من سوق الحكايات !


*ماجد شاهين


خاص ( ثقافات )
( 1 ) 
الوقت ُ الآن ، جديلتان .. و عينان بنيّتان و وجنة نصف ضاحكة و شفة ناعسة !
.. الوقت الآن في مؤشّر حضورك : نوم ٌ يفترب من الساعة السابعة والعشرين بعد منتصف الغياب .
.. الوقت الآن نافذة نصف مطفأة و ما يلزم من صبر ٍ لعطش ٍ مباغت ٍ و سعال خفيف من وراء الجدار لامرأة هناك فقدت ريقها ، والوقت ُ صرير ُ قفل ٍ في باب عتبق ٍ أوصده ( خبّاز ) راح إلى فرن ٍ يعجن فيه خبز الناس وحكابات تعبهم .
..
الوقت الآن ، تطلب ُ الشمسُ أن تنام ساعة أخرى قبل أن تخرج من حجرتها !
( 2 )
قد نحبس العصفور في قفص لغايات الحفاظ عليه أو لضرورات 
” تزيين ” المكان و شدّ انتباه الناس إلى أنّنا نعتني بالطيور ونربّيها / نقتنيها في منازلنا .
… أعرف أشخاصاً يقتنون العصافير و يجمّلون أقفاصها ، و حين يجلب أحدهم الماء للعصفور أو يضع الماء في القفص ليسقى الطائر الصغير ، يحمل الماء متكدّرا ً و تقطيبته تملأ وجهه و يمد ّ وعاء الماء و يصرخ في العصفور ويقول له :
” اشرب ، يلعن أبوك ” !
.. هكذا يحدث في كثير ٍ من قصص الحياة .
( 3 ) 
.. أبحث عن مفردة لا ترتدي فستان سهرة خياليّا ً لغايات جلب انتباه الراقصين ، و أرغب في صوغ مفردات تسير في الشارع بلا حذاء حين يكون الأمر طارئا ً ! 
.. أريد الكلام ، مثلنا ، يجلس إلى الرصيف و يعرف المقاهي و يمشي في الشارع ، وحين يختزن ملامح الناس يروح فيفرد حروفه على الورق .
.. الكلام الذي لا يشبهنا ، لا ينفع أن نقوله أو نكتبه .
( 4 ) 
لم تَـرُقْ لي البرتقالة ولم ينجح البائع الجميل في مفاوضتي لكي أتناولها ، كنت طرحت عليه أن أحكي له قصة أو جزءاً من سيرة التعب و أسردها هنا جوار برتقالاته و صناديق التفاح !
تململ و تلكأ في الإجابة أو القبول ، وسأل : و ماذا تريد لقاء ذلك ، ماذا ستنال لقاء حكاية يوميّة وسيرة و أوراق من دفتر الذاكرة ؟ 
قلت : لا أسعى إلى حصد جائزة ثمينة ، قد أكتفي منك بـــ ِ رأس قرنبيط ! 
كأنما هزّة أو صعقة ضربت رأسه ، لم يصدّق أنني أكتفي بالقرنبيط و ربّما بلا قرنبيط ، فالمهمّ أن نأخذ الحكاية إلى الناس لكي لا تنمحي الملامح .
.. رمى البائع ( حبّات الفاكهة ) من بين يديه و أعادها إلى صناديقها و سمعته يتمتم ويقول : كأنك مجنون ، أتكتفي بلا شيء !
دخل إلى حيث القرنبيط و جلب رأسا ً أو ثنتين و ناولني إيّاها و قال : خذ قرنبيطاتك و اذهب ولا تقرأ هنا سيرتك لكي لا تشغل أوقات المشترين و تربك الفاكهة .
)تلك كانت حكاية قبل سنة و لا أدرى أتناولت قرنبيطاً حينها أم لا ، لكن ّ بطني ، حتى الآن ، مضطربة وتؤلمني ) .
( 5 ) 
على سبيل ِ الطموح ِ ، مثلا ً ، أحلم ُ أن أسافر إلى مدينة فيها عنب ٌ كثير و ماء و فاكهة للروح ، رفقة صديق ٍ أو اثنين ، نركب 
( عربة ً / حنطورا ً ) يقودها أو يجرّها حمار عفي ّ يكتم الأسرار .. و أما نرى أنّه تعبَ أو اقترب من التعب و أنهكته المسافة ، نتوقف و ننزل من العربة ِ و نقتعد مكاناً قريبا ً من طريق ٍ ترابيّة يحفّها الزرع و الشجر ، ولا صوت فيها سوى لطيور وعصافير جميلة ! 
نقتعد أرضا ً طريّة و نحرّر الحمار من حبال و أخشاب الحنطور ، و نطعمه ما يتيسّر أو ما ينفعه من زرع و فاكهة و قد نسرد هناك الحكايا .
على سبيل ِ الطموح ، و تكريس حالة ٍ يوميّة ، مثلا ً ، أقترب الآن من الذهاب في النوم و إليه .. لعلّني أن أصحو بعدما أكون حلمت بقصّة تشبه الرحلة و بدرب ٍ لا تنقصها الماء ولا يغيب عنها الطير ولا يتوه فيها الأصدقاء .
على سبيل الطموح ِ ، مثلا ً ، أسعى إلى نوم ٍ يتّسع لــ ِ حلم بالغ الدهشة !
أسعى إلى حلم كأنه الحقيقة ، رغم ان ّ الحقائق مُختَلَف ٌ عليها و عندها .
( 6 ) 
في ما يخص ّ الحكاية .. أرجأت ُ جملَتَها الأولى ، ريثما ترجعين من البحر !
.. أريد ُ نصّا ً بماء البحر و زرقة السماء .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *