خاص ( ثقافات )
صدر عن دار الكتب التابعة لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، كتاب “فرسان وعشاق” وهو عبارة عن دراسات تطبيقية في الأدب المقارن قام بها الدكتور غسان مرتضى.
تحاول الدراسات التي يضمها الكتاب أنّ تناقش بعض النماذج الأدبية التي تكشف عن وحدة التعبير الإنساني، وتشابه أساليب التفكير والتعبير بين بني البشر في مختلف أصقاع الأرض.
ويضم الكتاب مقدمة وأربعة فصول، حيث تحتوي المقدمة على عرض تاريخي يتناول نشأة علم الأدب المقارن، ويكشف النقاب عن أهم مقولاته ومفاهيمه، وتطور نظرياته في القرنين التاسع عشر والعشرين، دون خوض في التفاصيل والجزئيات المتعلقة بأزمنة ووقائع خاصة.
أمّا الفصل الأول “الأدب بين الفردية والشعبية – مدخل نظري” فيحاول الإجابة عن أسئلة أساسية مرتبطة بنظرية الأدب الشعبي، ومن بينها سؤال المصطلحات المتداخلة التي تحتاج إلى بعض الإيضاح، كمصطلحات الفلكلور والأدب الشعبي والتراث الشعبي والأدب العامي والأدب الفردي، ومن بينها أيضاً السؤال عن ماهية الأدب الشعبي وخصائصه، بغية تمييزه من الأدب الفردي، لذا لا بدّ من التوقف عند شخصية المبدع، وطبيعة النوع الأدبي وانتشاره، وتلقيه، ولغة الإبداع والهدف الفني، وتصوير الواقع والمواقف.
ويتناول الفصل الثاني مسألة الأصول الشعبية لفن الملحمة، وملحمية فن السيرة الشعبية، ويتخذ من سيرة البطل الشعبي الملحمي عنترة أنموذجاً للدراسة، ويحاول الكشف عن ملحمية السيرة الشعبية، انطلاقاً من البحث في الأصول الشعبية لفن الملحمة، كما يحاول الإجابة عن أسئلة متعددة أهمها “هل عرف العرب قديماً فن الملحمة؟، وهل السيرة الشعبية مجرد تسمية عربية لما يطلق عليه علماء الأدب ومؤرخوه في الغرب فن الملحمة؟”.
ويناقش الفصل الثالث رواية “حي بن يقظان” التي أبدعها الفيلسوف العربي ابن طفيل في ضوء علم الأدب المقارن، فيتوقف عند التشابه المبالغ فيه، أو المتوهم بين رواية حي بن يقظان” و”مغامرات روبنسون كروزو” لدانييل ديفو، ويحاول الإجابة عن الأسئلة حول تأثير الرواية العربية في الإنكليزية، وهي أسئلة يسوغها تشابه العملين في بعض ملامح الإطار العام وبعض التفاصيل الجزئية، ويسوغها إضافة إلى ذلك سبق رواية ابن طفيل من الناحية الزمنية، وانتقالها إلى بعض اللغات الأوروبية قبل ظهور رواية ديفو وانتشارها.
أمّا الفصل الرابع والأخير فيتناول معنى “ديمومة الحب” بعد الموت، ويدرسه دراسة مقارنية، تأخذ في الاعتبار تشابهات نصوص الشعر العاطفي العالمي في تعبيرها عنه.
لفتت التشابهات التي تشف عنها موضوعات النصوص الأدبية ومعانيها وموافقها وصورها انتباه العلماء منذ زمن طويل، فرأى عدد منهم في هذه التشابهات برهاناً على وحدة المنشأ ونتاجاً للأسطورة الأولى، أسطورة الأجداد الآريين، ورأى علماء آخرون أنها نتاج لمهاجرة النصوص وانتقالها من شعب لآخر، عبر التماس والتواصل الثقافي- الأدبي وعلاقات التأثر والتأثير، في حين رأى طرف ثالث حالة طبيعية من حالات التولد الذاتي، أفضى إليها تماثل الظواهر الروحية الثقافية في المجتمعات الواقفة على مستوى تطور واحد.
وقد شكلت هذه الرؤى المتعددة وما دار حولها من بحوث ودراسات أساس بناء الأدب المقارن، ويأتي هذا الكتاب ليكون لبنة في هذا البناء، فقد حاول الإجابة عن أسئلة أساسية في نظرية الأدب المقارن، كما أنّ أول تساؤل يتبادر ذهن القارئ عندما يسمع، أو يقرأ مصطلح الأدب المقارن هو “ما هو الأدب المقارن؟ ما المقصود به؟ ما تعريفه؟ ومن هو المقارن؟”.
أما أيسر السبل إلى الإجابة على هذه التساؤلات، فهو وضع تعريف جامع يُبيًّن حدود هذا المصطلح، ويكشف ماهيًّته ويوضح ميادينه ومقاصده. لكن تعريف الأدب المقارن يختلف اختلافاً كبيراً عن تعريف مصطلحات كالنحو – مثلاً – أو الصرف أو البلاغة أو الأدب الجاهلي، فقد غدت هذه المصطلحات – عبر تطورها التاريخي – ذات مداليل محددة ودقيقة. في حين ما زال وضع تعريف نهائي لمصطلح الأدب المقارن أمراً صعباً لأسباب متعددة.