهم وضعوا اللبنة الأساسية لمسيرة الفنون التشكيلية ورسموا الخطوط الأساسية أيضاً التي تحمل الأجيال القادمة المسئولية على أكمال هذه المسيرة التي بدأها هؤلاء الرواد.
وأضافت: الوطن العربى هو منبع الحضارات القديمة كالحضارة الفرعونية وحضارة بلاد الرافدين، و أيضاً نعرف وبما لا شك فيه أن الحضارة الإسلامية أعطت للغرب إضافة جديدة خصوصاً في الفن الحديث، وفي الحداثة وما بعد الحداثة، لذلك يتعين على هذا الجيل أن يقدم تجاربه التي تؤكد هذه السمة.
وفي السياق ذاته تقول: ما أراه اليوم في كثير من الأقطار العربية أن هناك تجارب مكررة وذلك من خلال ما شاهدته في البيناليات العربية سواء في الكويت أو على سبيل المثال في القاهرة و دبي والشارقة.
أما في الكويت تؤكد”الدويسان” أن هناك تجارب مبشرة لهذا الجيل الجديد وتنم عن أن الحركة التشكيلية بخير وهي تتماشى مع الحركات الأوربية الأخرى. وهنا تتساءل: هل هناك ملامح تعكس شخصية الفن الغربي؟.
وعن العوامل التي أسهمت في تشكيل تجربتها الإبداعية تقول: بالنسبة لي درست الفن ودرسته لطلابي على مدى عشرين عاماً، ولكن عشقي للفن هو دافعي الأول والأخير.
وتوضح: في البداية أخذت الجانب التطبيقي لفترة طويلة واتجهت للحرف اليدوية في الخزف والمعادن والخشب والديكوباج والأقمشة وذلك بحكم عملي في التدريس. ومما لا شك فيه أن الفن التشكيلي أصبح مفهومه أوسع.
فبعد التقاعد انتقلت تدريجياً على اللوحة التشكيلية في الرسم والتصوير، وبدأت أخطط لنفسي مساراً خاصاً. وكذلك بدأت المشاركة مع زملائي الفنانين محلياً ودولياً في الورش والمعارض.
كما أشارت “الدويسان” إلى معرضها الشخصي الأخير في الكويت، موضحة كونه تجربة مهمة دفعتها للأمام ، على حد تعبيرها، مضيفة: فقد كانت تجربتي تعتمد على التعبيرية و اتجاه الحداثة، وما زلت أتعامل مع هذا الفن بخصوصية لأصل إلى شخصية فنية متميزة.
خلف كل لوحة تكمن حكاية وهنا تكشف “الدويسان” عن اعتمادها في لوحاتها على مخزون ذهني وبصري عميق سكن ورسخ داخلها، مشيرة إلى ما في مخيلتها من القصص والحكايات والأيام التي عاشتها.
وتقول: أنا ابنة ذلك الزمن الجميل، لذلك ارتبطت أعمالي بتراث بلدي الحبيب الكويت، وبواقع مجتمعي الذي عشت فيه وترعرعت. فأنا أجسد من خلال هذه الموضوعات لوحات فنية ليست بطريقة مباشرة وإنما ألتزم بالحداثة وما بعد الحداثة.
كما أركز على التكوين والشكل والأسلوب وأبتعد عن الموضوعات التسجيلية المباشرة؛ لأن الفن إحساس وما أستطيع أن أبرزه في أعمالي ما هو إلا أحاسيس داخلية تعكس التراث والتاريخ بنظرة ذاتية لهما؛ لأصل إلى نوع من البساطة، ونوع من التجريد الذين يخصانني، وشخصية فنية متميزة.
ولا شك أن كل عمل من أعمالي هو عبارة عن لوحة لا تشبه إلا نفسها. وهذا ما أصبو إليه للوصول إلى درجة من دراجات الإبداع.
لكل تشكيلي آلية في تعامله مع الألوان وهنا تقول “الدويسان”: أهتم بالدرجة الأولى في أعمالي باللون مع التركيز على العناصر التشكيلية الأخرى وإبراز الموضوع ببساطة وبرؤية جديدة لها مفهوم فنى غير مفهومها الأصلي.
وأردفت: أبتعد عن التجسيم والأبعاد الثلاثة في العمل. وأؤكد على التجريد حيناً وعلى التعبير في أحيان أخرى كما هو حال لوحاتي. ومن خلال أعمالي، اللون أساس لابراز الفكرة ومكمل لها من خلال التكوينات التجريدية والمساحات اللونية المنتشرة على سطح اللوحة. كما أنني لا أهمل الخط والتكوين والعناصر الأخرى التي تربطني بها ارتباطاً وثيقاً لإبراز هذا التراث وأجعل المتلقي يصل بسهولة إلى الفكرة والإحساس بجمال اللون.
تشير “الدويسان” إلى مصادر أفكارها التي تعُد منطلقات لأعمالها وتقول: أستنبط لوحاتي من واقع المجتمع الذي أعيش فيه وانعكاساته علي، ومن خلال رحلاتي وجولاتي في أرض الله الواسعة، ومشاركاتي في بلادي الحبيبة الكويت وخارجها.
وتؤكد: كل ما حولي يستثيرني، فأجسد الموضوعات بالاستعانة بمخزوني الداخلي والبصري وكذلك الاستفادة من الأساليب العربية والأوربية. كل همي أن أعبر بصدق وإحساس عميق تجاه تلك الموضوعات وأضفى عليها الطابع التراثي الذي يتملكني لأضع بصمتي الشخصية على العمل.
بوابة الأهرام