يحتل مارتن لوثر كينغ مكانة خاصّة في مخيلة الكثير من الأميركيين، بل وله مكانته في مختلف مناطق العالم. إن اسمه ارتبط في الأذهان بالنضال الذي خاضه خلال حياته كلّها حتى اغتياله من أجل الدفاع عن الحقوق المدنية للأميركيين ذوي الأصول الإفريقية «السود».
وليست قليلة الأصوات التي رددت أنه لو لم يكن هناك مارتن لوثر كينغ ما كان هناك اليوم رئيس أميركي من أصل إفريقي اسمه باراك اوباما. تجدر الإشارة أن «تدشين» النصب التذكاري لمارتن لوثر كينغ لم يتم سوى في عام 2011 ومن قبل باراك اوباما.
وعلى خلفية فكرة مفادها «ليس هناك من بين الشخصيات الشهيرة عالميا من هو أكثر جهلاً به من مارتن لوثر كينغ» تتم محاولة سدّ هذه الثغرة. وهذا ما تريد «سيلفي لوران»، الاختصاصية الفرنسية بالتاريخ الأميركي وحاملة شهادة الدكتوراه في الأدب الأميركي، الباحثة في جامعة هارفارد والأستاذة في كليّة العلوم السياسية بباريس، أن تفعله عبر التعريف بهذا القس الأسود وبمعركة نضاله من أجل الحقوق المدنية للسود وحقهم في المساواة مع بقية المواطنين الأميركيين.
المساهمة المقصودة تجسّدت في كتاب يحمل عنوان «مارتن لوثر كينغ: مسيرة حياة فكرية وسياسية». ومن خلال المحطات الكبرى في حياة المناضل الأميركي «الأسود» تؤرّخ المؤلفة في واقع الأمر للتاريخ الأميركي في أواسط القرن الماضي. وتشرح الآلية التي تمّ الانتقال على أساسها من المطالبة بحقوق السود إلى المطالبة بحقوق الإنسان.
وفي هذه السيرة تحاول المؤلفة، الخبيرة بالتاريخ الأميركي، أن تقدّم ما تسميه «العمق الفكري» و«الصفاء الثوري» اللذين تحلّى بهما «مارتن لوثر كينغ». وبالتوازي مع ذلك ترسم صورة متجددة لمختلف أشكال الظلم والاضطهاد التي ثار ضدها ودفع حياته ثمنا لذلك.
ومما تشرحه المؤلفة بقدر كبير من التفاصيل هو أن معركة مارتن لوثر كينغ ضد التمييز العنصري بمختلف أشكاله بلغت ذروتها في السنوات الأربع الأخيرة من حياته. في تلك الفترة قام بحملته الشهيرة التي أطلق عليها تسمية «حملة الفقراء». وتلك الحملة لم تكتمل ذلك أن حياته انتهت غيلة في ممفيس بتاريخ الرابع من شهر ابريل عام 1968. واثناء تلك الحملة، وتحديدا في 1967 اطلق نوعا من الصرخة التي اثارت يومها الكثير من ردود الفعل في مختلف الاتجاهات.
البيان