رسالة سيمون دو بوفوار إلى نلسون آلغرين



*ترجمة: الخضر شودار



خاص ( ثقافات )

حبيبي الرائع الدافئ:
لقد جعلتني أبكي ثانية. لكنها دموع الغبطة بكل شيء يأتي منك. جلست بالطائرة وأخذت أقرأ في الكتاب ثم تمنيت أن أرى خط يدك، وحين نظرتُ في الصفحة الأولى ندمتُ على أني لم أطلب منك أن تكتب أي شيء عليها، ثم ها هي سطور الحب الحانية بخط يدك. حينها مال رأسي على النافذة وبكيت، وتحتي البحر الأزرق الجميل. كان بكائي لذيذا لأنه من الحب، من حبك ومن حبي، منا نحن الاثنين. أنا أحبك. سألني سائق التاكسي: ” هل هو زوجك؟” ، “لا”، قلتُ، ” آ.. صديق؟” وأضاف بشيء من المواساة: ” يبدو عليه الحزن كثيرا” ولم أجد ما أقول سوى: ” يحزننا جدا أن نفترق. لأن باريس بعيدة”. وعندها بدأ يتحدث بطيبة عن باريس.
أنا سعيدة لأنك لم تأتِ معي. كان هناك بشارع ماديسون وكذلك لاغوارديا، أناس أعرفهم، أصوات ووجوه فرنسية، أبشع الأصوات والوجوه الفرنسية، ما كان سيجعل الأمر سيئا حقا. كنت ثملة قليلا، غير قادرة على البكاء لحظتها، لكن ثملة وحسب. ثم أقلعت الطائرة. أعشق الطائرات. أظن أنك حين تكون في ذروة العاطفة، يكون السفر بالطائرة الطريقة المثلى الملائمة لقلبك. حيث الطائرة والحب، السماء و الحزن، و الشوق شيء واحد. كنت أفكر فيك وأتذكر كل شيء بدقة. ثم قرأت في الكتاب الذي أحببته أكثر من الكتاب السابق. ثم احتسينا بعض الويسكي وتناولنا الغداء: دجاج محمّر وآيسكريم بالشوكولا. وتخيّلت أنك ستحب كثيرا المناظر، الغيوم و البحر، الساحل، و الغابات، و القرى – كنا نرى الأرض بوضوح ، و كنتَ ستبتسم بدفء ابتسامتك الطفولية الجميلة.
حين وصلنا فوق نيوفوندلاند، كان وقت ما بعد الظهيرة قد انتهى، والساعة كانت الثالثة بنيويورك. كانت الجزيرة جميلة، شجر السرو والبحيرات مع بقع الثلج هنا وهناك. كنتَ ستحب ذلك أيضا. هبطنا و كان علينا أن ننتظر لساعتين. فأين أنت الآن ؟ ربما بالطائرة. حين تعود إلى بيتنا الصغير، سأكون هناك، مختبئة تحت السرير وفي كل شيء. سأكون دائما معك منذ الآن. بشوارع شيكاغو الحزينة، تحت السقيفة، وبالغرفة الوحيدة. أكون معك، يا حبيبي الوحيد كزوجة عاشقة وزوج عاشق. لن نفيق من هذا الحلم، لأنه ليس حلما، إنه قصة حقيقية رائعة، لا زالت تبدأ. أحس بك معي، وحيثما أكون ، تكون معي. ليس مجرد نظرة وحسب ولكنه كيانك كله. أنا أحبك. ليس هناك ما هو أكثر من ذلك لأقوله. خذني بين ذراعيك لأتشبث بك و أقبلك و تقبلني.
_________-
*مترجم جزائري

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *