خاص ( ثقافات )
كُتبت العديد من الدّراسات القيّمة التي تناولت مسألة أهل الكتاب من مختلف الجوانب الدينيّة والفقهيّة وأسباب نزول الآيات بحقّهم، والفرق بين عقائدهم، والمقارنة بين كتبهم، وعلاقتهم مع المسلمين وغيرها.
أمّا الباحث الدكتور عبد الرحمن مرعي، فقد انتهج أسلوباً مغايراً، في كتابه (أهل الكتاب في القرآن الكريم) الصادر في (290 صفحة) عن “الآن ناشرون وموزعون”، إذ تَمحورَ المنطلق الأساسيّ لتأليفه في معاينة الجانب اللغويّ، من خلال التركيز على التسميات والألفاظ التي عبّرت عن السّياقات المتنوّعة التي ذُكرت فيها الآيات القرآنيّة بحقّ أهل الكتاب.
ولتحقيق هذه الغاية، اتّبع الباحث “د.مرعي” أسلوبين: النهج المعجميّ الذي تحرّى جميعَ الألفاظ التي يتناولها القرآن في حديثه عن أهل الكتاب، وتبيان المفردات المتكرّرة في السّياقات التي وُصفت فيها حالتهم.
وقد قسّم الباحث الكتاب إلى خمسة فصول، تناول في الفصل الأول العلاقة بين الدّيانات السّماويّة الثلاث والجمع بينها في القرآن الكريم، والأقليّات في بداية الإسلام، واليهود في الجزيرة العربيّة والأندلس، والعلاقات الإسلاميّة المسيحيّة في بداية الإسلام. وخصص الفصل الثاني لليهود؛ فوثق سيرتهم في القرآن وفصّل تسمياتهم والمسميات ذات الصلة بهم فيه، وتحدث عن تعاملهم مع البعثة المحمدية، وفي الفصل الثالث تحدث الباحث عن النصارى في المنظور الإسلاميّ والتسميات المباشرة لهم والسياقات المباشرة اللغوية والتاريخية التي تدلّل على المسيحيّة، وتناول في الفصل الرابع العلاقة مع أهل الكتاب، ونظرة القرآن إلى اليهود والنصارى والسّياقات العامّة التي ذكروا بها فيه، أما الفصل الخامس فقد بيّن فيه الباحث دور الأنبياء والرّسل في تثبيت الدعوة إلى الله، وأسلوب قصص الأنبياء والرّسل في القرآن، وتحدث عن الأنبياء ذوي الصّلة بأهل الكتاب.
يُعدّ هذا الكتاب دراسة معجمية في السياقات والمفاهيم اللفظية، ومرجعاً مهماً يُضاف إلى المكتبة العربية، ويخاطب الباحث والقارئ العاديّ ويقدّم لكليهما مادّة غنيّة لا غنى عنها.